مرزوق يراقب الوضع العربي المتدهور على المستوى الرسمي ويشاهد العدوان الأميركي البريطاني على أرض الرافدين ويراقب عملية الضغط على وسائل الإعلام العربية لمنعها من نقل ما يجري على أهلنا في العراق، وبدأ يتساءل عن الانقلابات التي حدثت خلال الفترة الماضية.
المخيمات التي أنشأتها منظمات الغوث الإنساني على الحدود الأردنية العراقية فارغة ولم يلجأ ولا حتى شخص عراقي واحد هربا من الصواريخ الأميركية. بل وعلى العكس من ذلك، فإن آلاف العراقيين الذين يعملون في الأردن ومعهم نساء وكبار سن رجعوا الى العراق للدفاع عن أرضهم في مواجهة الغزو...
عملية استشهادية في النجف، في المدينة التي انتفضت في العام 1991 ضد النظام، في المدينة التي سحقت عشرات السنين وظلمت واعتقل أهلها على يد النظام العراقي... في هذه المدينة بالذات تحدث عملية استشهادية ضد الأميركان، بل ويصدر علماء الدين فيها فتاوى تحرم التعامل مع الغزاة وتدعو إلى الجهاد ضدهم... كيف يفهم المرء هذه الأمور؟
القيادة العراقية التي قاربت من الانتهاء قبيل الحرب خرجت صلبة ومعاندة وعنيدة تتحدى كل كلمة يقولها بوش الصغير بن بوش الكبير...
حملة الحرب الأميركية البريطانية أطلقوا عليها اسم «الصدمة والرعب» على أساس أن العراقيين سيصمدون وسيرتعبون خوفا وسيسقط النظام.
الصدمة كانت على أميركا وبريطانيا والرعب يدب في قلوب الأميركان وغير الأميركان بدرجات أكبر مما يدب في قلوب العراقيين...
وسائل الإعلام الغربية (الأميركية والبريطانية) لا تنقل إلا وجهة نظر واحدة خاضعة للرقيب العسكري، أما وسائل الإعلام العربية فتنقل وجهتي النظر... تماما عكس ما كان الوضع عليه قبل الحرب.
فرنسا التي استعمرت عددا من البلدان العربية واضطهدت تلك البلدان واحتقرت ثقافتها، أصبحت اليوم ترفع الهم العربي أكثر من العرب أنفسهم... لمصلحتها ربما، ولكن مصلحتها في هذه الفترة دفعها إلى التعرف على العرب والدفاع عنهم، بينما يرفض العرب الدفاع عن أنفسهم...
انقلابات كثيرة على جميع المستويات تحدث يوميا ومرزوق يراقبها مع أصحابه، ويتساءل:
مرزوق: هل هذه الانقلابات سمة العصر المقبل؟
صديق مرزوق: إنها سمة العصر الماضي، ولكنها كانت تحدث تحت السطح، أما الآن فلم يعد لدينا سطح أو سقف...
مرزوق: وماذا تقصد بأنه ليس لدينا سقف ولا سطح؟
صديق مرزوق: في الماضي كان لدينا سيادة ولدينا كلمة شبه مسموعة، وعلى رغم أنها غير محترمة، إلا أن هناك من يستمع إليها... أما الآن فكلامنا غير مسموع ولا يوجد من يود الاستماع إلينا...
مرزوق: ولكن أميركا لا تستمع لأية دولة، فلا يمكن أن تلوم العرب...
صديق مرزوق: العرب بدأوا بعدم الاستماع لبعضهم بعضا، وتعاونوا ضد بعضهم بعضا ، وقاتلوا بعضهم بعضا، فتجاهلتهم أميركا كلهم... ولكن عندما أراد آخرون الاستماع إلى العرب كانت أصواتهم خفتت ودفنوا رؤوسهم في الرمال إلى ما لا نهاية...
مرزوق: إذن...
صديق مرزوق: إذن حدث الانقلاب النفسي والاجتماعي وأصبح الشعب المقهور هو القاهر، وأصبح الحاكم الظالم هو المظلوم من ظالم أكبر منه...
مرزوق: نسأل الله حسن العاقبة... فإليه ترجع الأمور كلها
إقرأ أيضا لـ "حظك يا مرزوق"العدد 207 - الإثنين 31 مارس 2003م الموافق 27 محرم 1424هـ