أصدرت المحكمة المدنية صباح أمس حكما قضائيا بإبطال قرار وزير الصحة خليل حسن بشأن تحديد رسوم الفحص الطبي في العيادات الخاصة التابعة للاستشاريين العاملين في مجمع السلمانية الطبي، ووضع تسعيرة توافق عليها الوزارة بشأن العمليات البسيطة التي يجرونها في عياداتهم الأمر الذي اعتبره بعض الاستشاريين بمثابة فتح «صفحة جديدة» في علاقتهم مع وزارة الصحة.
ويتوقع أن يصدر تجمع أطباء وزارة الصحة الاستشاريين العاملين في الطب الخاص اليوم بيانا ينقلون فيه ارتياحهم ورأيهم الخاص بشأن قرار المحكمة.
وفي الوقت نفسه، أكد عدد من الاستشاريين في حديثهم إلى «الوسط» أن هدفهم لم يكن يرتكز على الطعن في القرار الذي أصدره وزير الصحة في السابق والذي يقضي بتحديد رسوم الفحص الطبي أو العمليات في العيادات الخاصة، بقدر ما كان هدفهم هو «الدفاع عن حقهم في مناقشة القرارات الوزارية قبل صدورها».
فيما توقع عدد آخر منهم أن يكون هذا الحكم القضائي «فاتحة خير» تنهي الخلاف القائم بين الاستشاريين وبين الوزارة ما يفتح المجال للعمل في جو مريح بين الأطباء.
وفي المقابل، لم تتمكن «الوسط» من الحصول على أي تعليق من وكيل وزارة الصحة عبدالعزيز حمزة على رغم محاولاتها المتكررة للتحدث معه.
الوسط - ندى الوادي
أصدرت المحكمة الكبرى المدنية برئاسة القاضي عدنان هزيم الشامسي حكما قضائيا أمس يقضي بإبطال قرار وزير الصحة بشأن تحديد رسوم الفحص الطبي والعمليات البسيطة في العيادات الخاصة اعتمادا على عدم ورود نص هذا القرار في قانون مزاولة المهنة إذ لا يعطي القانون وزير الصحة الحق في تحديد رسوم الفحص أو الاستشارة الطبية.
وقد وصف مصدر قانوني المدة التي استغرقتها الدعوى القضائية بأنها «قياسية» إذ صدر الحكم فيها بعد ثلاثة شهور فقط من رفع الدعوى، الأمر الذي لا يتكرر كثيرا في أحكام القرارات الإدارية.
وفي الوقت نفسه، بين المصدر أن من حق الشئون القانونية في وزارة الصحة - وهي الطرف الثاني في القضية - أن تستأنف الحكم الصادر ضدها.
وكان وزير الصحة قد أصدر قرارا يقضي بتحديد رسوم الفحص في عيادات الاستشاريين العاملين في مجمع السلمانية الطبي، وحدد هذه الرسوم بعشرة دنانير فقط للزيارة الواحدة. كما أرسل حملات تفتيشية متعددة لمراقبة التزام العيادات بالرسوم المفروضة من الوزارة، الأمر الذي أثار حفيظة الاستشاريين الذين أبدوا اعتراضهم على سلسلة من القرارات التي أصدرها الوزير، ما دفعهم لإقامة تجمع خاص لهم، إضافة إلى رفع قضية وخصوصا في المحكمة المدنية للطعن في قرار وزير الصحة القاضي بتحديد رسوم الفحص الطبي والعمليات البسيطة التي يجرونها في العيادات الخاصة.
واشتمل الحكم القضائي - الذي أصدرته الغرفة الإدارية في المحكمة الكبرى المدنية - على إبطال فقرتين في مواد القرارات التي أصدرها وزير الصحة، الأولى كانت تلزم الأطباء بتحديد رسوم الاستشارة الطبية في عياداتهم، والثانية كانت تلزم الأطباء بوضع تسعيرة توافق عليها وزارة الصحة بشأن العمليات البسيطة التي يجرونها في عياداتهم الخاصة، إذ حكمت المحكمة ببطلان هاتين المادتين، وبالتالي إلغاؤهما تماما.
وفيما لم يفضل الاستشاريون الذين تحدثت «الوسط» إليهم إيراد أسمائهم، عبّر أحد استشاريي جراحة العظام عن رأيه في حكم المحكمة بأنه «إحقاق للحق والعدالة الأمر الذي يدلل على وجود قضاء عادل ونزيه في البحرين». لكنه أشار في حديثه أن هدف تجمع الاستشاريين كان الدفاع عن مبدأ معين وهو الحرص على إصدار القرارات الوزارية بطريقة مدروسة وعادلة وليس الحصول على أي مكسب مالي جراء رفع الرسوم. مضيفا أن الاستشاريين كانوا يقومون بتحديد رسوم الفحص بينهم وتحت مظلة جمعية الأطباء، إلا أنه «بعد تهميش دور الجمعية أخيرا تقلصت الكثير من المهمات التي قامت بها».
وبين الاستشاري أن الحوار أمر أساسي في العمل بين الأفراد، مشيرا إلى أنهم لم يكونوا يودون الوقوف في هذا الموقف أمام الوزارة، إلا أن الظروف دفعتهم إلى ذلك.
وفي الوقت الذي أوضح فيه أنه يعتبر هذا الحكم القضائي «درسا» للجميع في كيفية اتخاذ القرارات التي تخص شريحة كبيرة من العاملين في قطاع معين، إذ يجب أن يؤخذ رأيهم فيها، أشار إلى أن الاستشاريين يضعون مصلحة المواطن فوق أي اعتبار، وأنهم يسعون إلى خدمة المرضى في النهاية.
كما أن أحد استشاريي الجراحة العامة، أبدى ارتياحه من الحكم القضائي، معتبرا إياه «نهاية لمرحلة الخلاف بين الاستشاريين وبين وزارة الصحة تبدأ بعدها مرحلة العمل والعطاء». وأشار إلى أن الأطباء كانوا «مضطرين» للاتجاه إلى القضاء للفصل في الخلاف الدائر بينهم وبين الوزارة، مؤكدا أن الخلاف «لم يكن شخصيا» ضد الوزير، وإنما هو تأكيد على مبادئ معينة للحرية والديمقراطية في العمل داخل الوزارة. وتمنى أن يكون الحكم القضائي نهاية للخلاف «لتعود المياه إلى مجاريها» معتبرا إياه «مكسبا للجميع».
ومن جانب آخر عبر استشاري في الأمراض الباطنية عن رضاه عن الحكم القضائي، مبينا أنهم باعتبارهم استشاريين كانوا مؤمنين بعدم صواب قرار تحديد الرسوم في العيادات الخاصة وقد لجأوا إلى القضاء ليفصل في هذا القرار. مشيرا إلى أنه يأمل في أن يكون هذا الحكم القضائي «بداية للتآخي بين الوزارة والأطباء والتراجع عن قرارات تنظيمية أخرى قد لا تخدم قطاعات طبية كبيرة وبالتالي تؤثر على خدمة المرضى التي هي الأهم».
استشاري آخر أكد أنهم - بصفتهم استشاريين - لم يكونوا يريدون الوصول إلى هذا المستوى من التصادم مع الوزارة أمام القضاء، خصوصا أن هذه المشكلة وضعتهم في موقف محرج بدوا فيه وكأنهم «جشعون» يسعون إلى زيادة أرباحهم. غير أن المشكلة ـ برأيه ـ كمنت في التخبط في وزارة الصحة، والذي دفع إلى اتخاذ قرارات سريعة من دون حوار مع الطرف الآخر. وأكد أن الخلاف بينهم في النهاية ليس خلافا شخصيا وإنما هو خلاف لصالح خدمة المرضى
العدد 207 - الإثنين 31 مارس 2003م الموافق 27 محرم 1424هـ