العدد 205 - السبت 29 مارس 2003م الموافق 25 محرم 1424هـ

علينا الاستثمار من أجل مستقبل البحرين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ألقت الحرب الإنجلو - أميركية على العراق بظلالها على منطقتنا وبدأنا مرحلة جديدة ليس لنا علم بما تؤول إليه الحوادث، ولا علم للأميركان بالشيء الذي دخلوا فيه معتقدين إمكان احتلال العراق وتحويله إلى بلد يحكم على النموذج الأميركي.

الحرب تؤخر برامج الاستثمار، وهذه طبيعة الحروب التي تأتي على الخير والشر في المنطقة التي تحلّ فيها. ولكن هذا يجب ألا يمنعنا من التفكير بجدية من أجل مستقبل البحرين. فمهما كان الأمر ومهما كانت الظروف يجب علينا أن نفكر في مستقبل البحرين من الناحية الاقتصادية. وكثير من البلدان استثمرت في الماضي في تنمية اقتصاداتها على رغم وجود حروب مدمرة حولها وذلك استعدادا لفترة ما بعد الحرب. والبحرين لا يسعها إلا أن تكون في مقدمة الذين يتطلعون إلى مستقبل أفضل، وذلك لأن أوضاعنا السياسية خلال عشرين السنة الماضية أثّرت كثيرا على موقع البحرين الذي كان يتقدم على غيرها. فبسبب تغليب الاعتبارات الأمنية تأخرنا عن غيرنا.

وحاليا تفرض علينا الإدارة الأميركية حربها في المنطقة، وهي حرب هدفها استراتيجي يسعى للهيمنة السياسية والاقتصادية على الشرق الأوسط، ولكن بغض النظر عن ذلك فإن البحرين لها مقوماتها الاقتصادية ويجب أن تستعد بهذه المقومات من أجل مواجهة ظروف المستقبل مهما كانت هذه الظروف.

ولعل التحدي الأكبر هو تحديد الوجهة الاقتصادية وتنفيذ عدد من البرامج الإصلاحية التي طال انتظارها. وقد بدأت عجلة الإصلاح الاقتصادي مع اعلان بدء الخصخصة وفتح باب التنافس في قطاع الاتصالات، وثم بعد ذلك ستبدأ العملية في قطاع الطاقة.

ولكن الخصخصة وفتح أبواب المنافسة يتطلبان أيضا رعاية الأيدي العاملة والخبرات البحرينية. فالبحريني الذين يحصل على عمل في إحدى الوزارات أو في إحدى الشركات الكبرى مثل بابكو، ألبا وسابقا بتلكو وغيرها، يشعر بالاستقرار الوظيفي ولذلك فإن نقل الوظائف إلى القطاع الخاص الخاضع للتنافس يعني بالنسبة إلى البحريني خسرانه الاستقرار الوظيفي. فالقطاع التنافسي سيلجأ إلى استخدام الأجنبي لعدة أسباب، منها رخص تلك الأيدي، ولكن الأهم من ذلك الرخص (لأن كثيرا من تلك الموارد ليست رخيصة أبدا) هو أن صاحب العمل يودّ الحصول على الطاعة والقدرة على التخلص من الموظف أو العامل متى ما شاء ذلك، للمحافظة على الموقع التنافسي.

وعلى هذا الأساس طرحت الورشتان التي أدارهما سمو ولي العهد مطلع هذا العام أفكارا أساسية تتمحور حول ضرورة معالجة سوق العمل بحيث يتم تقريب ظروف العمل بين الأجنبي والبحريني، ومثل هذا الأمر يحتاج إلى خطوات تدريجية لكي يتجه البحريني إلى تشغيل الأيدي العاملة البحرينية وتطوير الخبرات المحلية.

ومن الضروري أن يتم ذلك ضمن خطة وطنية شاملة تشترك في إعدادها مختلف الشرائح المهمة في المجتمع لكي تنهض البحرين ضمن إجماع وطني عام وليس كما هو حاصل حاليا، إذ تتحرك الأجهزة المختلفة ضمن اتجاهات غير منسقة في كثير من الأحيان.

ولدعم الخطة الوطنية فإننا بحاجة إلى تدشين مواردنا المالية الاستثمارية بصورة أفضل، والاقتداء باخواننا الخليجيين الذين نجحوا في توظيف أموال التأمينات الاجتماعية وأموال القاصرين وغيرها من الصناديق العامة من أجل خدمة الاقتصاد الوطني.

الكويتيون لديهم تجربة ناجحة في الاستثمار وكذلك أبوظبي ودبي، وهؤلاء يستفيدون كثيرا من صناديق التأمينات الاجتماعية ومن الأموال المتوافرة وطنيا لدعم مشروعات استثمارية تخدم الاقتصاد الوطني.

والبحرين كذلك لديها خبرة ناجحة عندما أسست شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) في مطلع السبعينات واستطاعت أن تشغّل أيدي عاملة بحرينية كثيرة وأن تطور خبراتنا المحلية باستثمار أولي بدأ في حدود 500 مليون دولار. والآن تطلب ألبا قرضا للاستثمار في التوسعة يقدر بـ 1,700 مليون دولار، ولكن السؤال الذي يجب أن نجيب عليه هو: ما عدد الأيدي العاملة والخبرات التي ستنتجها هذه الاستثمارات الجديدة والكبيرة؟

ولدينا أيضا التجربة الناجحة في قطاع البتروكيماويات وهذه التجربة يمكن الاستفادة منها على المستوى الأكبر وأن نفكر جميعا في خلق قطاعات صناعية خفيفة تعتمد على الألمنيوم وعلى البتروكيماويات.

فالامتداد العمودي في هذه الصناعات سيستوعب أيدي عاملة أكثر من الامتداد الأفقي في هذه المرحلة.

إننا بحاجة إلى توظيف أموال صندوقي التقاعد بفرعيهما البحرينيين بما يخدم اقتصاد البلد فالتأمينات الاجتماعية التي تشرف على أموال العاملين في القطاع الخاص وصندوق التقاعد الذي يشرف على أموال العاملين في الحكومة لديهما من الأموال ما يكفي لتشييد خطة استثمارية وطنية خاضعة للشفافية وبعيدة عن أية ممارسات تثير الشبهات. وكذلك أموال القاصرين والأمانات الموجودة لدى وزارة العدل يمكن أيضا تدشينها في الخطة الوطنية تماما كما تفعل الكويت وأبوظبي وغيرهما. ويمكننا أن نحدد نوعية الاستثمارات عبر استشارة العقول البحرينية وعبر طرح ثقافة جديدة تضمن للمستثمر مساندة الجميع له من أجل الكسب الحلال ومن أجل تنمية اقتصاد البلاد.

إننا نعيش في مرحلة تتطلب المزيد من الجدية لمعالجة القضايا العالقة والتي تقلق الشارع البحريني بسبب تأخر هذه البرامج الإصلاحية الاقتصادية وما لم نكن واضحين إلى أي اتجاه نتوجه وكيف سندير استثماراتنا ومن يديرها فإننا قد نخسر فرصا أخرى تتوافر أمامنا باستمرار

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 205 - السبت 29 مارس 2003م الموافق 25 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً