العدد 203 - الخميس 27 مارس 2003م الموافق 23 محرم 1424هـ

الصدمة والرعب في الصحف الأميركية

يوم أسود للقوات الأميركية في العراق، إذ ضاعت آمال واشنطن في أن تلقى القوات الحليفة الترحيب، باعتبارها قوات تحرير، أدراج الرياح. هذا لسان حال الصحف الأميركية التي لاحظت ان الوضع بعد اليوم الرابع من الحرب الأميركية ـ البريطانية طغت عليه أنباء الهزائم المتتالية لقوات الغزو على الجبهة البرية وصور الجنود القتلى والأسرى التي نقلتها شاشات التلفزة، إلى جانب توالي الأنباء عن تحطم الطائرات الحربية وسقوطها. كما طغت على كل التطورات الميدانية الأخرى المتمثلة في استمرار الغارات الجوية والصاروخية الوحشية على المدن العراقية وخصوصا العاصمة بغداد. لكن التطورات الميدانية دفعت المحللين إلى التساؤل عما ينتظر الأميركيين والبريطانيين في معركة بغداد، التي تأكد ان الرئيس العراقي صدام حسين والقيادة العراقية حشدت لها كل إمكاناتها وفي مقدمتها فرق الحرس الجمهوري الأكثر تدريبا وجهوزية في العراق، علما بأن مصادر عسكرية غربية أعلنت ان القوات الأميركية والبريطانية باتت على مسافة مئة كيلومتر من بغداد.

وأشار مركز الدراسات والأبحاث الجيوسياسية «غلوبل انتلجنس» من خلال موقعه على الإنترنت، إلى ان الوحدة الأولى من المارينز انسحبت من العمليات التي تحيط بالبصرة وحقول النفط جنوب العراق، تاركة هذه المهمة للقوات البريطانية ولبعض القوات الأميركية. وأضاف ان الوحدة تتقدم الآن نحو (شرق وغرب) العراق، معتبرا ذلك مؤشرا على ان قوات المارينز تريد تجنب جولة أخرى من القتال العنيف حول نهر دجلة. فهناك ينتشر عدد من وحدات الجيش العراقي والحرس الجمهوري على نهر دجلة. وربما تحاول قوات المارينز أن تسلك طريقا تواجه فيه مقاومة أقل. ورأى الموقع ان هذا الأمر سيسمح للقوات العراقية الموجودة شمال البصرة بإعادة الانتشار بحيث تصبح أهدافا سهلة للضربات الجوية الأميركية.

وبدت الصدمة واضحة في الصحف الأميركية، فاعتبرت افتتاحية «واشنطن بوست»، ان يوم الأحد كان يوما مؤلما للأميركيين والبريطانيين، والأكثر كلفة بالنسبة إلى الجيش الأميركي منذ حرب الخليج الأولى. فالأمة الأميركية شهدت تباعا سقوط طائرة بريطانية بصاروخ أميركي، وأسرى أميركيين، وجثث عرضتها الكاميرات التلفزيونية، وسقوط طائرة مروحية في أفغانستان. ورأت ان ما من طريقة لمعرفة كيف ستؤثر هذه التقارير الإعلامية التي بثت تباعا على الدعم الشعبي الأميركي للحرب وعلى استقبال الجنرالات لدى عودتهم أبطالا. ولفتت إلى ان الحرب مازالت في يومها السادس وهذا يعني انه من المتوقع وقوع المزيد من الخسائر، إلا ان القوات الأميركية مازالت مستمرة في إحراز تقدم سريع باتجاه تحقيق أهدافها.

ولفتت الصحيفة إلى ان بعض أقارب القتلى والأسرى سمعوا النبأ المروع عبر الـ «سي.إن.إن» مشيرة إلى ان والد أحد القتلى الأميركيين قال ان «الناس أعربوا لي عن أسفهم، ولكن كلمات الأسف لا تستطيع أن تمحو ألمي». وخلصت إلى القول انه سيكون هناك المزيد من القتلى، والكلمات التي ستلقى إكراما للذين وهبوا حياتهم. إلا ان الكلمات الأهم هي كلمات تحقيق النصر وتأكيد الالتزام بإعادة إعمار العراق.

وإذ اعتبرت «نيويورك تايمز»، في مقالها الافتتاحي، ان مهمة إلحاق الهزيمة بالجيش العراقي والسيطرة على بغداد وإبقاء بقية المناطق تحت السيطرة تبدو مرعبة، ذكرت انه في الأيام الأولى للحرب شاهدنا عراقيين يرحبون بالأميركيين والبريطانيين كقوات تحرير، أما اليوم فقد بدأنا نلاحظ ان المرحبين قد يكونوا جنودا عراقيين متخفين في ثياب مدنية، كما بدأنا نشاهد قوات التحالف تطلق النار ليس فقط على الأعداء وإنما على بعضها بعضا. وأضافت ان أسوأ المواجهات التي وقعت خلال نهاية الأسبوع كانت في مدينة الناصرية، إذ قتل عدد من الأميركيين وأُسر عدد آخر. ورأت انه يبدو من الصور ان بعض الجنود أعدم من قبل الجيش العراقي، معتبرة انه إذا صح هذا الأمر فإنه يعتبر خرقا لمواثيق الحرب. كما رأت ان الأيام القليلة المقبلة ستثبت ما إذا كان قرار إرسال قوات برية قليلة العدد نسبيا مدعومة بالقوات الجوية هو قرار حكيم أم لا. وخلصت «نيويورك تايمز» إلى القول ان الحرب الحقيقية والفعلية بدأت للتو.

ولاحظ تقرير للـ «واشنطن بوست»، عن العمليات، ان الجيش العراقي استخدم الحيلة والكمائن وغيرها من تكتيكات حرب العصابات، الأمر الذي عرقل استراتيجية الحرب السريعة التي أعدها البنتاغون وألحق مجموعة من الخسائر في صفوف الأميركيين، ورأت ان هذا الأمر أثار سؤالا عن مدى فاعلية المحاولة الأميركية إقناع الجيش العراقي والمدنيين بأن إزاحة صدام هو أمر محتم. واعتبرت ان صور القتلى والأسرى الأميركيين أثارت بعض الشكوك عن الافتراضات الأميركية بأن الجنود الأميركيين سيستقبلون كمحررين

العدد 203 - الخميس 27 مارس 2003م الموافق 23 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً