العدد 2237 - الإثنين 20 أكتوبر 2008م الموافق 19 شوال 1429هـ

أهل السودان يتنادون لحل أزمة دارفور

ابراهيم خالد ibrahim.khalid [at] alwasatnews.com

تجاهل الإعلام الغربي والعربي مضمون «مبادرة أهل السودان» لحل أزمة دارفور وركّز في تغطيته للحدث على مقاطعة الملتقى من قبل حفنة لا تمثل ثقلا كبيرا في الواقع السوداني، وقد يستغرب القارئ إذا أوضحنا له أنّ حجم القوى السياسية التي استجابت للمبادرة يبلغ ثلاثين جهة سياسية في مقدمتها حزب الأمّة والاتحادي الديمقراطي وهما الحزبان اللذان تمتعا بالغالبية في انتخابات العام 1985 الديمقراطية في حين يبلغ عدد مَنْ قاطع ثلاثة فقط على رأسهم حزب حسن الترابي «المؤتمر الشعبي» بالطبع.

تعودنا في الإعلام العربي أنْ نحكم على الأشياء بصورة متسرعة من دون أن نسبر في غور الموضوع وننتظر حتى تتبلور الصورة كاملة وعندها فالعبرة بالنتائج. ولدينا مثل في السودان يقول إن هناك من «لا يرحم ولا يخلي رحمة الله تنزل»؛ أي لا يعجبه العجب ويُعارض كلّ شيء فيما لا يقدّم هو أيّ بديل أو يبادر لتقديم حل أو رأي.

ومن الجدير ذكره أنّ انطلاق «مبادرة أهل السودان» يوم الخميس الماضي بحضور عربي وإفريقي كبير تزامن مع صدور قرار من الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية دعت فيه الإدعاء إلى تقديم مواد إضافية لدعم بعض الجوانب السرية من الطلب الذي يلتمس فيه إصدار أمر بالقبض على الرئيس السوداني عُمر البشير؛ وحددت الدائرة لذلك موعدا أقصاه يوم 17 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

كما وردت تسريبات تقول إنّ مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اكامبو يعتزم تقديم قضية في غضون أسابيع لتوجيه اتهامات لبعض قادة التمرد المتهمين بمهاجمة قوات حفظ السلام في دارفور، وثانية تقول إنّ المحققين بالمحكمة الجنائية الدولية اقروا بوجود أوجه قصور في أسلوب تعامل المحكمة مع جرائم دارفور، وثالثة في الخرطوم ترجح أنْ يصدر عفو رئاسي عن المحكومين في قضية أحداث امدرمان التي تورّطت فيها «حركة العدل والمساواة» المتمردة بزعامة خليل إبراهيم، وأن الأخير أجرى اتصالات مع قطر صاحبة المبادرة العربية الإفريقية. وكل هذا يوضح أن هناك مناخا دوليا ومحليا يدعم سبل إنجاح هذه المبادرة ولعلها تفلح في تحقيق الغرض.

أوضح الناطق باسم «مبادرة أهل السودان» وزير الصناعة جلال يوسف الدقير أنّ المشاركين في الملتقى يعملون بذهن وقلب مفتوح وإنّه ليست هنالك أية موادّ أو حلول محددة مسبقا. وقال: إنّ المؤتمرين يمثلون إجماع القوى السياسية وأنه تم توجيه الدعوة إلي 33 حزبا استجاب منهم ثلاثون حزبا، مجددا الدعوة لبقية القوى السياسية للحاق بالملتقى خصوصا أن حصيلته تمثل مسار قضية دارفور وترفد المبادرة العربية الإفريقية في الدوحة.

واستطرد الناطق قائلا: إنّ «النداء لا يزال موجها إلي إخوتنا في الداخل الذين اختاروا النأي عن الملتقى» وأضاف أنّ الملتقى سيراعي مطالب الحركات المسلحة في دارفور لتقريب وجهات النظر واصفا هذه الحركات بأنها الحاضر الغائب ووجهة نظرهم مستصحبة تماما في الملتقى معربا عن أمله في أنْ يتم اللقاء المباشر معهم في الدوحة.

وبشأن التباين في أراء أبناء دارفور قال الدقير: إنّ المعلومات المتوافرة لديه بصفة حزبية تؤكّد أنّ هنالك ملتقى لأبناء دارفور في الداخل والخارج سيعقد قريبا قبل مؤتمر الدوحة بجهد دارفوري بحت وتمويل من بعض رجال الأعمال في دارفور وهذا سيحقق الدعم؛ لأنه يصب في إيجاد حل لمشكلة دارفور.

ومما يزيد الملتقي زخما أنه وافق على تكوين هيئة رئاسية برئاسة البشير وعضوية كلّ من الرؤساء السودانيين السابقين عبدالرحمن سوار الذهب، أحمد الميرغني، الصادق المهدي، والجزولي دفع الله. وتضم نوّاب ومساعدي رئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت وعلي عثمان محمد طه ومني اركو مناوي، ونافع علي نافع، وموسي محمد أحمد. وإذا لم تنجح رئاسة تضم كل هؤلاء الخيّرين من أبناء الوطن فعلى الدنيا السلام.

ومن المقرر أنْ يستمر عمل اللجان السبع التي شكّلها الملتقي خلال الفترة من 21-25 أكتوبر/ تشرين الأوّل الجاري وتتم صياغة تقاريرها يومي 26 - 27 من الشهر نفسه على أنْ تكون الجلسة الختامية للملتقى يومي 28 و29 أكتوبر في الخرطوم وعندها يمكن الحديث لمن أراد.

وغير بعيد عن هذا الملف، نشرت صحيفة في الخرطوم يوم السبت الموافق 18 الجاري تقريرا صدر في لاهاي يوم الجمعة الماضي أقرّ فيه محققون في المحكمة الجنائية الدولية بوجود أوجه قصور عديدة في أسلوب تعامل المحكمة مع جرائم دارفور.

وأكّد المحققون بحسب تقرير مؤسسة الحرب والسلام الدولية ومقرها لندن أنهم أرسلوا إلى السودان ودفعوا على عجل للتحقيق حول فظائع ارتكبت في دارفور قبل أنْ يمنحوا الوقت الكافي لدراسة وتحليل الوثائق التي جمعت حول هذه الفظائع والجرائم. وقال المحققون السابقون: إن التحقيق عن هذه القضايا يحتاج إلى عمل كبير وتحليلات في الداخل قبل الشروع في العمل الميداني.

وأشاروا في هذا الصدد إلى أنّ أسلوب إجراء المقابلات مع ضحايا العنف الجنسي يجب ألا يكون من بين أساليب وخطط المحققين. فهل يعد ذلك بمثابة الوصول لقمّة الهرم وبالتالي نتوقع أنْ تشهد الأيام المقبلة ما يبشر بحدوث انفراجة في التهم الموجّهة للبشير تسهم في إنجاح «مبادرة أهل السودان»؟

إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"

العدد 2237 - الإثنين 20 أكتوبر 2008م الموافق 19 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً