يورد فريد زكريا في مقالة له نشرت حديثا في الـ ( Newyork Times)، الآتي :«يستشهد دونالد رامسفيلد غالبا بعبارة من عبارات «آل كابوني»... وهذا يكشف ان الفلسفة التي تقود العالم اليوم متأتية من أحاديث الشوارع لرجل عصابات من شيكاغو».
ما يطرحه زكريا ليس ضربا من التحامل على السياسة الأميركية التي دخلت مرحلة الغيبوبة والإنعزال عما يدور في محيط السياسة الدولية بل وحتى الداخل الأميركي... بمعنى الذهاب طويلا في طرق لن تقود الا الى مزيد من الكوارث التي سيتقاسم الشعب الأميركي نتائجها مع ضحايا المؤسسة السياسية الأميركية على مستوى الدول والشعوب. وحين تصدر مثل تلك المقولة على لسان كاتب بحجم زكريا الذي تربطه علاقات بعدد من رموز المؤسسة السياسية الأميركية، فإن ذلك يكشف عن حالات من التراجع في القناعات بجدوى وفاعلية هذا الهوس الذي يكاد يحول هذا الكوكب الى أثر بعد عين.
ما أريد قوله هنا... ان ثمة حالات من الرفض «الكوني» ببشره وأشيائه ومنطقه تجاه العجرفة الأميركية التي هي في طريقها الى تأميم الإرادات والمصائر والتربع على تلة خراب وعظام ودماء ضحايا يكاد يضيق بهم هذا الكوكب.
والا ما الذي يدفع رئيسا أميركيا أسبق كـجيمي كارتر، إلى كتابة الآتي في أحد مقالاته: «تصميمنا الظاهر للعيان على شن حرب على العراق من دون دعم دولي هو خرق للمبادئ الدينية الأولية ولاحترام القانون الدولي ولتحالفات نجمت عنها قرارات حكيمة».
النص لرئيس يعيش مرحلة من التكفير عن قائمة طويلة من الأخطاء ... نص لا علاقة له برمز ديني من العالم الثالث يعيش حالا من الاحتقان ورد الفعل تجاه الفلتان السياسي والأخلاقي التي تمعن أميركا في تكريسه عبر تعاطيها مع الأزمات التي تنشأ هنا وهناك. وليس من الاستعراض بمكان أن يتهدّج صوت مفكر قومي عربي كـ «معن بشور» حين يشير في أحد مقالاته: «نحن لسنا إزاء نظام عالمي جديد، انما نحن إزاء فوضى عالمية منظمة».
قراءة للرؤى الثلاث، رؤية زكريا وكارتر وبشور، تحملنا على الوقوف على الآتي: ان طبيعة ما يسود العالم اليوم من سياسات تسير بفعل وتحريض من «الأمزجة» ضمن حالات البحث عن القوة وهي ضالعة في الضعف... وعن التميز وهي تدفع بنفسها نحو مربع الكيان المجهول عبر نقمة دولية تمتد من الماء الى الماء... وعن الإنجاز وهي تمعن في عطالتها الأخلاقية.
هل نحن بصدد قوة نظام يتبنى شريعة المافيا؟
جعفر الجمري
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 203 - الخميس 27 مارس 2003م الموافق 23 محرم 1424هـ