محمد زعيتر شاب سوري في السابعة عشرة من العمر. واحد من عشرة شبان متقاربين في العمر، يعيشون في حي جنوب دمشق، ناقشوا التطوع للقتال الى جانب العراقيين في مواجهة «الحرب الظالمة» التي تشنها أميركا على العراق، وقرروا السعي إلى ذلك، كما يقول محمد.
ويتحدث شبان سوريون في دمشق ومناطق أخرى عن ضرورة حمل السلاح الى جانب العراقيين في الحرب، غير ان بعض الاهالي يذِّكرون هؤلاء الشباب، بأن الواقع لا يسمح للذين لم يتلقوا منهم تدريبا عسكريا بالذهاب الى العراق والمشاركة في الدفاع عنه، ويضيفون أن مشكلة العراق في حربه الحالية، لا تكمن في نقص الرجال والمقاتلين، بل في المستوى الضعيف لقدراته العسكرية والتكتيكية مقارنة بقوة مهاجميه، وكلاهما يجعل من ذهاب المتطوعين السوريين من دون فائدة عملية، وقد يصبح عالة على العراقيين في ظل الظروف الراهنة، كما يقول علي أبوحسين الذي راجع احد ابنائه السفارة العراقية في دمشق للسفر متطوعا الى العراق، فوعدوه خيرا، وطلبوا ان يراجعهم مع جواز سفره لاحقا.
وحماس الشبان السوريين ورغبتهم في الانتصار للعراق ضد العدوان، كان وراء انطلاق التظاهرة الاولى في مخيم فلسطين الذي يسكنه بصورة مشتركة سوريون وفلسطينيون يعيشون في سورية فور إعلان بدء الحرب فجر الخميس الماضي، إذ ردد المتظاهرون هتافات معادية للولايات المتحدة و«إسرائيل»، حاملين اعلام العراق وصارخين «بالروح... بالدم نفديك يا عراق»، ومثلها كانت الهتافات في تظاهرة طلاب في جامعة دمشق التي انطلقت في منطقة البرامكة في اليوم الاول للحرب للتعبير عن موقفهم.
غير أن حماس الشبان السوريين، تصاعد مع استمرار اجواء الحرب، واندفع مشاركون منهم في اعتصام نظمته جماعات سياسية معارضة ومنظمات اهلية سورية امام المفوضية الأوروبية بدمشق الى الصدام مع رجال الأمن بعد ان منع الأخيرون الشبان من التوجه نحو السفارة الاميركية في حي أبورمانة وسط دمشق، ما ادى الى وقوع عدد من الجرحى من رجال الأمن والمتظاهرين، كما جرى اعتقال بعض المتظاهرين، ونقل عن مصادر امنية في دمشق انه سيتم اطلاق سراحهم سريعا.
وإذا كانت التظاهرات كسرت رتابة الحياة اليومية في دمشق، ووضعت حدا للقلق المكتوم واسئلة الخوف على العراق، فقد حدثت تظاهرات مماثلة في مدن سورية اخرى بينها الرقة وحمص، وترافق مع التظاهرات توزيع بيانات تدعو إلى الوقوف الى جانب العراق، بينها بيان التجمع الوطني الديمقراطي الذي يضم احزاب المعارضة السورية من الاتجاهات القومية واليسارية، وبيان لجان احياء المجتمع المدني، وبيانات لجان نصرة العراق وفلسطين في دمشق ومدن اخرى.
وأكد بيان لجان احياء المجتمع المدني، ان سقوط اول صاروخ أميركي على بغداد أسقط ما تبقى من النظام العربي القائم، كما أسقط أوهام الحكام وسياساتهم «التي استبعدت شعوبهم من السياسة والشأن العام، وأضعفت مجتمعاتهم، وأوهنت حس الحرية والانتماء الوطني في نفوس بناتها وأبنائها». وطالب البيان الحكام «العمل على إقامة وضع بديل، فيه خلاصهم قبل خلاص شعوبهم، وإلا تحملوا مسئولية ما سيجري، وهو يهدد الأمة كلها بأفظع الأخطار، ولم يتركوا لشعوبهم غير الثورة عليهم، لأن خلاصها منهم سيكون عندئذ شرط قدرتها على المقاومة وإنقاذ الوطن!» عبر تحرير «طاقات الشعب» واطلاق «المعتقلين السياسيين» وتبني «نهج حوار ومشاركة وتكامل مع الشعب ومجابهة مع العدو الأميركي الصهيوني»، وإغلاق «سفارات أميركا وبريطانيا وإسبانيا في بلداننا».
السوريون في مناهضة الحرب ونصرة العراقيين، انما يناهضون الحرب التي يمكن ان تقع عليهم لاحقا او على أي بلد عربي، كما قال احد نشطاء العمل العام في سورية. واضاف: قائمة الحرب في المنطقة تشمل سورية ولبنان وايران والسعودية ومصر وبلدان اخرى، وهي ان بدأت بالحرب «الاسرائيلية» الدموية على الفلسطينيين، فإن فصلها الثاني هو الحرب على العراق، وستأتي بقية الفصول تباعا اذ لم نستطع أن نرد تلك الحرب ونفشل أهدافها
العدد 199 - الأحد 23 مارس 2003م الموافق 19 محرم 1424هـ