«ان تبريرات واشنطن الحالية للهجوم على العراق ذات صدقية أقل كثيرا مما سبق في عهد بوش الأب... إنها تشكل خطرا على الأميركيين أكثر بكثير من الأعداء المتصورين».

ورد ذلك على لسان المفكر الأميركي نعوم تشومسكي في قراءته للمنعطف السياسي الخطير الذي سلكته الحكومة الأميركية بُعيْد هجمات 11 سبتمبر/ايلول... وهي قراءة مثلت صدمة لدوائر القرار السياسي في الداخل الأميركي، كونها توقعت أن تجئ رؤية تشومسكي هذه المرة مغايرة وعلى اتفاق وتصالح مع الرؤية الرسمية الأميركية فيما يتعلق بملف الإرهاب ومنطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد بعد «زلزالي» نيويورك وواشنطن... لتفاجأ تلك الدوائر بأن رؤية تشومسكي تصل إلى نتيجة يلتقي فيها مع رؤية قسم كبير من العالم «يجب أن نعي أن قسما كبيرا من العالم يعتبر واشنطن نظام حكم ارهابي»... ويأتي التقاؤه مع الرؤية تلك من خلال مسح للإرهاب الأميركي مارسته بدم بارد في كل من اليابان وكوريا الشمالية وفيتنام وكمبوديا، المسح أجراه مع جيف سيمون، اذ انه بين عامي 1952 و1973 وفي تقدير معتدل، قتلت أميركا زهاء عشرة ملايين صيني وكوري وفيتنامي ولاوسي وكمبودي ويشير أحد التقديرات الى مقتل مليوني كوري شمالي في الحرب الكورية. فيما يشير الراهب الفيتنامي «ثيتش ثين هاو» انه بحلول منتصف العام 1963 سببت حرب فيتنام مقتل 160 ألف شخص وتعذيب وتشويه 700 ألف واغتصاب 31 ألف إمرأة ونزعت أحشاء 3000 شخص وهم احياء واحرق 4000 حتى الموت. ناهيك عن الجرائم التي ارتكبت في حرب الخليج الثانية والنتائج التي تمخضت عنها جرائم الحصارالذي رفعت لواءه أميركا.

لتأتي المذكرة المفتوحة التي تقدم بها 13000 أستاذ جامعي أميركي، يدعونه فيها الى وقف شن الحرب على العراق... لتوحي لنا بأن زمن «صناعة الموافقة» ولى من التاريخ الأميركي... ويلحظ ذلك من خلال اللاءات المجلجلة التي صرح بها أكثر من 52 في المئة من الشعب الأميركي رفضا لحال السعار الذي انتاب صقور البيت الأبيض.

لعل من أهم فقرات المذكرة تلك ما أورده هنا حرفيا: يجب علينا أن نعارض الظلم الذي يتم باسمنا... ولهذا ندعو جميع الأميركيين الى مقاومة الحرب التي تستعد حكومتنا - وعلى المكشوف - لشنها على العراق. ذلك البلد الذي ثبت أن ليس له صلة بالفظائع التي ارتكبت في 11 سبتمبر 2001.

أي نوع من العالم سنعيش فيه إذا كانت الإدارة الأميركية تملك شيكا على بياض لإنزال قوات كوماندوز وفرق اغتيالات في أي مكان من هذا العالم تريد أن تتوجه إليه؟