العدد 195 - الأربعاء 19 مارس 2003م الموافق 15 محرم 1424هـ

«الهيد- فون» والأشرطة اللاصقة وسيلتان يعتمدهما العراقيون لمواجهة ظروف الحرب

مع ازدياد احساس العراقيين باقتراب موعد نشوب الحرب الأميركية على بلادهم تسارع استعدادهم لمواجهة ما تفرضه هذه الحرب من متطلبات... وعلى رغم ان احتراق عائلة عراقية بالكامل في بغداد نتيجة تخزينها البنزين قد انعكس في تقليص عدد الراغبين في تخزين هذه المادة السريعة الاشتعال في منازلهم خوفا من مخاطرها، فإن بعضهم استمر في تخزين البنزين، وان اعتمد طريقة مبتكرة في تخزينه اثر شيوع حادث احتراق العائلة المكونة من خمسة أفراد نتيجة اشتعال البنزين. ويقول ميسر داوود - أحد سكان منطقة العامرية في جانب الكرخ من بغداد - انه خزن كمية تتجاوز المئتي لتر، بعد أن وضع هذه اللترات في عدة عبوات بلاستيكية تتراوح سعة كل منها ما بين 50 لتر و10 لترات، وقام بدفنها في حديقة منزله في مناطق الظل، وفي الطين. ويبرر ميسر تخزينه مثل هذه الكمية بسبب تجربة حرب 1991 التي برزت فيها شحة البنزين وبالتالي صعوبة التنقل. ويقول انه ربما اضطر أثناء الحرب المقبلة إلى أن يترك (مع عائلته) بغداد إلى مدينة أخرى.

وعلى عكس حرب العام 1991 لم تترك حاليا العوائل البغدادية العاصمة كما فعلت سابقا. إلا قلة منها. ويقول محمد يالجين انه ذهب بعائلته إلى مدينة كركوك وانه سيلتحق بها حال اندلاع الحرب. أما كاظم جواد من سكنة حي الفرات فيقول انه سيترك هو وعائلته بغداد إلى مدينة النجف عند اقربائه قبل اندلاع الحرب بوقت.

غير أن معظم سكان بغداد لا يرغبون في ترك منازلهم ومغادرة مدينتهم. ويوضح عبدالخالق باسم «تظل بغداد أكثر أمانا، فخلال حرب 1991 ساد بغداد الأمن والطمأنينة فيما تعرضت مدن عراقية كثيرة للفوضى وعدم الاستقرار». ويشعر معظم البغداديين بصواب هذا الرأي... وهم يعتقدون أن تركهم حاليا لمنازلهم ربما يجعلها عرضة للسلب. ويتشبث البغداديون بضرورة وجودهم في مدينتهم بسبب شعورهم أن مدينتهم هي الأكثر استهدافا في الحرب الوشيكة. ويقول عبدالجبار عطية من سكنة حي البنوك في جانب الرصافة من بغداد، انه غير مستعد لترك عاصمة بلاده مهما كانت الظروف، لأنه يريد الدفاع عنها في مواجهة الغزاة والطامعين. ويشارك بغداديون كثيرون عبدالجبار شعوره هذا.

وتبدي كريمة محسن - أم لأربعة أطفال أكبرهم أربعة عشر عاما - قلقها مما قد يصيب أطفالها بانهيار عصبي أو أمراض أخرى نتيجة فزعهم من دوي القنابل والصواريخ والانفجارات، وتقول «كل ما أخشاه تعرض أحدهم للإصابة بمرض السكري بسبب هول المفاجأة من أصوات الانفجارات. وتضيف بابتسامة: «لقد اتفقنا أنا وزوجي أن نشتري هيد فون لكل واحد منهم وآلة تسجيل وكاسيتات».

ويؤكد حكيم الحديثي - صاحب محل بيع أجهزة كهربائية - أنه في الأيام الماضية ازداد الاقبال المنقطع النظير على أجهزة الراديو الصغيرة التي تعمل على البطاريات الصغيرة الجافة، فضلا عن المسجلات الصغيرة المصحوبة بهيد فون.

ويقول أحمد مصطفى صاحب محل تسجيلات «إن الإقبال تزايد على نحو ملحوظ على كاسيتات التسجيلات الصوتية وعزوف عن أقراص الفيديو السي دي».

ومن بين السلع التي لقيت رواجا خلال هذه الأيام الأشرطة اللاصقة والنايلون، إذ بدأت الكثير من العوائل العراقية بشراء كميات من الأشرطة اللاصقة العريضة بهدف وضعها على زجاج النوافذ الذي يمكن أن يتعرض للتهشم والتكسر نتيجة قوة القصف الذي تحدثه الصواريخ والقنابل والانفجارات الحادثة عن بعد. وقامت بعض العوائل بتغليف نوافذ غرفة أو أكثر في المنزل بالنايلون وكذلك الأبواب لتصبح هذه الغرف مؤمنة لأغراض استخدام العائلة لها أثناء التعرض لأسلحة نووية أو كيماوية ولاسيما أن هناك شعورا متزايدا لدى العراقيين من أن الجيش الأميركي قد يستخدم أسلحة نووية (كما تهدد بذلك أميركا) أو قذائف من اليورانيوم المنضب كما حصل في حرب الخليج الثانية. وتقول نوال ناطق: «لقد هيأت غرفة في الطابق الأرضي من منزلي، وأغلقت نوافذها بالنايلون والأشرطة اللاصقة، ووفرت كمية من الأغذية والماء فيها يكفي لمدة ثلاثة أيام، فضلا عن تلفزيون يعمل بالبطارية الجافة، ومسجل لكل واحد من أولادي مزود بهيد فون، فضلا عن بعض الأدوية الضرورية بما فيها الحبوب المهدئة، في محاولة لتهدئتهم، مع مصباح يعمل بالبطارية ومصحف».

هذا وبدأ التلفزيون العراقي بتقديم برامج ارشادية بخصوص تأمين مستلزمات الدفاع المدني والوقاية من الحروق أو التعرض للغازات السامة وما إلى ذلك

العدد 195 - الأربعاء 19 مارس 2003م الموافق 15 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً