العدد 193 - الإثنين 17 مارس 2003م الموافق 13 محرم 1424هـ

هل تتحول وزاراتنا إلى وزارات جباية؟

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

ليس من المبالغة في شيء عندما نقول ان المواطن البحريني يأخذ راتبه الشهري من جهةٍ ليسلمه للجهة الأخرى... فجميع الوزارات تكاد تكون ذاتية الموازنة بفضل تلك الرسوم التي تؤخد من فم المواطن فضلا عن جيبه، كل معاملة وراءها مبلغ نقدي، أصبحت كل الأوراق ذات قيمة نقدية ففي كل وزارة يوجد فيها أماكن للدفع ابتداء من فتح الباب (ادفع) إلى إجراء جميع المعاملات!!!

وتأتي المفارقة الكبرى بيننا وبين اشقائنا في الخليج، فالبحرين تعتبر من أكثر الدول الخليجية غلاء وارتفاعا في بيع المواد الاستهلاكية التي يحتاجها المواطن... حتى بات ذلك محل تساؤل لدى حتى الخليجيين فالكثير منهم يتساءل: «لماذا كل هذا الغلاء؟... ولماذا كل هذه الرسوم؟».

أجبت بعضهم ساخرا: هل تعلمون لماذا؟ لأن راتب المواطن البحريني العادي يفوق راتب الوزير الخليجي ضعفين!

بالطبع إدارة المرور والترخيص هي إدارة تمثل حالة خاصة، ففي اليوم الذي يمر على الإدارة من دون فرض رسوم اضافية جديدة على معاملة هنا أو هناك ربما كل الإدارة تصاب بالحمى لأن إدارة المرور مصابة بهوس رفع الرسوم بالتقطير المخيف وبهدوء تام «ولا من شاف ولا من درى» وإذا بك تفاجأ بمعاملة كانت مثلا تنجز بـ 11 دينارا وإذا بها تتحول في عشية وضحاها إلى 15 دينارا والمواطن الغلبان ما عليه إلا أن يدفع، فقد أصبح المواطن وعلى خدمات بسيطة يدفع الأموال وليت وراءها مقابل بحجم هذه الرسوم التي تؤخذ، العدادات تلاحقك في كل مكان وكأنها أعواد ومشانق منصوبة فأما الدفع أو تستصدر ضدك مخالفة وقوف مقدارها 5 دنانير. رخصة السياقة عليها ضريبة، التسجيل عليه ضريبة، تبديل، إعادة إصدار بدل فاقد و... لو كنت مكان هذه الإدارات لطرحت بلا مواربة تقديم الراتب أفضل من فرض كل هذه الرسوم، وبالطبع كل ذلك يعمل على زيادة الاحتقانات التي لا تزيلها تلك التصريحات الصحافية.

ما نريد قوله: يجب على المؤسسات الرقابية أن تجعل حدا لظاهرة الرسوم المتفاقمة في وزاراتنا «الرشيدة» فالكثير من المواطنين الغلابه ليس لهم دور إلا تقديم رواتبهم لهذه الوزارات وهذا أمر لا يمكن السكون عليه وبدأت الوزارات تتعلم من بعضها والقطاع العام أصبح قدوة للقطاع الخاص.

حتى على مستوى المواد الغذائية الاستهلاكية بدأت ترتفع هنا وهناك بلا رقيب، فالكل يستغل بساط ة المواطن البحريني وغفلته إلى درجة ان العملية بقدر ما هي مربحة راح بعض الموظفين الآسيويين «الكيشر» هم أيضا يستغلون عدم انتباه الزبون فيرفعون المبلغ بعد تسجيل المشتريات وما على البحريني إلا الدفع. حقيقة نحن نعيش في عالم السرعة وحتى في الشراء المشبوه يجب أن تتحالف مؤسسات المجتمع المدني مع الجمعيات السياسية مع النقابات والصحف... في ايصال معاناة المواطن جراء مثل هذه الرسوم فلربما يكون هناك حد لذلك بدلا من التفضل على المواطن على شفط بلاعة هناك أو هناك وخصوصا بعد خصخصة النظافة.

هناك طبعا مفارقة كبيرة بين الرسوم والضرائب التي تؤخذ في البحرين والضرائب التي تؤخذ في دولنا الخليجية، وقد نقدّر بأنها تزيد عليهم بخمسة أضعاف المبلغ في بعض المواضع فضلا عن انعدامها في مواضع أخرى كثيرة في مثل هذه الدول، فالرسوم التي تأخذها وزارات الخليج قليلة مع خدمات كثيرة وكبيرة والعكس هنا... كما يدفع المواطن هنا لوزارة البلديات و«الزراعة»... أموالا كثيرة حتى على أكياس البلاستيك لكن كم تنجز الوزارة؟ قامت بخصخصة النظافة فبدأت النظافة في خبر كان... تقطيع الأشجار وإزالة المساحات الخضراء في ازدياد وهكذا... وزارة الأشغال يدفع لها وفي المقابل... فقط افتح ملف القرى ويكفيك فضاعة ذلك الاهمال الرسمي لهذه القرى المنكوبة وشوارع مضى على بعضها 30 عاما من غير تبديل اللهم إلا إذا كانت شوارع تقود إلى منزل وكيل أو وزير.

إدارة الهجرة والجوازات هي من الإدارات التي طالما فازت بكأس البطولة في رفع الرسوم على طريقة لا من شاف ولا من درى أو بالأحرى المواطن يدفع رسوما يريد مقابلها خدمات لا تصريحات صحافية.

وزارة الاسكان... كم هو حجم فوائد القروض التي تستلها من روح المواطن؟ كل هذه الضرائب تعمل بالضغط على ضمير المواطن البحريني وفي بداية كل عام يوصي المواطنون بالتقشف وشد الحزام!

لو أن كل وزارة حدت من ظواهر الفساد المالي والإداري لديها لما احتاجت إلى كل هذه الضرائب، ولكن المشكلة أن العلاقات بين بعض الوزراء أو الوكلاء مازالت تحكم طبيعة مسار مثل هذه الوزارات حتى أصحبت على حساب حتى الشفافية...

لقد قمت بالاتصال إلى قناتنا الفضائية البحرينية في مداخلة تلفزيونية إلى الوزير محمد علي الستري مسائلا اياه على بعض الإشكالات العالقة في أداء الوزارة فأجاب بإجابات تطمينية ولكن إلى الآن لم يتحقق منها شيء فمنها مثلا:

- سؤالي عن رمز من رموز الفساد في قطاع الزراعة للوزارة إذ مازالت تصلنا باعتبارنا صحافة الكثير من الإشكالات من قبل مسئولين وموظفين عن مصير بعض هؤلاء ويبقى السؤال: الوزير وعد بإعادة الهيكلة وتعميق الشفافية وهذا ما سينتظره الجميع.

أسئلة كانت متعددة وكثيرة أجاب عنها الوزير بإجابات هي خالية من لغة الأرقام والتفصيل ووعد الوزير عبر التلفزيون أن يكون هناك تصحيح.

لا أعلم لماذا يشعر المراقب في أكثر من موقع أن كثيرا من المواقع المتنفذة في عالمنا لعربي تعطى على قدر الثقة لا على قدر المؤهل وتكون النهاية ضعفا في الأداء ما يضعف أداء المؤسسات ويكون على حساب حتى فاعلية ونتاجية مثل هذه المؤسسات وهذا ما يلحظ لدى بعض مؤسساتنا. السؤال يبقى: هل المنصب تكليف أم تشريف؟

إن مشكلة هذه الرسوم انها تعمل على ازدياد الهوة بين الفقراء والأغنياء بل وتزيد الناس ابتعادا عن مؤسساتنا الرسمية وتشعرهم في كثير من الأحيان أنها مؤسسات خلقت للجباية والشفط واللم والتكويش وليس لخدمة المواطن. هل ينتبه المسئول إلى ذلك؟ ربما وهذا ما يمتناه المواطن

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 193 - الإثنين 17 مارس 2003م الموافق 13 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً