العدد 191 - السبت 15 مارس 2003م الموافق 11 محرم 1424هـ

القطيف - حسن المصطفى

«الرادود»... بوصفه نجما

«النجم» و«النجومية»، و«الكارزما» ذات التأثير على عامة الجمهور، وما يحدثه هذا «النجم» من جدل، بل ما يحدث بسببه من «خصومة» و«عداوة»، كل تلك المفردات حاضرة وبقوة في «العزاء الحسيني»، وتحديدا في عالم «الرواديد الحسينيين»، الذين يشكلون نقطة ارتكاز هذه الظاهرة.

البعض يتصور أن ظاهرة النجم تقتصر على «الغناء» أو «الرياضة» أو «السينما» أو «المسرح»... من دون أن تطول «العزاء» لأن هذا الأخير يرتبط بالدين وبقضية تحمل همّا «رساليا»، لا ترجو من أجله «جزاء ولا شكورا»، لذلك ـ وفق هذا التصور ـ فإن «الرادود» يقدم ما يقدم من مشاركات «ابتغاء مرضاة الله»، وبوصفه «خادما لمأتم الحسين(ع)».

إن ارتباط «المقدس» بظاهرة «النجم» في العزاء، هو ما يزيدها تعقيدا، كون هذا المقدس يتداخل مع «الظاهرة/النجم»، والتي هي سلوك بشري تجاه أفراد يمتلكون صفات تكون محببة إلى الذات، ويشكلون «قدوة» و«مثلا أعلى» للذات المُحَبة إليهم.

ظاهرة «النجم» في العزاء، لا تختلف عن مثيلاتها في: الغناء، والرياضة، والسينما، والمسرح...، والعوامل ذاتها التي تصنع النجم هنا، هي التي تصنعه هناك. والطريقة التي يتعامل معها المعجبون واحدة لا تختلف إلا في تفاصيل صغيرة جدا.

لو حاولنا أن نعقد مقارنة ـ مع الفارق طبعا ـ بين «النجم» في «العزاء» و«الغناء»، نلحظ: أن كليهما يعتمدان على الصوت بشكل أساس، من حيث جماله، وقدرة «النجم» على ابتكار الألحان، ومدى قوة أدائه من ضعفها، ومقدرته على التأثير على الجمهور وجعلهم يتفاعلون معه، وتتمايل أجسادهم يمنة ويسرة. في الغناء سيكون هنالك «الرقص المحرم» المرتبط بما يثير من شهوة وغرائز. وفي العزاء، سيكون للجسد حركته، تبعا لما يثير اللحن من حماسة ويحركه من عاطفة.

في الغناء، تجد صور «الفنان/الفنانة» على أغلفة «الكاسيت» و«الأسطوانات»، وبأشكال مختلفة، وتجد هذه الصور معلقة في غرف «المحبين» من «شباب وصبايا»، وتجد هذه الصور في «السيارة»، أو «محفظة النقود»، لتذكر المعجب/ـة بنجمهما المفضل دائما. والأمر ذاته بدأ يظهر في عالم «الرواديد الحسينيين»، لتجد صورا مختلفة وبأشكال وتسريحات متنوعة تغلف «الكاسيتات» و«الأسطوانات»، ويتداولها المعجبون.

في كلتا الحالتين، سيهتم المعجبون بلباس النجم، وأسلوبه في المشي، وطريقة حديثه، ونوع تسريحته، وأسلوبه في الكلام... ليبدأ المعجبون بتقليد «النجم/القدوة»، في سيطرة لا شعورية لسلوكيات النجم على سلوكيات معجبيه.

بفضل هذا النجم، ستقع الكثير من «الصبايا» في محبته، ليكون مثالا لـ «فارس الأحلام»، وبالمثل سيقع «الشباب» في عشق «النجمة»، لتكون «بثينة» التي ينتظرها «جميل»، وليشكل «النجم» مقياس شريك/ـة العمر.

سيقع الكثير في «غرام» و«هيام»، وستكتب حروف اسمه الأولى، بجوار «قلب» أحمر، لدى من يفيض بهم «الوجد»، فيما المتّزِنُون من «المعجبين» سيكتفون بإشهار حبهم من دون أن يمارسوا «مراهقته» المفرطة.

«النجم» سيكون منشأ تباين وفرقة، كأن ينشب بسببه خلاف بين صديق وآخر، وبين أخ وأخيه، لأن لكل واحد نجمه المفضل، الذي لا يدانيه في الفضل أحد. وهذا «القطب الأوحد» سيخلق حوله تكتلا، ما يبرح أن يتحول إلى تحزب وتعصب يرفض أن يحل أي أحد مكانه، ليبقى هو نجمه المفضل فقط، لأنه «التبر»، وما سواه محض «غبار»

العدد 191 - السبت 15 مارس 2003م الموافق 11 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً