ما أجمل السيد حسن نصرالله وهو يدعو المسلمين إلى نبذ كل تلك الخلافات المذهبية جانبا والتفرغ إلى تلك المؤامرات التي تحاك ضد الأمة. لقد دعا في يوم العاشر إلى تقوية العلاقة بين المسلمين سنة وشيعة، وانتقد بشدة قناة «المستقلة» لما تبثه من نعرات طائفية، بل راح يفتح أفقا معرفيا آخر وهو الدعوة إلى ازالة بعض المفردات من خطابنا الاسلامي من قبيل «ان الحرب على العراق هي حرب صليبية» انطلاقا من ان هناك الكثير من المسيحيين هم ضد الحرب وضد سياسة بوش، وذلك في محاولة واضحة لتجريد بوش من اي غطاء شرعي يحاول أن يتكىء عليه وتحييد أي توجه قد يزج في الحرب.
هذا الافق المعرفي هو ما نفتقده في خطاباتنا المشحونة بفوضى الاجندات وبعثرة الاولويات في استفزازات صغيرة هنا وهناك مازالت عالقة في ادبياتنا.
لغة التسامح هي ما نحتاج إليها اليوم في علاقاتنا مع بعضنا بعضا، في فعالياتنا الاسلامية وغيرها من مواكب عزاء ومنابر... وخطاب هذا العام خطاب الشيخ عيسى قاسم في احدى صلوات الجمعة، الداعي إلى التعاطي مع القضايا بروح توافقية، وخصوصا والامة تعيش ظرفا حساسا وهي مقبلة على حرب... هذا التعاطي التوافقي بين ابناء الامة - في البيت الواحد ذاته - والذي يجب ان نعززه ونركزه في مجتمعاتنا الاسلامية كان ناجحا بكل المقاييس وله نكهة الابوة الصادقة مع الابناء.
لقد ذكر السيد حسن نصرالله ان هناك مؤامرة موسادية كانت تروج لطرح نزعات طائفية شيعية سنية في فلسطين ومازالت تعمل لأجل ذلك، فقد ضاقت ذرعا بذلك التنسيق الاستراتيجي ما بين حزب الله وحماس والجهاد فراحت تعزف ذلك العزف الطائفي من أجل خلق فتنة طائفية على حساب القضية الفلسطينية.
ما تم نشره هذا العام من نشرات استئصالية لفكر مرجع اسلامي كبير هو السيد محمد حسين فضل الله هو عمل قد يدخل الساحة في ارباكات جديدة، ويدخل إلى واقعنا السياسي المحلي تلك الامراض التي تأتي من الخارج، وقد تعمل على تسميم تلك العلائق ما بين المجتمع، وهي سابقة خطيرة، والسكوت عن ذلك قد يعمل على خلق احتقانات مؤدلجة جديدة في الجسد ذاته، وخصوصا ان الجسد الاسلامي مازال يعاني من بثور حزبية وتعثرات مؤدلجة تاريخية مازالت تعمل على انهاك هذا الجسد... يجب تعزيز تلك التراتبية العفوية الفطرية القائمة على التسامح في علاقات الناس، أما الاساليب القائمة على فرض الرأي الاحادي واستنساخ تلك الامراض المنتشرة في البيئات الاخرى فإن السكوت عنها قد يقود إلى تأزمات مستقبلية تنتظر الانفجار.
ان خطاب عاشوراء خطاب الوحدة بين المسلمين سنة وشيعة وهو دعوة إلى دعم جميع الفقهاء والمسلمين
العدد 191 - السبت 15 مارس 2003م الموافق 11 محرم 1424هـ