سلوى العمر كاتبة أردنية ألفت كتابا أسمته «الامام الشهيد في التاريخ والايديولوجيات... شهيد الشيعة مقابل بطل السنة» الصادر العام 2000م. وهو عبارة عن بحث لنيل شهادة الماجستير في الجامعة الأميركية ببيروت. حاولت الكاتبة عبر هذا البحث أن تصل إلى نتيجة مفادها أن الإمام الحسين (ع) منذ استشهاده في كربلاء إلى يومنا هذا تحوّل إلى اسطورة خرافية (ميثولوجيا) تماما كبقية الأساطير التي عرفها التاريخ كأسطورة بطل ما بين النهرين جلجامش وكبقية الأساطير الأخرى التي عرفها تاريخ الانسان سواء في التاريخ اليوناني أو غيره...
في الحقيقة ان الحسين ليس ميثولوجيا وقصة كربلاء ليست قصة مختلقة، فهي قد كتب عنها في كتب التاريخ (تاريخ اليعقوبي وتاريخ الخلفاء) والسيرة الحلبية وغيرها مثل مقتل الخوارزمي) وإن بطولة الحسين في كربلاء بطولة يعتز بها كل مسلم، فقد تسالمت الروايات المتواترة عند جميع المسلمين على أن الحسين سيد شباب أهل الجنة وهذا وسام قلّده به الرسول (ص) الذي لا ينطق عن الهوى، ولذلك نجد كيف استفادت الأمم من واقعة الطف ورأينا كيف أنشدت فيه القصائد المسيحية فضلا عن الاسلامية، وكيف الفت فيه كتب الفكر على شتى مشاربها من انطوان بارا إلى بولس سلامة إلى سليمان كتاني إلى المفكرين الغربيين كالمفكر تشارلز ديكنز الانجليزي الذي قال في الحسين(ع): «ان كان الامام الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية، فانني لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟ اذن فالعقل يحكم انه ضحى فقط لأجل الاسلام»، وقال فيه المستشرق الألماني ماربين: «قدم الحسين للعالم درسا في التضحية والفداء من خلال التضحية بأعز الناس لديه ومن خلال اثبات مظلوميته وأحقيته»... كربلاء لو كانت أسطورة خرافية أعطيت أكثر مما هي عليه لما بلغت أمميتها هذا المكان الكبير.
إن موقف الحسين كان لأجل المسلمين كل المسلمين، ولا يمكن حصره في فئة معينة بل هو رمز من رموز الوحدة بين المسلمين، وحقيقة لا يمكن أن يسبغ عليها رداء الخرافة
العدد 191 - السبت 15 مارس 2003م الموافق 11 محرم 1424هـ
