العدد 189 - الخميس 13 مارس 2003م الموافق 09 محرم 1424هـ

سلاح «التسلية» من أجل التعبئة الشاملة

الألعاب الإلكترونية في خدمة الحرب:

إيمان شقير comments [at] alwasatnews.com

.

منذ أن أعلن المسئولون الأميركيون «الحرب على الإرهاب» وهم يسعون إلى تجنيد اكبر عدد ممكن من الأفراد والدول فيها، لا يترددون في اللجوء إلى كل الوسائل التي تكفل إقناع الرأي العام الأميركي كما العالمي بمفهومهم لهذه الحرب واستدراجه الى المشاركة فيها بأية وسيلة كانت... فكيف إذا كانت تلك الوسيلة من الوسائل المحببة لدى الغالبية أي الألعاب الإلكترونية وألعاب الفيديو؟

«جيش أميركا» أو«America s army» هو اللعبة - السلاح الأخير الذي ابتدعه تقنيو الصناعة الإلكترونية الأميركية بهدف «تجنيد» و«تعبئة» شريحة كبيرة متزايدة جدا من محبي الألعاب الإلكترونية في الحرب الأميركية على الإرهاب ولو كان ذلك من وراء الشاشة. وتقدر السلطات العسكرية الأميركية أن نحو 470 ألف أميركي امتلكوا هذه اللعبة منذ نزولها إلى الأسواق بعد نحو أربعة اشهر من هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وبأسعار متدنية جدا مقارنة مع ضخامة المبالغ المستثمرة في الإعلانات المخصصة للمعركة الإعلامية على الإرهاب.

في لعبة «جيش أميركا» التي طورها معهد أبحاث البحرية الأميركية في كاليفورنيا بمساعدة مدير مكتب التحليل الاقتصادي والعمل في القوات البحرية الكولونيل واردنسكي، من المستحيل أن تكون العدو. فاللعبة المتعددة اللاعبين يمكن لأي لاعب أن يجسد أحد الجنود الأميركيين المكلفين مثلا بالهجوم على معسكر للإرهابيين. وإذا أراد لاعب آخر محاربة هذا الجندي فسيلعب أيضا دور الجندي الأميركي. إلا انه سيكون في موقف «الدفاع» عن معسكر أميركي من هجوم إرهابي... أي أن كل من يدخل اللعبة سيقاتل من اجل أميركا. فالهدف الحقيقي من اللعبة تجنيد اكبر عدد ممكن من الأميركيين عسكريين ومدنيين من اجل الدفاع عن الوطن، ولذلك فإن اللعبة مجانية على الإنترنت منذ يوليو/تموز الماضي، تضاف إليها في كل مرة مهمات وقوات جديدة. وتشير الاحصاءات أن نسبة 28 في المئة من زوار اللعبة زاروا في الوقت نفسه الموقع الأميركي الرسمي للتجنيد والتعبئة مما يدل - كما قال الكولونيل واردنسكي لمجلة «صالون» الأميركية المتخصصة بالشئون العلمية والتكنولوجية - «أن العمل الجماعي هو المفتاح الرئيسي للعبة وهو استراتيجية اكثر منه قيمة. وتشكل جزءا لا يتجزأ من عملية «التحول» وهي النظرية العسكرية الأميركية الجديدة التي تهدف إلى تطوير الجيش معلوماتيا لكي يتطور، والعمل في الوقت نفسه على إشراك اكبر عدد ممكن من الأميركيين في «نضاله».

وينوي الجيش العام المقبل تطوير خوذ مزودة بشاشات تتيح للجيل الجديد من العسكريين المشاة الحصول - وهم على ارض المعركة - على معلومات عن تحركات العدو، بما يشبه اللعب. فالألعاب، كما يؤكد القائد العسكري جازون اميرين الذي خدم في أفغانستان، مفيدة جدا كوسائل تدريب. ويقول: «لقد علمني الجيش كل ما اعلمه، إلا أن الألعاب تجعل الجنود اكثر استعدادا لتصور منحى الأمور والأوضاع التي يمكن أن يوجدوا فيها في حالة الحرب الحقيقية». ويذكر اميرين انه قبل الانتقال إلى أفغانستان تدرب طويلا على لعبة «Battlefield-1942» (باتلفيلد 1942) أو «ارض المعركة» وهي لعبة جديدة انتشرت العام 2001 وتدور أحداثها على ميادين معارك الحرب العالمية الثانية. ويعتبر أن لعبة «جيش أميركا» الجديدة واقعية جدا إلى حد انه ينظر إليها بوصفه عسكريا اكثر مما ينظر إليها كمجرد لعبة. فهي تشرك الجميع في «الدفاع عن أميركا وتعلمهم تكتيكات حربية مختلفة، متقاربة جدا مع تلك التي نلجأ إليها في الحياة الفعلية. فيكتسبون من خلال اللعبة معرفة بمناورات وتحركات كان من غير الممكن التعرف عليها إلا من خلال التدريبات العسكرية».

وبالنسبة إلى اميرين، تشكل لعبة «جيش أميركا» وسيلة أساسية لتعليم الراغبين في دخول الجيش إن لم تكن وسيلة جذب واستقطاب لهم... غير انه يؤكد أهمية الإبقاء على الجانب الإنساني في هذا المجال «فلا ننسى أننا في الحرب الحقيقية نستخدم أسلحة قاتلة وان الأمر ليس مجرد لعبة». ويقول: «إن المتطوعين للخدمة العسكرية من الذين اختبروا لعبة «جيش أميركا» سيختبرون بالتأكيد على الأرض ما تعلموه من اللعبة ويدركون الترابط بين اللعبة وبين التجربة الحقيقية، غير انهم سرعان ما سيعرفون التمييز بين التجربتين». واستنادا إلى تكتيكات اللعبة الجديدة ومدى ملاءمتها للحرب المحتملة على العراق، يتصور اميرين إمكان تطبيق بعض المهمات مثل «ضربات جوية موجهة بأشعة الليزر».

كُثرٌ هم الذين يستغربون الهوس الأميركي بالألعاب. لكن لعبة «جيش أميركا» تأمل بأنه سيأتي يوم قريب جدا تصبح فيه تكنولوجيا التسلية المتجسدة في ألعاب الفيديو والألعاب الإلكترونية ستشكل التهديد الأكبر للإرهاب. ويؤكد اميرين: «سنستمر في مطاردة الإرهابيين». واميرين ليس سوى نموذج عن جيل جديد من الجنود الأميركيين نساء ورجالا كبر مع الألعاب الإلكترونية فاختبرها على الشاشة قبل أن يختبرها على الأرض... وكل ذلك باسم «الدفاع عن أميركا» افتراضيا وواقعيا

العدد 189 - الخميس 13 مارس 2003م الموافق 09 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً