منذ بداية حركة الاصلاح التي يقودها جلالة الملك حتى الآن، جرت مياه كثيرة وسرت دماء جديدة في مفاصل المجتمع البحريني، كما تبدَّلت معالم كثيرة وجرى اصلاح مرافق ومؤسسات كثيرة، وفي الوقت نفسه تم تدشين هيئات ومؤسسات جديدة لم تكن قائمة من قبل بما يتناسب وأجواء الحرية النسبية التي تتمتع بها البحرين.
ولا شك في أن كل هذه الاصلاحات تمس المواطن بشكل مباشر أو غير مباشر، فعلى سبيل المثال قامت الحركة الاصلاحية بإلغاء قانون ومحاكم أمن الدولة، الامر الذي ساهم بشكل ايجابي في الانفراج الذي بدد الاحتقان السياسي والاجتماعي المزمن.
هذا الانفراج ساهم بدوره في مزيد من الشفافية والوضوح وطلب المزيد من الاصلاح، وطرح المزيد من البدائل لما هو قائم سواء على صعيد السياسة والاجتماع، أو على صعيد الاقتصاد والتنمية والثقافة.
وهكذا برزت إلى الوجود مؤسسات وهيئات تتناسب وايقاع المرحلة، من قبيل ديوان الرقابة المالية، والمحكمة الدستورية، والنيابة العامة بدلا عن المدعي العام الذي كان تابعا للداخلية، وأصبح تابعا لوزارة العدل.
أما الأمر المهم في هذا الصدد والذي لم يمسسه التغيير، فهو السجون، ذلك ان هذه الأخيرة لاتزال ضمن ممتلكات وزارة الداخلية في حين ان ادارة هذه السجون من المفترض أن تكون ضمن اشراف وزارة العدل، اسوة بالنيابة العامة، وبحسب المعايير الديمقراطية.
فمن المفترض - واسوة بالدول الديمقراطية - أن تكون إدارة السجون في بلدنا من اختصاص وزارة العدل، وذلك تمشيا مع مبادئ حقوق الانسان وأجواء الديمقراطية التي ينبغي ان تشمل مختلف جوانب حياتنا.
واذ نطرح هذه القضية الحيوية الآن، فمن باب الاستدراك لما فات. وخصوصا ان قضية تبعية السجون تعتبر من القضايا ذات الشأن العام التي تهم المواطنين، وفي الوقت نفسه فإن إلحاق السجون بوزارة العدل شكلا ومضمونا من شأنه ان يخلق الارضية المناسبة للنظر في إعادة تأهيل السجون، وكذلك درء التجاوزات التي حدثت أو قد تحدث مستقبلا بسبب التكتم الشديد وطريقة الادارة التي كانت تدار بها تلك السجون فيما مضى ولاتزال قائمة بهذه الطريقة أو تلك، على رغم تغير بعض المظاهر.
البحرين - يوسف مكي
إقرأ أيضا لـ "يوسف مكي (كاتب بحريني)"العدد 186 - الإثنين 10 مارس 2003م الموافق 06 محرم 1424هـ