العدد 185 - الأحد 09 مارس 2003م الموافق 05 محرم 1424هـ

النحت إبداع وإلا صرنا عمّالا

النحاتة سلوى روضة شقير لـ «الوسط»:

اقيم في بيروت حديثا حفل تكريمي لرائدة فن النحت في لبنان سلوى روضة شقير، بمناسبة بلوغها الـ 85 من العمر واصدار كتاب يتضمن سيرتها الفنية وصورا عن اعمالها «في طباعة فاخرة مزجت اللماع بالمات» كما قالت شقير لـ «الوسط»، من دون ان تخونها ذاكرتها ذات الـ 85 عاما. انا اقرأ كثيرا - تقول - لاسيما الكتب العلمية لأنها اساس كل تقدم حضاري ومدني. فالاختراع العلمي مواكب للتطور الفني، وهما من صميم الحياة.

وتضيف مستذكرة: «ان الفن العربي استعان بالعلماء. فالمدنية ليست منفصلة عن بعضها. فالطب والشعر والاختراعات تنبت في اجواء مشحونة تؤدي إلى تطور المجتمعات». وتعطي لذلك مثالا فتقول: «مع وجود الكاميرا لا ارى حاجة إلى رسم الوجوه، فالنظرة الفنية شيء، والعمل الفني شيء آخر».

وتنصح سلوى الفنانين بقراءة علوم الفيزياء والهندسة «ليفهموا معنى الفن»... فالنحت لديها ابداع وإلا صرنا «عمالا» كما الكثير من النحاتين. تقول وتعترف انها الاولى في الوطن العربي في النحت «ومع ذلك مازالت يداي ناعمتين، فالازميل وتطويع الحجارة لم ينتقصا يوما من أنوثتي».

نالت عشر جوائز خلال مسيرتها الفنية مكافأة لعشرات المعارض الفردية التي اقامتها في كبريات المعارض في لبنان والوطن العربي ودول اوروبا.

في منزلها المحترف، تسكن سلوى شقير في الطبقة الاولى من المبنى الحجري القديم في العاصمة بيروت. في حين تسكن منحوتاتها الطبقة الثانية. لاتزال تدافع عن قناعتها المطلقة بالاسس الحسابية للفن «فأنا نخبوية في عملي ولم انل الكثير من التفهم في البدايات، إلى ان كان المعرض الاول في محترف الفن التجريدي في باريس بداية الخمسينات». «فالفن لديها عماده الشكل كما الشعر عماده الكلمة»... هكذا عملت وأعطت... ورسمت ايضا من ضمن رؤية هندسية. حتى المجوهرات التي عملت على تصميمها في البدايات كانت متقنة إلى حد الانبهار. الكتاب الذي صدر يضم حوالي 250 صورة ملونة، اضافة إلى بعض ما كتبته، وما كتب عنها...

يقول جاك الاسود في المقدمة التي كتبها: «ذهبت إلى باريس وكانت مسلحة بتقانة بصرية وفكرية كافية لكي تجد موقعها الطبيعي بمنأى عن تجاذبات المدارس الفنية في تلك المرحلة». أما هي فترى فيها تجربة عابرة «فكل شيء بالنسبة إليّ زائل وميت، حتى عندما طلبوا مني التقاط صورة مع الرسام العالمي بيكاسو». ولها في ذلك رأي «فالباحث عن النظام الخفي الكامن وراء ما يرى من جمال في الطبيعة كما في الفن، لابد ان يصل في المحطة النهائية إلى اوليات هندسية» فلذة الفن عندها كلذة العلم...

ومع ان روحية الزخرفة الاسلامية - العربية كانت مصدر إلهام لها، في الخصب وشعائر التوحد. كذلك فإن الشعر العربي القويم عمل على تغذية وتشغيل افكارها، فكان التعارض والتكامل في البيت الواحد، شبيها بما تنحته، وأطلقت عليه تسميات بعض المعلقات في الشعر.

في الحديقة المقابلة لمبنى الامم المتحدة في بيروت ثمة منحوتتان حجريتان تزينان الحديقة بتوقيعها، إذ انها تزور مكتبة الجامعة الاميركية كل اسبوع لنحت بعض الكلمات الجديدة.

أما احدى منحوتاتها التي كانت تزين احد مداخل العاصمة فقد هشَّمها المسلحون ذات يوم: فسلاحهم كان ازميلا ليس فيه رؤية فنية





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً