العدد 184 - السبت 08 مارس 2003م الموافق 04 محرم 1424هـ

المخابرات الألمانية: «القاعدة» تعيد تنظيم صفوفها

معركة بوش مع تنظيم «القاعدة»

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

حين وقع «هجوم القاعدة» على مدينتي نيويورك وواشنطن بتاريخ 11 سبتمبر/ أيلول 2001، سخر الشعب الأميركي من وكالة الاستخبارات المركزية المعروفة عالميا باسم (سي آي إيه)، لأنها فشلت في منع وقوع الهجوم والتحذير منه على الأقل. وتوقع المراقبون أن يقوم الرئيس جورج بوش بعزل مدير الوكالة جورج تينيت من منصبه، إلا أن هذا لم يحصل، وإنما حصل العكس تماما. منذ ذلك الوقت، زادت موازنة الجهاز كما سمح الرئيس في قرار، أن يمارس عملاء الـ (سي آي إيه) القتل من دون العودة إلى استشارة البيت الأبيض. ولم يسبق أن أمر رئيس بذلك بعد مرحلة حرب فيتنام وفضيحة ووترغيت. وعملا بنصيحة والده الرئيس السابق جورج بوش الذي كان مديرا لـ (سي آي إيه) في الفترة من 1976 حتى العام 1977، راح بوش الصغير، يمنح الكثير من وقته والمزيد من ثقته لـ (سي آي إيه) التي حولها إلى سلاح رئيسي في ما يسمى الحرب المناهضة للإرهاب كما في نزاعه الحالي مع العراق.

صباح كل يوم، يكون جورج تينيت أول الواصلين إلى مخبأ بوش في البيت الأبيض. وأطلقت وسائل الإعلام الغربية كلمة (المخبأ)، منذ أن تم إعلان حال الإنذار بدرجة لون برتقالي في واشنطن، خشية التعرض لهجوم بأسلحة الدمار الشامل كما ذكرت مصادر أمنية أميركية.

قبل أيام لم ينتظر تينيت طويلا حين بلغه نبأ اعتقال عضو «القاعدة» الكويتي خالد الشيخ محمد، فأيقظ بوش في السابعة صباحا ليسمع كلمة: رائع. في هذه اللحظة، أخرج بوش من درجه ورقة عليها قائمة بأسماء قياديي «القاعدة» وقام، كما هي عادته، بشطب اسم الشخص الذي تم إلقاء القبض عليه.

في مخبأ البيت الأبيض، بعد 11 سبتمبر، قام تينيت بإطلاع بوش على ما تعرفه (سي آي إيه) عن تنظيم «القاعدة» وقال مدير الجهاز: إننا نتعامل مع تنظيم موجود في ستين دولة. يقول الصحافي الأميركي بوب ودوارد في كتابه (بوش في حالة حرب) إن الرئيس أجاب تينيت بقوله: سنقضي عليهم واحدا بعد الآخر. لكن المسألة ليست بالسهولة التي يتصورها بوش. بعد 17 شهرا وتحديدا في 10 فبراير/ شباط الماضي، أبلغ تينيت لجنة تابعة لمجلس الشيوخ تطورات الوضع وقال: أعتقد أننا نتعامل مع تنظيم له نفوذ في مئة دولة. وأفاد مدير (سي آي إيه): قمنا باستجواب ثلاثة آلاف شخص في أنحاء العالم لكن على رغم النجاح الذي حققناه، مازال خطر «القاعدة» كبيرا. وأضاف: تقوم «القاعدة» بالتحضير لأعمال عنف داخل الولايات المتحدة وفي بلدان عربية. ويأمل الأميركيون الحصول على معلومات من خالد الشيخ محمد الذي يشاع أنه تم التوصل إلى مخبئه على إثر اعترافات رمزي بن الشيبة، المواطن اليمني، الذي اعتقل في العاصمة الباكستانية، ويشار إلى أنه المسئول عن «خلية هامبورغ» التي نفذت الهجوم على الولايات المتحدة. ويأمل الأميركيون أن يقودهم خالد الشيخ محمد إلى مكان أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.

قبل وقت قصير التقطت أجهزة أمن غربية رسائل شيفرة بين أتباع «القاعدة» جاء فيها: يجب إكمال الصفقة. ويعتقد محللون في المخابرات الألمانية (بي ان دي)، أنه بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة للقيام بأعمال عنف جديدة وعلى إثر تضييق الخناق على أتباعها، يسعى التنظيم جاهدا إلى تأكيد وجوده على رغم الضربة القوية التي تعرض لها بوقوع خالد الشيخ محمد بأيدي الأميركيين.

لكن بوسع بوش وتينيت الاحتفاء بانتصار صغير بعد اعتقال خالد الشيح محمد، لأن عدوهما الكبير الذي تم الإعلان أنه العدو الأول للولايات المتحدة، (أسامة بن لادن)، مازال حرا طليقا، يعمل في تقديم الدليل على أنه حي يرزق، من خلال الرسائل الصوتية التي يبعث بها إلى محطة (الجزيرة) وذلك على رغم أن الأميركيين استخدموا أشد أنواع القنابل في هجومهم على مواقع «القاعدة» في جبال تورا بورا في أفغانستان خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول 2001. ويعتقد أن بن لادن مختبئ في مكان ما على الحدود الطويلة بين أفغانستان وباكستان واحتمال أن يكون تحت حماية المخابرات الباكستانية أو قبائل بشتونية.

كل مرة يظهر دليل على وجود أسامة بن لادن على قيد الحياة، تقوم ثائرة الأميركيين، ثم يحدث ما يخشون وقوعه: أعمال عنف جديدة. بعد بث رسالة بتاريخ 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2002 بدأت موجة عنف جديدة. وبعد 16 يوما على بث رسالة أخرى بتاريخ 12 نوفمبر/ تشرين الثاني حصل انفجار في مومباسا. وبلغ عدد الأشخاص الذين قتلوا نتيجة أعمال عنف قام بها تنظيم «القاعدة» في العام 2002 نحو 200 شخص.

من بين 25 شخصا وضعت أسماؤهم على قائمة المطلوبين، هناك تسعة أشخاص منهم ما بين موقوف أو تم الإجهاز عليه. على سبيل المثال تم اعتقال «أبوزبيدة» الذي كان يقوم بتجنيد الشباب في التنظيم، واليمني رمزي بن الشيبة. وفي هامبورغ حكم في الشهر الماضي على المغربي منير المتصدق بالحبس 15 عاما، لكن كثيرين يعتقدون أن المتصدق سمكة صغيرة.

قتل محمد عاطف خلال حرب أفغانستان وكان يشغل منصب القائد العسكري للتنظيم. يقول بوب ودوارد في كتابه: حين بلغ بوش نبأ مقتل عاطف سحب قائمة من درجه في البيت الأبيض وشطب صورة عاطف. وحين بلغه خطأ أن أيمن الظواهري قتل أيضا قام بشطب صورته من القائمة وحين ورده تصحيح في وقت لاحق مسح الصليب عن صورة الظواهري. ويقول المحرر في صحيفة «زود دويتشه» هانز لاينديكر إنه لا يمكن مكافحة «القاعدة» من خلال عملية اعتقال استعراضية أو ضربات جوية على مواقع في جبال تورا بورا.

ويضيف أن أتباع التنظيم يعرفون أنه تمت خسارة أفغانستان باعتبارها مركزا رئيسيا للقيادة وأنه تم الانسحاب من هذا البلد إلى باكستان الأمر الذي يعبّر عنه اعتقال بن الشيبة وخالد الشيخ محمد في كراتشي. يقوم أعضاء التنظيم بالاتصال فيما بينهم بواسطة الإنترنت والرسائل الهاتفية (اس ام اس). المؤكد أن تنظيم «القاعدة» اصبح ضعيفا داخل أوروبا والولايات المتحدة. وتعتقد المخابرات الألمانية أن التنظيم خضع في نوفمبر الماضي لإعادة هيكلة وبناء قيادة جديدة. وجاء في تقرير للمخابرات الألمانية أنه يجري اتباع طريقة عمل الخلايا في الاتصال بالقيادة بحيث لا تعرف خلية شيئا عن الأخرى ولا يعرف عضو عن آخر شيئا. تعمل خلايا التنظيم بمعزل عن القيادة وكل خلية تنشط في المنطقة التي توجد فيها وعلى الغالب يشرف خبراء في تنفيذ العمليات. وذكرت معلومات المخابرات الألمانية قبل أسبوع على اعتقال خالد الشيخ محمد أن هذا والسعودي سيف العدل، مازالا ينتميان إلى قيادة التنظيم لكن لم تعد لهما مهمات مركزية. وهذا ينطبق أيضا على الأردني أبومصعب الزرقاوي وهناك مذكرة إيقاف ألمانية بحقه لأنه مسئول عن تأسيس جماعة (التوحيد) في ألمانيا المقربة من تنظيم «القاعدة». ويضيف هانز لاينديكر أن أهداف عمليات «القاعدة» مازالت كما في السابق: مؤسسات أميركية وإسرائيلية.

في لقاء له مع أعضاء في البرلمان الألماني أعرب رئيس المخابرات الألمانية أوغوست هانينغ عن خشيته من أن يسهم نزاع عسكري ضد العراق في زيادة مشاعر العداء ضد الغرب داخل العالم العربي، وأنه يمكن حصول أعمال تفجير في أي مكان. وأضاف هانينغ أنه ليس بالوسع التغلب على العنف من خلال استخدام القوة العسكرية وإنما ينبغي مناقشة أسباب العنف ومعالجة جذوره. بعض أعضاء البرلمان الذين استمعوا إلى هانينغ وجدوا أيضا «أن سياسة بوش تقود إلى العنف وكذلك سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، ويسألون لماذا العراق؟ ولماذا في هذه المرحلة بالذات؟»

العدد 184 - السبت 08 مارس 2003م الموافق 04 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً