العدد 183 - الجمعة 07 مارس 2003م الموافق 03 محرم 1424هـ

نجاح هيئة الاتصالات نجاح للإصلاح

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

كانت الإشارة يوم أمس عن استقلالية وشفافية هيئة تنظيم الاتصالات وبعد تسلم عشرة عروض لتقديم خدمات الهواتف النقالة، فإننا نعتقد ان نجاح هذه الهيئة في عملها سيكون نجاحا لمشروع الاصلاح الاقتصادي والسياسي في البلاد.

وبغض النظر عن الملابسات التي تحيط بالاسلوب المتميز الذي تتعامل به هيئة تنظيم الاتصالات من خلال تزويد الصحف بالاخبار ومنعها عن صحيفة «الوسط» فإننا نأمل في ان تتوقف الهيئة لابعاد الاعتبارات الشخصية واعتبارات المحسوبية والمنسوبية عندما تختار الشركة التي تنافس «بتلكو» في تقديم خدمة الهواتف النقالة. ونعتقد ان الشفافية المطلوبة ليست مزعجة ولا تضر الهيئة في شيء، فكل ما عليها هو القيام بعملها باعتبارها هيئة حكومية مستقلة لها صلاحيات تحديد الشركة التي ستحصل على ترخيص. وهذا يتطلب معرفة الضوابط التي ستتم على اساسها اختيار واحدة من الشركات العشر التي تقدمت بعرض قبل عدة أيام، ويتطلب معرفة مالكي تلك الشركات لكي لا يفسح المجال للشائعات والتخرصات، ويتطلب معرفة الرسوم (ان كانت هناك أية رسوم) التي ستدفعها الشركة التي ستتوفق للاختيار من قبل الهيئة وفوق ذلك يتطلب من الهيئة ان تكون محايدة في أصغر الأمور (مثل توزيع الاخبار على جميع الصحف وعدم استثناء «الوسط») إلى أكبرها (تحديد أهلية الشركة التي ستنجح في الاختيار).

ان الاسراع في تحديد الشركة التي ستقدم خدمة أخرى للهواتف النقالة أمر مهم لأن الاسعار الحالية غير تنافسية ولا تجتذب الاعمال، وحتى الارباح التي تنتجها للشركة الوحيدة حاليا، لا تخلق توسعا في الخدمات كما هو متوافر في بلدان مجاورة.

والاسراع القائم على حسن الإدارة والخبرة والاستشارة والعدالة والشفافية سيساعد في حل جزء من المشكلة المتصاعدة هذه الأيام بعد إعلان «بتلكو» نيتها التخلي عن مئات من موظفيها. ونأمل من الشركة المقبلة ان تستعين بالخبرات الوطنية المتقدمة ولا تلجأ لاستجلاب موظفين من خارج البحرين بحجة المنافسة. فالمنافسة لها ضوابط ولها أهداف وهي خدمة المواطنين والوطن. فالربح ليس هو كل شيء في الحياة، ولو المجاني من العمال من دون ان يدفع لهم معاشا، وبالتالي تزداد ثرواته وارباحه.

الاسراع القائم على الادارة الحسنة والعادلة سيساعد ايضا الشركة التي سيتم اختيارها في البدء بانشاء شبكتها لتوفير التغطية في كل المناطق معتمدة على إجهزة وتكنولوجيا تتكور باستمرار. وبعد انشاء الشبكة ستحتاج الشركة إلى اقناع زبائن جدد لها وتوفير خدمات افضل بأسعار مخفضة وستحتاج الشركة إلى فريق متكامل من المسوقين والمعلنين نأمل ايضا ان تستطيع توظيف الذين سيتم تسريحهم من بتلكو لانهم خبرات جاهزة في كثير من الاحيان، أو انه يمكن إعادة تدريبهم بسرعة. والحكومة تستطيع مساعدة الشركة على اعادة التدريب بطرق عديدة.

ان أهمية الدور الذي تلعبه هيئة تنظيم الاتصالات لا ينحصر فقط في اختيار الشركة المنافسة لبتلكو في تقديم الهواتف النقالة ولاحقا اختيار شركة لتقديم خدمات الانترنت، وانما ايضا في مراقبتها للاسعار ومنعها للاحتكار من خلال تضامن الشركات ضد المواطن. وهذا يحدث في كثير من البلدان، إذ من مصلحة شركتين وأكثر زيادة الاسعار اذا تمكنت من الاتفاق فيما بينها بحيث لا يمكن للزبون ان يتخلى عن واحدة ويذهب للأخرى لأن الاسعار متشابهة ولذلك فان الهيئة تقع عليها مسئولية مراقبة العلاقات بين الشركة وفيما اذا كانت هناك خطة لتحديد الاسعار.

كما أن السلطات التي تراقب شركات الاتصالات في البلدان الاخرى، تراقب الاسعار من جهة أخرى. فمثلا تحدد كلفة كل خط هاتف للشركة هو (مثلا) 30 دينارا سنويا للخط الواحد (تكلفة التشغيل والصيانة) وتقدر الربح المعقول الذي يمكن للزبون دفعه بصورة معقولة وعلى هذا الاساس تقوم بتحديد سقف لاسعار المكالمات. ولذلك فأن الهيئة تخلق فرص عمل اخرى لشركات الاستشارات التي تقوم بدراسة السوق وتقديم التقارير الموثقة والمستقلة من كلفة الشركات والارباح التي ستحصل عليها.

ولكن عامل النجاح الاكبر لعمل الهيئة يبقى الشفافية والعدالة مع الجميع وعلى الهيئة ان تبثت قدرتها بأن تعطينا انموذجا مختلفا في التعامل. انموذجا يتناسب وحركة الاصلاح السياسي والاقتصادي في البلاد، انموذجا يتعالى على المصالح الشخصية والانانية ولا يفرق بين الناس أو الشركات أو الصحف... فهل تستطيع الهيئة تقديم هذا الانموذج ام انها ستخيب ظننا؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 183 - الجمعة 07 مارس 2003م الموافق 03 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً