العدد 182 - الخميس 06 مارس 2003م الموافق 02 محرم 1424هـ

هيئة تنظيم الاتصالات: مسئولية كبرى تتطلب استقلالية صارمة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عندما أعلنت هيئة تنظيم الاتصالات يوم أمس الأول عن تقدم عشر شركات بعروضها لتقديم خدمات الهاتف النقال، فإنها بذلك فتحت الأبواب للمنافسة في هذا المجال المهم. وعلى رغم أننا في صحيفة «الوسط» لا نتسلم الأخبار التي ترسلها «هيئة تنظيم الاتصالات» إلى الصحف الأخرى لأسباب لا نعرفها إلى حد الآن، فإننا سنغض الطرف عن التحيز الواضح ضد صحيفتنا في الحصول على الأخبار، وسندعو الله ألا ينعكس هذا التحيز ضد «الوسط» على الطريقة التي ستتعامل بها «هيئة تنظيم الاتصالات» مع الشركات التي تقدمت بعروضها لتقديم خدمات الهواتف النقالة. فالمعروف أن مثل هذا الأمر خلق مشكلات كثيرة في بلدان أخرى وخصوصا عندما لا تكون هناك استقلالية أو شفافية في طريقة توزيع الرخص على الشركات. ففي لبنان حدثت العام الماضي أزمة سياسية بسبب توزيع رخص الهواتف النقالة على الأشخاص والشركات إذ كانت هناك إشارات من البعض إلى عدم شفافية التوزيع وخصوصا أن بعض المسئولين كانت لهم أو لأقاربهم حصص في تلك الشركات.

وفي بريطانيا، عندما قررت الحكومة منح رخص للشركات ازداد مدخول خزانة الدولة كثيرا لأن تلك الشركات دفعت أموالا طائلة وقدمت عروضا سخيّة إلى الحكومة والمواطنين.

وفي البحرين بدأت الأمور تتحرك في عدة اتجاهات بعد صدور مرسوم تشكيل «هيئة تنظيم الاتصالات» برئاسة الدكتور محمد جاسم الغتم وعضوية الشيخ أحمد آل خليفة والأساتذة رشيد معراج ورشيد عاشور ومحمد يتيم، وهذه الهيئة تقع على عاتقها مسئولية اختيار الشركة التي ستدخل هذه السوق المربحة جدا، وهذه الهيئة هي أول تشكيل من نوعه ونجاحها سيؤسس لنجاحات أخرى، أما إذا فشلت اللجنة في مهماتها وتورطت في انحيازات واضحة أو غير واضحة فإنها ستخلق احباطا لدى الناس بأن الاصلاح لم يدخل القلوب بعد...

إن الشفافية هي المطلب الأساسي للقطاع التجاري وهي مطلب الحركة الديمقراطية التي ضحّت كثيرا من أجل حياة أكثر عدالة، ومن دون شفافية واضحة فإن الاشاعات ستجد مجالا واسعا لها. ولربما تستطيع اللجنة اغلاق أبواب الاشاعات من خلال نشر أسماء أصحاب الشركات العشر التي وزعتها هيئة تنظيم الاتصالات على الصحف ما عدا صحيفة «الوسط». وتأمل أن يدرجوا رقم فاكس صحيفتنا ضمن الأرقام التي سيرسلون إليها أسماء أصحاب الشركات أو أي خبر آخر يصدر عنهم ليعطوا الدليل على أنهم محايدون ولا يفضلون أحدا على أحد. وإذا كانت الهيئة لا تستطيع أن تكون حيادية في توزيع الأخبار فكيف ستكون حيادية في اختيار الشركة التي ستربح كثيرا بعد أن تحصل على الرخصة الشهر المقبل؟

لا نشكك في عمل الهيئة وليس لدينا سوى الأمل بالخير في ألاّ توقعنا الهيئة في مشكلات كالتي حصلت في لبنان العام الماضي، عندما تصاعدت الاتهامات بين هذا الطرف أو ذاك بشأن التراخيص ولماذا أُعطيت إلى هذا الشخص دون ذاك...

ثم إن خزانة الدولة بإمكانها الحصول على مدخول أفضل من خلال فرض رسوم للترخيص، والحديث المنتشر حاليا هو عدم وجود رسوم، بمعنى أن الشركة التي تحصل على الرخصة قد تحصل عليها من دون رسوم. مهما كان الأمر، فإن المستقبل يتجه إلى الأفضل، والأمل هو أن يستفيد الذين سيتم تسريحهم من بتلكو في الحصول على وظائف لدى الشركة التي ستحصل على رخصة لتقديم خدمة أخرى للهواتف النقالة.

من ناحية أخرى، فإن شركة بتلكو ينبغي أن تستقبل المنافسة المقبلة بانفتاح أكبر وعدم الاسراع في اتخاذ قرارات أشيع أنها تشمل إقالة 800 موظف. فالشركة ربحت 58 مليون دينار خلال العام الماضي وتستطيع استخدام هذه الأرباح لتسهيل عملية الانتقال وهي ليست بحاجة إلى إجراءات قاسية بصورة فجائية. ولعل «طيران الخليج» تعطينا أنموذجا لذلك. فعلى رغم أنها خسرت 40 مليون دينار العام الماضي فإنها لم تسارع إلى إجراءات قاسية لتسريح موظفين بأعداد هائلة. بل ان الشركة تواجه المستقبل ببرامج تنافسية لمواجهة تحديات السوق، وستدشن شركة طيران صغيرة داخل الشركة الأم وستنوع من خدماتها بما يعطيها الفرصة للنهوض مرة أخرى وسط تغييرات هائلة في سوق الطيران.

أما بتلكو فهي أفضل حالا، ولديها خدمات ستبقى عندها بينما ستتم منافستها في الهواتف النقالة وقريبا في خدمة الانترنت، ولكن هذه الخدمات هي في نمو مستمر والطلب عليها يزداد ولا يقل. ولذلك فإن بإمكان بتلكو أن تستمر في ربحيتها إذا قابلت التحدي بخدمات أفضل وأسعار أقل. فالأسعار الأقل ليس بالضرورة تعني مدخولا أقل من الماضي، لأن تقليل السعر سيزيد من عدد المستخدمين وسيزيد من استخدامات الانترنت والهواتف النقالة التي تجلب مدخولا آخر.

ان أملنا هو ألاّ تخيب «هيئة تنظيم الاتصالات» ظننا وأن تمارس دورها المستقل من دون تحيز وبشفافية وعدالة ومن دون أية اعتبارات شخصية. فالبحرين مقبلة على تغييرات كثيرة ولدينا دول مجاورة تنافسنا فيما نقدمه من خدمات، وإذا تأخرنا أكثر في اللحاق بعالم الغد المعتمد على الوسائل الاتصالاتية والالكترونية فإننا لن نخدم أنفسنا ولن نخدم البحرين، لأن الأجواء التنافسية لا ترحم إلا من يستعد لها بحسب متطلباتها الدولية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 182 - الخميس 06 مارس 2003م الموافق 02 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً