العدد 181 - الأربعاء 05 مارس 2003م الموافق 01 محرم 1424هـ

رؤى مختلفة حول القواسم المشتركة بين أزمتي العراق وفلسطين

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

كشفت «الوطن» السعودية استنادا إلى مصادر سياسية عربية رفيعة المستوى، ان غالبية من الدول العربية كانت تؤيد صدور بيان قوي عن القمة العربية يتضمن توجيه تحذير عربي واضح إلى القيادة العراقية يحملها مسئولية العواقب الوخيمة الناتجة عن عدم تعاونها الكامل والفعال مع المفتشين الدوليين في الوقت الذي نقلت الصحيفة السعودية، تأكيد مصادر دبلوماسية أميركية وثيقة الاطلاع ان إدارة بوش ترحب باستقبال وفد عربي رفيع المستوى في واشنطن لمناقشة تطورات المشكلة العراقية بعد انتهاء اجتماعات القمة العربية. كاشفة للمرة الأولى حقيقة ومضمون التعهدات التي قدمتها إدارة بوش إلى عدد من الدول العربية وبينها سورية بشأن قضية استخدام القوة العسكرية ضد العراق.

من جهته، جوزف سماحة في «السفير»، رأى انه يجب تصديق الرئيس جورج بوش عندما يقول إنه يريد تغييرا جذريا في العراق. ويجب تصديقه أيضا، عندما يعتبر التغيير في العراق مدخلا إلى إعادة هيكلة الشرق الأوسط. كما يجب تصديق بوش عندما يعلن ان الخطوتين السابقتين ستؤديان إلى حل للقضية الفلسطينية. وإذ لفت إلى انه إلى هذا الحد ينتهي التصديق. قدم قراءة للإدارة الجمهورية، التي «تعاني» مع أصدقائها العرب، فهي لن تكون في وارد تغيير في العراق ينتج سلطة شبيهة بهم. واعتبر ان الاحتلال الأميركي للعراق هو القابلة التي ستولد الحل الشاروني لقضية فلسطين. وبالتالي خلص سماحة، إلى ان العرب أمام نسخة منقحة عن «الشرق الأوسط الجديد» الذي يقتضي قيامه عمليات جراحية مؤلمة في الجسم العربي... ليس في جسم دعاة التحرر فحسب، بل، أيضا، في جسم الذين يضيفون «ولكن» إلى «النعم» عند مخاطبتهم السيد الإمبراطوري وتابعه الإقليمي. وطالب سمير قصير في «النهار»، الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، إن حكى أو استطاع أن يحكي، أن يرفض الفتات الذي حاول جورج بوش ان يشتري به تواطؤ القمة حين تكلم قبل يومين عن الدولة الفلسطينية، ويشرح للرئيس الأميركي ان كل كلامه المعسول عن الديمقراطية يفقد صدقيته حين يسعى إلى فرض نظام قيمه من دون مراعاة الواقع: «نفهم أن تعتبر الولايات المتحدة الإرهاب مشكلة أساسية، لكن الإرهاب ليس المشكلة الأصلية في فلسطين. فحتى الذين بيننا يعارضون العمليات الانتحارية يرون في تشديدكم الهاجسي على ضرورة وضع حد لما تسمونه إرهابا فلسطينيا «ولن أساجل معكم عند هذا الحد بشأن صحة هذا المفهوم» يشكل استفزازا لا يطاق». وتابع قصير: ليس من الضرورة أن يستفيض هنا في شرح السياسة الإسرائيلية، يكفيه أن يتلو لائحة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، معرفا بكل واحد من أعضائها، قبل أن يختم. «ردوا لنا القليل الذي نطالب به من فلسطين، تكونون قد أنهيتم 95 في المئة من مشكلتكم مع العرب، ونكون نحن قادرين على الانصراف لبناء مستقبل أكثر أمانا لنا ولكم»، يمكن الأمين العام أن يختم شهادته إن حكى.. يقول قصير... ونقل سركيس نعوم في «النهار»، عن متابعين للوضع السوري ولملف العلاقة بين دمشق وواشنطن، ان أميركا جورج بوش تريد من العرب وفي مقدمتهم سورية مواقف مؤيدة لها ومنسقة معها من دون أن تقدم إليهم شيئا في المقابل. فلهؤلاء مشكلة عالقة في فلسطين مع «إسرائيل».

وأميركا بوش لم تسع جديا إلى حل هذه المشكلة بل انها تبالغ في الانحياز لـ «إسرائيل»، وطبيعي في حال كهذه أن يمتنع العرب وفي مقدمتهم السوريون عن التجاوب مع موقفها من عراق صدام حسين على رغم الخلافات معه لأنهم يرون ان ضرب هذا العراق سيكرس سيطرة «إسرائيل» وهيمنتها على الأراضي العربية المغتصبة والمحتلة وسيكرس في الوقت نفسه سيطرة أميركا على الثروات العربية وأهمها على الإطلاق النفط. ولسورية بالذات مشكلة مع «إسرائيل» تتمثل في احتلالها هضبة الجولان وهي ترفض إعادتها ويتبجح رئيس وزرائها الحالي حليف الرئيس بوش انه لا يفكر في إعادتها أبدا إلى أصحابها. ولم تفعل أميركا بوش شيئا حيال هذا الأمر.

أما الصحف العبرية، فتحدث ألوف بن في «هآرتس»، عن الخطاب معتبرا ان هناك قاسما مشتركا بين ما وصفه بخطاب الحرب الذي ألقاه بوش، وخطاب القسم الذي ألقاه شارون وهو إدراج الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في آخر جدول أعمالهما... فالرئيس الأميركي يبدو منشغلا اليوم بالتحضيرات لاحتلال العراق، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، مهتم أكثر بإعادة إحياء الاقتصاد الإسرائيلي وبمعالجة قضايا الدين والدولة. وهما يعتبران ان عملية السلام في الشرق الأوسط يجب أن تنتظر حتى الانتهاء من القضايا الأكثر إلحاحا. ولاحظ بن، ان خطاب بوش، الذي عرض فيه خططه الحربية في العراق، جاء وقعه إيجابيا في القدس. فبوش، التزم بالنقاط التي اتفق عليها مع شارون وهي وقف «الإرهاب» الفلسطيني أولا، وإجراء إصلاحات جدية داخل السلطة الفلسطينية، واستبدال ياسر عرفات، وعندها فقط يحين دور «إسرائيل» لتقديم تنازلات. كما لفت بن، إلى ان بوش، قال في خطابه ان الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية، سيكون مطلوبا فقط عندما يتم الانتهاء من التهديد «الإرهابي». وانه يجب وقف المستوطنات عندما يتم إحراز تقدم باتجاه السلام. ورأى بن، انه مع هذه الشروط المسبقة، فإن شارون يشعر ان ليس هناك من حاجة إلى القلق. فمساعدوه يفترضون انه حتى بعد الانتهاء من الحرب الأميركية المرتقبة ضدا العراق، فإن الضغط الأميركي سيكون موجها في المرحلة الأولى باتجاه الفلسطينيين وليس الإسرائيليين، وهذا ما شجع رئيس الاتحاد القومي أفيغدور ليبرمان، إلى الانضمام إلى الائتلاف الحكومي. إذ ان الخلافات بين الاتحاد القومي، وتكتل «ليكود» ستظهر فقط بعد الإصلاح وتغيير القيادة الفلسطينية، وهذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل بحسب مساعدي شارون.

وأثنى زالمان شوفال «السفير الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة» في «جيروزاليم بوست»، على خطاب بوش، الذي أكد فيه ان الطريق إلى القدس يمر عبر بغداد وليس العكس متحديا بشكل واضح بعض الأوروبيين وغير الأوروبيين، بمن فيهم بعض أعضاء الإدارات الأميركية السابقة والذين يحاولون الربط بين القضيتين «الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والمسألة العراقية» من وجهة نظر مختلفة. كما أشار شوفال، إلى ان بوش، وجه في خطابه تحذيرا واضحا وصريحا إلى «الإرهابيين» والدول الراعية لـ «الإرهاب» عندما قال «لقد تعلمنا درسا انه يجب التصدي بقوة للمخاطر قبل أن تظهر مجددا». واعتبر شوفال، ان هذه الرسالة كانت موجهة بطريقة غير مباشرة إلى الأوروبيين وتحديدا فرنسا وألمانيا وبلجيكا بأن يتراجعوا عن مواقفهم قبل أن تحرص الأنظمة الدكتاتورية على وقوع الأسوأ في المستقبل. ورأى شوفال، انه كان واضحا ان الجزء الذي يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي ورد في خطاب بوش، كان الهدف منه دعم موقف رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، على الجبهة الداخلية. وخلص شوفال إلى القول ان خطاب بوش، أكد ليس فقط ان «إسرائيل» والولايات المتحدة تملكان رؤية واحدة مشتركة بشأن عملية السلام، وإنما حيال الشرق الأوسط والعالم عموما.

الاتحاد الأوروبي

وكان ألوف بن في «هآرتس»، قد لفت إلى ان الانتقادات الإسرائيلية الموجهة ضدا الاتحاد الأوروبي لديها دوافع عدة أبرزها إلغاء «خريطة الطريق» التي وضعتها اللجنة الرباعية، فشارون يسعى إلى الالتفاف على دور الاتحاد الأوروبي وتأثيره في «خريطة الطريق» التي وضعتها الرباعية وذلك من خلال العمل على تعطيل آلية الإشراف على تطبيق الخريطة بتفاهم جديد مع إدارة بوش... وذكر بن، بأن شارون، استطاع بمساعدة أصدقائه داخل البيت الأبيض أن يؤجل إعلان «خريطة الطريق». وأضاف بن، ان الحرب المرتقبة ضدا العراق، ستمنحه وقتا إضافيا للتحضير لفترة ما بعد الحرب، وخصوصا في سعيه إلى تعبئة بوش إلى جانبه. لافتا إلى ان منافسي شارون، لاستمالة الرئيس الأميركي إلى جانبهم هم الزعماء الأوروبيون وليس العرب. فالعالم العربي منقسم، ومازال يدفع فاتورة حوادث 11 سبتمبر/أيلول. لافتا أيضا إلى ان رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، حل اليوم عرابا للفلسطينيين مكان الرئيس المصري حسني مبارك، وولي العهد السعودي الأمير عبدالله. ونقل بن، عن مصادر إسرائيلية، ان الهدف وراء حماس بلير، حيال المسألة الفلسطينية هو تهدئة منافسيه السياسيين داخل اليسار البريطاني، وانه سيفقد حماسه هذا بعد الحرب. وتوقع بن أخيرا، أن يحاول شارون خلال الأسابيع القليلة المقبلة التخفيف من نفوذ بلير على حليفه الأميركي.

انتقاد رؤية بوش

أخيرا لابد من اللفت إلى ان افتتاحية «نيويورك تايمز»، انتقدت الرؤية الجديدة التي عرضها بوش في خطابه، إذ لاحظت ان «بناء عراق حر وآمن» ليست الفكرة التي كرس بوش كل جهوده لتسويقها للرأي العام الأميركي، فالشعب الأميركي ليس مستعدا بعد لتحمل كلف هذه المهمة التي تتطلب سنوات عدة من الاحتلال الأميركي للعراق... فبدلا من التركيز على نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، تحدث بوش عن بناء عراق حر وآمن، بحيث يشكل نموذجا ديمقراطيا وملهما للحرية لكل الدول العربية والإسلامية. ولفتت الصحيفة الأميركية، إلى ان فكرة تحويل العراق إلى نموذج ديمقراطي يحتذى به في العالم العربي هي فكرة تداولها عدد كبير من المسئولين داخل الإدارة، إلا انها ليست الفكرة التي كرس بوش كل جهوده لتسويقها للرأي العام الأميركي. موضحة ان الشعب الأميركي ليس مستعدا بعد لتحمل كلف هذه المهمة، التي تتطلب عدة سنوات من الاحتلال الأميركي للعراق. ورأت انه على رغم ان صدام، شجع على «الإرهاب» داخل «إسرائيل» من خلال تقديم المعونة المالية إلى عوائل الانتحاريين، فإن الرئيس العراقي، ليس أساس الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. واعتبرت انه كان يجدر بالرئيس بوش، أن يعلن «خريطة الطريق» التي وضعتها اللجنة الرباعية بالتفصيل، وأن يتعهد بالتزام الإدارة الأميركية العمل على تطبيقها الآن. إذ انه في أفضل الظروف، فإن الوضع في العراق سيستمر مضطربا لسنوات عدة، وبالتالي رأت انه ليس على الفلسطينيين والإسرائيليين الانتظار حتى تسوى هذه المسألة

العدد 181 - الأربعاء 05 مارس 2003م الموافق 01 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً