العدد 181 - الأربعاء 05 مارس 2003م الموافق 01 محرم 1424هـ

مركز الشيخ ابراهيم بؤرة النوعي في الثقافة

لابد أن نسجل إعجابنا وتقديرنا وبكل صدق وأمانة للدور الريادي الذي يقوم به مركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة في تنشيط وتفعيل الحراك الثقافي والإبداعي في مملكة البحرين، كما لا يفوتنا أن نعرب عن ذات الإعجاب والتقدير للجهد الذي تبذله المؤرخة والكاتبة مي آل خليفة، فمنذ بدء نشاط المركز باستضافته لرموز الفكر والثقافة العربية، والبحرين تشهد نشاطا نوعيا تفاعلت معه معظم تقسيمات المثقفين «إذا كان ثمة من تقسيم في هذا الصدد»... تتقدمهم النخبة التي ظلت منزوية ومنكفئة على نفسها فترة ليست بالقصيرة بفعل سذاجة وارتجال وتخبط بقية المؤسسات «الثقافية» في المملكة في اختياراتها وطبيعة أنشطتها.

هل أحرجت طبيعة نشاطات ودعوات المركز، المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية في المملكة؟ الإحراج ليس هو المسألة... إذ المسألة تكمن في المواقف التي لا تخضع لعامل المواءمة بين ما يراد طرحه وبين واقع قد يرفض الموضوعات المطروحة، وهو موقف شجاع ومشرف يكاد ينفرد به المركز.

نعلم أن أسماء وشخصيات كثيرة ممن استدعاهم المركز قد تم اقصاؤهم ونبذهم من قبل شريحة ليست غائبة عن وعي وتتبع الغالبية المهتمة بالشأن الثقافي، الا أن المركز استمر في اختياراته النوعية للأسماء والأنشطة التي أقامها وسيقيمها مستقبلا، استنادا الى برنامج أنشطته للأشهر القليلة المقبلة. فقريبا سيكون بيننا غازي القصيبي ونهى بيومي وواسيني الأعرج، إذ يشارك الأخير بمحاضرة بعنوان «مفهوم المنفى والذاكرة».

كل ذلك ينم عن تأصيل واع ومدرك لضرورة الانفتاح على الأطروحات والأفكار، وهو وعي وإدراك يعملان ضمن اتجاهين:

اتجاه القذف بأطياف الأطروحات لإيصال استنتاجاتها وأفكارها إلى شرائح ظلت موجهة فيما تستقبل، كي تتيح قدرا ومساحة من الحوار، ومن ثم الاتفاق والاختلاف ضمن مراجعة وقراءة مدركتين لحق كل فكر وتوجه لعرض رؤيته ومن ثم الدخول معه في حوار موضوعي وحضاري يعود بالنفع والتراكم الثر على تلك الشرائح، في الوقت الذي يتيح للشرائح الأخرى التي هي على اتفاق مع تلك الأطروحات والأفكار لخلخلة حال من الصنمية في تبنيها لرموز تلك الأطروحات، والدخول معها في حوار من شروطه هضم تلك الأطروحات والأفكار وعبر الوقوف على أسئلة هي من صميم تجاوز تلك الصنمية.

والاتجاه الآخر يكمن في التنبيه على مسألة غاية في الأهمية وهي البعد المهم الذي حسبما أعتقد يتوخاه المركز ويسعى اليه، ويتمثل في إيجاد حال من التعريف والاقتراب المباشر من تلك الأطروحات والأفكار، ففيما ظلت قابعة في عدد من الإصدارات والقراءات، أتاح المركز لشرائح ظلت على قطيعة ومبعدة منها فرصة الالتقاء معها في حوار مباشر ومناظرات تتسم بالكثير من التفهم وسعة الأفق.

يبقى أمر لابد من الإشارة اليه، يتمثل في قدرة المركز على إيجاد حال من الاستقطاب لعدد من تلك الرموز التي أدلت بشهاداتها ورؤيتها بعد فترة الاستضافة في عدد من الدوريات والصحف العالمية، ما أتاح فرصة لتقديم هذا الجزء من العالم، الصغير بمساحته الكبير بفعله وتحولاته، الى دوائر ومؤسسات ثقافية وفكرية لن يقدر لها أن تعرف عنه لولا النشاط النوعي الذي تبناه ويتبناه المركز. في الوقت الذي عجز فيه الجهاز الإعلامي الرسمي عن التسويق والتعريف بأنشطة المملكة الثقافية التي يتبنى جزءا كبيرا منها، الى محيط إقليمي لا يفصلنا عنه سوى بحر يمكننا عبوره في دقائق عبر وسائل النقل الحديثة





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً