في هذه البلدة الصغيرة التي تولد طواحين الهواء القديمة فيها حركة سياحية أكثر مما تولده من طاقة كهربائية، ثمة طاحونة جديدة من حديد لا يصدأ على سطح مدرسة تقنية وتهمس اذرعها همسا وهي تدور في النسيم الشتوي البارد.

مثل هذه التوربينات التي تغذي الشبكات المحلية بالكهرباء تقف على أهبة الاستعداد الآن لغزو أفق جديد، مثل وسط المدينة، مدمجة بتصاميم الابنية وتكاد لا ترى من بعيد.

انها طواحين هواء اخف وزنا واقل ضجيجا وغالبا اعلى كفاءة من رديفاتها الريفية الثقيلة، وهي مصنوعة بطريقة لاستغلال الاضطراب الشديد والتحولات السريعة في انماط الرياح في المدن.

وتجرى المانيا وفنلندا والدانمارك ايضا اختبارات بهذه التكنولوجية. إلا ان الهولنديين الذين يتميزون بعملانيتهم هم رياديون بطبيعتهم في مجال توليد الطاقة من الرياح، ولعل ذلك يعود الى نقص المساحات هنا، كما يقول الباحث في طاقة الرياح في جامعة دلفت للتكنولوجيا ساندر ميرتنس.

وتستعد مدن هولندية بينها امستردام ولاهاي وتيلبرغ وتوينتسى لتركيب طواحين الهواء خلال العام الجاري، معظمها في اطار مشروعات صغيرة يضم الواحد منها اقل من 12 طاحونة.

واجتذب احتمال تأسيس مصدر جديد وصائب بيئيا للطاقة الكثير من الشركات الهولندية المعنية بتوليد الكهرباء. وقال الناطق باسم شركة Eneco كور دي جويتر، ان الابحاث اظهرت ان ثمة 50 ألف موقع في هولندا يمكن تركيب طواحين الهواء فيها.

وتسترجع طواحين الهواء الجديدة المبالغ المستثمرة لبنائها في غضون خمس سنوات، بحسب شركة Prowiَ الهولندية التي تصنعها. وان الكلفا ستنخفض اكثر مع تحسن التكنولوجيا. واصغر نماذج طواحين الهواء يزن حوالي 250 كيلوغراما ويمكن تركيبه على السطح خلال ساعات قليلة.

ويقول المهندس في شركة «كور انترناشيونال» وهي شركة اخرى من الشركات التي تبني احدث اجيال طواحين الهواء - ديك سيدلر: «ان كل المشكلات التقنية اصبحت وراءنا».

وتكلف الموديلات الحالية ما يتراوح بين خمسة آلاف و12 ألف دولار. والطاحونة المنصوبة على سطح المدرسة التقنية في «ادى» تستطيع ان تولد 5000 كيلواط/ساعة في السنة. وهذه الكمية ستكلف 900 دولار اذا سحبت من شبكة الكهرباء المولدة بالوقود العادي.

وهذا أكثر ما يكفي لمنزل هولندي عادي يستهلك حوالي 3,500 كيلواط/ساعة في السنة - مع ان معظم طواحين الهواء مصممة للمباني العامة او التجارية وليس المنازل.

ان هولندا التي بلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة هي أكثر البلدان الاوروبية اكتظاظا بالسكان، وهي تولد أقل من واحد في المئة من الكهرباء الذي تحتاج اليه من الهواء. اما في المانيا فتبلغ تلك النسبة 18 في المئة والمانيا 4 في المئة والولايات المتحدة اقل من واحد في المئة.

غير ان هولندا تشهد سرعة رياح تتراوح بين 13 و19 ميلا في الساعة بمعدل 245 يوما في السنة، وهذه السرعة كافية لتزويد حتى اكبر التوربينات بالطاقة. والكثير من التوربينات الجديدة في المدن تستطيع ان تباشر الدوران بسرعة رياح خمسة اميال في الساعة.

وتحتاج توربينات المدن الى صيانة اقل بالنظر الى ان قطعها المتحركة اقل من قطع التوربينات الريفية. وبما ان الطاقة التي تولدها قريبة من مواقع الاستهلاك فإن الكهرباء التي تتبدد عبر خطوط النقل اقل ايضا.

وقد يحصل التوربين المديني ايضا على دعم المبادرات الاوروبية الهادفة الى زيادة المدن الحياتية للطاقة ثابتة الجريان ما يزيد الاهتمام بالابنية التي تولد احتياجاتها من الطاقة بنفسها ولا تحتاج الى مصدر خارجي، وهي تسمى ابنية «گero - energy»، أي «صفر طاقة». وتم أخيرا تشييد نموذج لمبنى يسرع الريح عبر توربين مدمج اوكسفورد شير بانجلترا.

وفي ضوء اطلاق سوق الطاقة الاوروبية أخيرا اصبح بمقدور الزبائن ان يختاروا انواع الطاقة الثابتة الجريان التي يشترونها، وأكثرها رواجا الطاقة التي تولد الرياح.

الا ان المشكلات موجودة، وابرزها مسألة السلامة العامة. ويقول الباحث ميرتس، ان «حادثا واحدا يكفي». وأحد المخاطر النظرية هو تكسر وطيران شفرات طواحين الهواء، ولكن بشباك معدنية. ولكن اثر الارتجاجات على المباني المحلية والسكان لايزال غير معروف.

وهناك ايضا مشروعات اخرى قيد التنفيذ لاستعمال طواحين هواء ميني (صغيرة) لزوارق الانقاذ ومصابيح الطرق والمولدات النقالة. وتتألف غالبية هذه التوربينات المصنوعة من الالياف الزجاجية من مراوح محورية اسطوانية على اساس تقسيم يقضي على امكان تطاير الشفرات