العدد 180 - الثلثاء 04 مارس 2003م الموافق 30 ذي الحجة 1423هـ

الرد يجب أن يكون موضوعيا

تعقيبا على ردّ ممثل الأمم المتحدة في البحرين

أحمد عباس أحمد comments [at] alwasatnews.com

.

ليس هناك مجال للشك في ان الرد على المقالات التي نكتبها حق اساسي من حريات التعبير عن الرأي وعملا بمبدأ حرية الصحافة، طالما أن الرد موضوعي ومحترف، ولا يجرح أحدا. وبطبعي لا أحب الدخول في جدال بيزنطي مع من يرد على مقالاتي، لكنني من ضمن امور اخرى أؤمن بسرد الحقيقة والاستفادة من المعلومة وتطويرها، تماما كما نساند ونحترم مجتمعنا الديمقراطي الذي أتاح لنا هذه الفرصة، انني أرحب بالردود الموضوعية المحترفة، وعدم اللجوء إلى التهجم الشخصي وهو للأسف لم يفعله خالد علوش كاتب مقال الرد على مقالي في «الوسط» بتاريخ 23 فبراير/ شباط 2003 بعنوان «أين موقع البحرين من أهداف الامم المتحدة الانمائية».

الكاتب ادعى انني أكيل الاتهامات جزافا، والمتتبع لقضايا الأمم المتحدة سواء عبر الصحف أو الكتب أو وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وحتى الانترنت، يلاحظ من دون لبس ان القضايا المطروحة للمناقشة في مقالي المذكور، قضايا جوهرية تناقش في كل منبر حر. أما القضية الرئيسية التي تهمنا نحن المواطنين البحرينيين، فهي رغبتنا في رؤية مملكة البحرين تستفيد من اشتراكاتها المالية في الامم المتحدة عن طريق الاستفادة من برامج التنمية التي توفرها الامم المتحدة للبلدان النامية. فقد زادت نسبة اشتراكات البحرين المالية في جدول أنصبة الامم المتحدة: من 2 في المئة إلى 3 في المئة، من دون أن تستفيد البحرين من تلك البرامج التنموية، بينما توجد بلدان، لامجال لذكرها، من البلدان النامية لا تتعدى اشتراكاتها المالية نسبة 1 في المئة ومع ذلك تحظى بنصيب الاسد من تلك البرامج التنموية. إذا لا توجد هناك اتهامات إنما نستند في كتابة مقالاتنا إلى حقائق وارقام تنشرها الامم المتحدة نفسها في مواقعها المختلفة على شبكة الانترنت، حتى ان كاتب الرد اعترف بوجود مواقع على الانترنت خاصة بالامم المتحدة، إلا انه ادعى اننا ننسخها. تلك المقالات تتحدث عن المشكلات والمعضلات التي تواجهها الامم المتحدة، ونحن بالطبع نستقي من نبعها المعلومات، إلا ان صفحات الامم المتحدة لا يمكن ان تنشر مقالات تنتقد ايا من سياسات الامم المتحدة بل تروج لها.

خدمت بلدي البحرين مدة طويلة جدا في الامم المتحدة، وربما انا اعلم بأروقتها من كاتب المقال، الذي لم يمض عليه فترة طويلة في خدمة المنظمة، كما سمعت ممن لهم علاقة بالمكتب. والمقال الذي تحدث عنه ما هو إلا واحد من المقالات التي نستقي منها المعلومات من صفحة، خفُّىََُّ وٍُمِفهم َىُّمل على شبكة الانترنت.

أما فيما يتعلق بالبرنامج القطري لمملكة البحرين، ربما لا يعلم كاتب المقال أنني شاركت في وضعه لأكثر من خمس مرات ولمدة خمس سنوات عندما كنت مسئولا عن عمل مكتب برنامج الامم المتحدة في وزارة الخارجية، ومر علي أكثر من اربعة ممثلين مقيمين في البحرين. ليس هذا فحسب بل كنت ممثلا لحكومة البحرين في اجتماعات المجلس الحاكم لبرنامج الامم المتحدة الانمائي في اجتماعات جنيف ونيويورك، وهو المجلس الذي يتخذ قرارات مصيرية تتعلق بالبرامج القطرية للدول، وعضوية المجلس الحاكم ليست بالتعيين بل بالانتخاب.

ومنذ إنشاء مكتب الامم المتحدة في البحرين حتى الآن، لم يمر على اي برنامج يظهر جليا تقدما ملموسا في عمل البرنامج في البحرين. وفوق هذا فإن معظم خبراء الامم المتحدة الذين يشاركون في البرامج القطرية وخصوصا في الدول العربية، إما دبلوماسيون متقاعدون أو موظفون يبحثون عن فرصة عمل افضل توفر لهم حلمهم بتحسين مستوى معيشتهم برواتب اعلى من الرواتب التي يتقاضونها في بلدانهم. برامج التنمية في مملكة البحرين لا تعتمد على خبراء برنامج الامم المتحدة الانمائي، إنما على اراء وأفكار وخبرات مبعوثين من دول متقدمة تتفق معهم الحكومة بعقود حكومية.

ربما لا يعرف الكاتب ان الامين العام الحالي للأمم المتحدة كوفي عنان، كما اعرفه شخصيا، كان موظفا دبلوماسيا بسيطا في وفد غاتا، سنحت له فرصة لأن يحسن من وضعه المادي، بالحصول على وظيفة إدارية في الامم المتحدة، ووصل إلى رتبة مسئول التوظيف في المنظمة، إلى ان تسلم اعلى منصب له وهو مدير معهد «اليونيتار» للتدريب. كوفي عنان لم يكن مرشح دولته لمنصب الامين العام أو مرشح الوحدة الافريقية كما كان سابقا سليم احمد سليم، الذي لما يحالفه الحظ بسبب معارضة اميركا تعيينه، لكونه مسلما ومن اصل عربي، واختارت دبلوماسيا مغمورا متقاعدا في منزله في البيرو هو دي كويلار لينتخب امينا عاما بتأييد من اميركا. ولسخرية القدر ان السيناريو نفسه استخدمته اميركا لتعيين عنان.

درجت العادة على ان تتسلم الولايات المتحدة منصب مدير برنامج الامم المتحدة الانمائي لما له من أهمية سياسية، وباعتبار ان الولايات المتحدة من بين اكبر الدول المانحة للمساعدات للبلدان النامية، ولما لهذه المنح من تبعات سياسية تفرضها اميركا على البلدان النامية نظير المساعدات، فإن هذا المنصب اصبح شرفيا لأميركا. اما إذا كان المدير اميركيا أو بريطانيا، فإن هذه المسائل بالنسبة إلى القارئ نسبية لانهما، تجمعهما سياسة واحدة وهي: كراهية العرب والمسلمين وانحيازهما لـ «اسرائيل».

اذا كنت جاهلا بالأنظمة والمعايير التي بموجبها يتم اختيار ممثلي البرنامج المقيمين كما يدعي كاتب المقال، فإنني اجزم حتما بأنه على دراية بأنني كنت احد اعضاء لجنة الامم المتحدة للبرامج والتنسيق، المعروفة في الامم المتحدة بالـ ذ لمدة ثلاث سنوات. وإذا لم يكن كاتب المقال على دراية بعمل اللجنة في الامم المتحدة، فسأكون ممتنا أن اقدم إليه هذه المعلومات عن عمل لجنة البرامج والتنسيق: وضع هياكل عمل المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وضع انظمة ومعايير للتوظيف في تلك المنظمات، وضع حدود لصلاحيات كل منصب وكل منظمة، وصلاحيات كل أمين عام مساعد للأمين العام، تنسيق برامج كل منظمة ومؤسسة ووكالة تابعة للأمم المتحدة لوقف عمليات التداخل بينها، وغيرها...، لكن لجنة البرامج والتنسيق لا تستطيع وقف الدول الكبرى عن ممارسة نفوذها في عملية التوظيف التي ليس لها اي معيار ديمقراطي في المنظمة، كما ان للدول الكبرى صلاحيات تفوق صلاحيات البلدان النامية في مجال التحكم في المراكز القيادية بالمنظمة، وخصوصا في رتب الأمين العام المساعد والمديرين العامين، إذ يتم ترشيح هؤلاء الاشخاص عن طريق دولهم وبالتصويت، وعادة ما يكون نصيب الاسد للدول الكبرى التي تستطيع التحكم في تصويت الدول في مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة. أما بالنسبة إلى تعيين موظفين برتب اقل كالممثل المقيم لبرنامج الامم المتحدة على سبيل المثال، فإن هذا الاجراء يخضع للمزاج الشخصي للمسئول، والمزاج يلعب دوره في اختيار المرشح، وهذا النوع من التوظيف لا يخضع لمعيار الكفاءة على رغم ان لجنة البرامج والتنسيق وضعت خطوطا توجيهية لحسم هذه المسألة.

يبدو لي ان كاتب المقال تم تعيينه حديثا في البحرين إلا انه يعرف عني الكثير على رغم عدم معرفتي به، مع ذلك سأكون سعيدا بتقديم اية معلومات اضافية يرغب في معرفتها، وانا على اتم استعداد لتقديمها. خدمت في وزارة الخارجية لمدة تزيد على 30 سنة وليس 25 سنة كما قال كاتب المقال، كانت معظمها في اروقة الامم المتحدة سواء في جنيف أو نيويورك. ولا يخفى عليه أنني كنت السفير الاقتصادي لدولة البحرين لدى منظمات الامم المتحدة المتعددة الاطراف، وحضرت معظم اجتماعاتها. وبهذا الصدد، كان الاحرى بكاتب المقال بدلا من لتهجم أو التهكم بشخصي، ان يكون موضوعيا في سرده للحقائق، بدلا من التخمين والاستنتاج، لسبب واحد وهو اننا في صحيفة «الوسط» نلتزم بالموضوعية في التحليل والعرض، لخدمة الحقيقة وإفادة القارئ الكريم بأمور التنمية المستدامة في البحرين، من دون التهجم على أحد.

تبوؤ مملكة البحرين المركز الاول في التنمية البشرية، لم يتحقق من فراغ أو لكون النتيجة جاءت اثر جهود مضنية بذلها خبراء برنامج الامم المتحدة، بل لان حكومة البحرين الموقرة وضعت خطة متكاملة وطموحة للتنمية البشرية فتحت على اساسها معاهد للتدريب وصقل القوى البشرية في البحرين. أما تقرير برنامج الامم المتحدة الانمائي عن التنمية البشرية العربية للعام 2002، اتفق المثقفون وخبراء الاقتصاد العرب على أنه تقرير مخيب للآمال، ووضع من قبل حاقدين، همهم الاول الحط من كرامة الانسان العربي وإهانته، وجاء تأييدا لوجهة النظر الغربية، أن العرب مجرد رعاة في الصحراء لا يمكنهم تقبل التغيير ومنطق العصر الحديث... حتى ان هتلر لم يضع العرب في اسفل درك قائمته كما فعل برنامج الامم المتحدة الانمائي

العدد 180 - الثلثاء 04 مارس 2003م الموافق 30 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً