العدد 180 - الثلثاء 04 مارس 2003م الموافق 30 ذي الحجة 1423هـ

الواقع العربي رهانات و رهانات

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

على رغم الهمود في الحراك السياسي العربي على المستوى الرسمي تحديدا، فإن من الجحود أن نغض الطرف أو نتعامى عن الحراك الذي تتطلع إليه الأمة من قبل الشارع العربي، ليس تفاؤلا مفرطا القول إن حال الضعف والتفتت التي يعاني منها العالم العربي اليوم وليست في أسوأ صورها على المستوى التاريخي.

الوقاحة التي أبداها وزير الدفاع البريطاني جيفري هون، في تصريحاته الأخيرة المتعلقة بالحرب على العراق ومن أنها ستكون في صالح العالم الإسلامي تكشف عن درجة الانحطاط والتبعية التي وصلت اليها السياسة الخارجية البريطانية في محاولة للتعويض المرضي عن انحسار وتفتت امبراطوريتها، على رغم انه بحث عن دور تابع هو بمثابة الظل لا تملك معه الإمبراطورية العجوز أن تلوح بنصف لاء أمام الإمبراطورية الجديدة التي تسعى لكي لا تغيب عنها الشمس، فيما بريطانيا فقدت شمسها التي كانت لا تغيب عن مستعمراتها إضافة إلى شمس تفتقدها سماؤها في الداخل.

يبدو أن مجموعة الفواتير التي تقدمت بها كل من الصين وروسيا وألمانيا وبشيء من التمنع فرنسا، ستجد طريقها للدفع من قبل الإدارة الأميركية، ورقة معارضة الحرب التي لوح بها شرودر آتت أكلها بازدياد شعبيته من الداخل بحافز من حال العداء الشعبي الألماني لأميركا بحكم تراكمات تاريخية تظل الحرب العالمية الثانية شاهدها الأبرز، فيما الصين ضمنت فاتورتها طلبات برفع الحظر عن التكنولوجيا المتقدمة الأميركية للصين، وخصوصا ما يتعلق بالصواريخ وتحديث ترسانتها العسكرية، يضاف إلى ذلك ملف تايوان الذي يبدو أن الإدارة الأميركية على استعداد للمراهنة عليه في هذه الحقبة التي ستفتح لها كنوز الدنيا وثرواتها وتضمن لها تثبيتا لوجودها على أكثر من 90 في المئة من مساحة هذا الكوكب.

أما روسيا التي صرحت ولوحت مرارا على لسان وزير خارجيتها ايغور ايفانوف، باستخدام حق النقض «الفيتو» في حال صوت مجلس الأمن على قرار شن الحرب على العراق، فتبدو هي الأخرى تمارس نوعا من الابتزاز في طريق الدفع بالمصالح الوطنية على حساب الموقف الأخلاقي والإنساني الذي ما عاد العالم يلتفت اليه كثيرا. روسيا تعاني ما تعانيه من عجز موازنتها وخلخلة في بنيتها الأمنية وتراجع في أداء اقتصادها الذي دمرته الدولة الناشئة داخل الدولة المركزية وأعني بها «المافيا الروسية».

وفرنسا من جهتها تلعب بورقة الضغط في اتجاه وضع حد لاندفاع أميركا المهووس لضرب العراق، ليس من أجل سمرة العرب وتاريخهم وإشفاقا على حاضرهم المزري، وإنما في حال نجحت ورقة الضغط تلك ستضمن لنفسها مساحة ليست هينة من الكعكة العراقية، وفي حال فشلت ستكسب صدقيتها أمام العالم العربي مايضمن لها التعويض بشكل أو آخر عن الجزء المفقود من تلك الكعكة.

ألسنا في مأزق؟... حين تشكل الدول العربية مجتمعة ماعدده 22 دولة... فيما الرهان الحاضر في ظل الهجمة الأميركية الشرسة على المنطقة، ينحصر في دولة وحزب... سورية كقلعة صمود أخيرة ، وحزب الله ، ذلك الذي اجترح المعجز وما لم تستطع كل تلك الدول اجتراحه في منامها ويقظتها؟... من دون أن نغفل الدور الطليعي الذي تقوده الإنتفاضة الفلسطينية والمنظمات الجهادية في الأراضي العربية المحتلة.

لا أعتقد أننا في مأزق... يبدو أنني جنحت بعيدا بهكذا توصيف للحال الذي نعانيه... سورية وحزب الله والانتفاضة الفلسطينية تضاف اليهم المنظمات الجهادية في الأراضي العربية المحتلة والشارع العربي... يشكلون في واقع الأمر أمل هذه الأمة التي تكالبت عليها كلاب الشرق والغرب.

ما الذي نرجوه من القمة العربية التي انفض سامرها في منتجع شرم الشيخ؟... لا شيء... سوى أن تترك القيادات العربية شعوبها تنفس عن غضبها وسخطها من السياسات الأميركية التي بلغت ذروة وقاحتها بتسرب أنباء عن تعيين حاكم عسكري أميركي على العراق!.

ماذا يعني ذلك؟... يعني أن أميركا بحاجة لأكثر من 50 عاما كي تجلي معداتها وأجهزتها وقواتها من المنطقة في حال شعرت بالسأم أو في حال فقدت المنطقة أهميتها ودورها الإستراتيجي وهو مالن يحدث

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 180 - الثلثاء 04 مارس 2003م الموافق 30 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً