حديث يدور عن ارتفاع درجة حرارة الحكومة، من فتح ملف التمييز واللجوء إلى الخارج لنشر غسيل الداخل، وحديث آخر مشابه يدور عن توتر بعض النواب وتحفظهم على إثارة ما أسماها بعضهم بـ «الضوضاء» في أقاصي العالم، للحديث عن أمر لا وجود له من الأساس، وبين ارتفاع درجة الحرارة الرسمية والتوتر البرلماني فئة كبيرة تئن من تمييز صارخ.
لا غرابة من ارتفاع درجة الحرارة الرسمية، فهي سيرة اعتادت عليها كل حكومات العالم الثالث، فهي تجد نفسها معنية بخوض المعارك الطاحنة للدفاع عن سمعتها في الداخل والخارج، فـ «التقدم والازدهار» كلمتان لا تخلو منهما كل البيانات الرسمية لتلك الحكومات، فهي لا تجيد استخدام غير هاتين الكلمتين حتى ولو لم يتذوق طعمهما، ولم تشم رائحتهما شعوب العالم الثالث.
الغرابة كل الغرابة من توتر بعض النواب الذين اختارهم الشعب رقباء على الحكومة فإذا هم يترافعون عنها، لابسين عباءة المحاماة موكلين أنفسهم هيئة دفاع عنها، وكأنها عاجزة عن الدفاع عن نفسها!
لسان الحكومة طويل ويدها أطول لو أرادت أن تنتقم لنفسها، ومن المعيب أن ينتفض نواب منتخبون من الشعب، كلما «بسبس» أحد في أمر يخص الحكومة، وكأن هؤلاء النواب انتخبوا ليمثلوا الحكومة لا الناس.
أحد الذين ثارت حميتهم، والتهبت غيرتهم يدعو إلى استدعاء السفير الأميركي لتسليمه احتجاجا على فتح ملف التمييز في الكونغرس الأميركي، وآخر يحرِّض الحكومة على هؤلاء الذين نشروا غسيل الوطن على «منشرة» الكونغرس، ولكن ليس بين هؤلاء النواب الغيورين على سمعة الوطن من أبدى استعداده للتوقيع على طلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في التمييز، حتى يتبيَّن الخيط الأبيض من الأسود، وحتى يلقم من يدعون وجود تمييز في البحرين حجرا!
المشكلة أن هؤلاء النواب أنفسهم هم من أوصدوا أبواب غرف التحقيق البرلمانية المحلية في وجه المطالبين بالتحقيق في التمييز، وهاهم اليوم يتحفظون على مناقشة هذا الملف في غرفة الكونغرس، وهم من قطعوا كل الحبال المحلية، وعندما نشر الغسيل على حبال خارجية أبدوا امتعاضهم من اللجوء إلى الخارج!
لا يجوز إيصاد أبواب الداخل في وجه أهم الملفات حساسية، ومن ثم التذمر من فتحها في الخارج، يجب أن يتسع صدر الديمقراطية المحلية إلى كل هموم الوطن بمختلف ألوانه، ثم ممَّ الخوف من فتح هذه الملفات؟! فإذا كانت تكتظ بتهم بلا دليل فستبطل كما تُبطل الريح الوضوء، أليس كذلك؟
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 2236 - الأحد 19 أكتوبر 2008م الموافق 18 شوال 1429هـ