العدد 177 - السبت 01 مارس 2003م الموافق 27 ذي الحجة 1423هـ

«The Hours»: قصة واحدة لثلاث نساء في ثلاث مدن

فيلم «The Hours» (الساعات) هو بنجومية نيكول كيدمان وجوليان مور ومريل ستريب. ولكن ثمة نجما آخر يختبئ وراء الكواليس وهو المخرج ستيفن دالدري، الذي يحبك وينسج باتقان بالغ قصص الممثلات عبر ثلاث حقبات في ثلاث مدن ليصنع منها سردا متينا متماسكا.

جزء من جاذبية الفيلم تكمن في أن لا أحد كان يتصور أن صنعه ممكن، فالاقتباس من رواية حائزة على بوليترز لمايكل كانينغهام بدا مهمة مرعبة. فالرواية التي نشرت في العام 1998 عن ثلاث نساء ذوات صلة بـ «السيدة دالواي» لفيرجينيا وولف، داخلية وذاتية جدا ومن الصعب أن تروى على الشاشة.

إلا أن الممثلات الثلاث يبعثن الروح في البطلات بجلاء تام: كيدمان وستريب رشحتا لجائزة الكرة المذهبة والأرجح أن الترشيح لجوائز الاوسكار آن أيضا. إلا أن الاخراج الذي نقله دالدري مصحوبا بمونتاج بيتر بويل يجعلنا نحس أننا نشاهد ثلاثة وجوه لامرأة واحدة.

انهما حققتا ذلك بدقة رهافة: كلاريسا - التي تمثل ستريب شخصيتها جالسة أمام مرآة وهي تلوي شعرها الأسود، ثم تنتهي كيدمان - في دور فيرجينيا وولف قبل 80 عاما - من تثبيت شعرها وراء رأسها وتثبته بـ «بوكل». وقد يبدو ذلك ظريفا وفيه شيء من النرجسية والغرور. وهو هكذا في بعض الأحيان - إلا أن التحولات ناعمة وأنيقة على الدوام.

وبفضل النص السينمائي الذي كتبه ديفيد هير تفعل الممثلتان ذلك بقفزات عملاقة عبر الزمن والحيز.

دالدري، الذي رشح اخراجه لفيلم «Billy Elliot» للأوسكار في العام 2000، يتتبع الشخصيات الثلاث ليوم واحد في حياتهن. في العام 1923 تبدأ فيرجينا وولف كتابة روايتها «السيدة دالواي» في احدى ضواحي لندن. وفي العام 1951 تقرأ ربة البيت الحامل لورا (جوليان مور) الرواية في لوس أنجليس. وفي العام 2001 محررة الكتب في نيويورك كلاريسا - وهذا هو الاسم الأول للسيدة دالواي - هي تقمص عصري للشخصية وهي الآن منهمكة بترتيب حفلة لعشيقها السابق ريتشارد (إد هارييس) الذي يشارف على الموت لاصابته بالايدز.

إن كل واحدة من هؤلاء النسوة الثلاث تعيش حياة الوحدة حتى وإن كانت محاطة بالأصدقاء. وقصة حياة كل واحدة منهن تحتوي على انتحار، أو على الأقل محاولة انتحار. وكل واحدة منهن تصل إلى لحظة من الصفاء النفسي والوضح الذهني بعد انهيار عصبي ينفس عما يجيش في الصدور.

أما الطرق الاعمق للتشابك بين حياة النساء الثلاث فتتضح قبل النهاية ولن يحس المشاهد ما هو آت أن لم يكن قرأ الرواية. وحتى لو كان قرأها فليس صعبا أن يقتنع في أداء الممثلات الثلاث الواصلات إلى أوج مواهبهن الفنية.

التحول الذي يظهر على كيدمان ملفت للغاية، وليس بسبب أنفها الاصطناعي فحسب، فكل حركة من حركاتها وسلوكها تجعلك تنسى أنك تشاهد نيكول كيدمان، من منكبيها النحيفين إلى صوتها الذي خفضته إلى ذبذبات يصعب التعرف عليها.

أما مور، بعد لعبها دورا مختلفا لربة بيت في الخمسينات في فيلم «Far From Heaven» - أفضل أفلام السنة، تستمر في تقديم البرهان على أنها قادرة على أداء أي دور. إنها حزمة أعصاب خام تذكرنا بدورها في فيلم «Boogie Nights» حين تتأرجح لهنيهة بين دور ربة البيت السعيدة في حياتها وبين انهيارها في نوبة هستيرية.

والمفاجأة هي أن ميريل ستريب هي الحلقة الأضعف هنا، إنما ذلك ليس ذنبها. فشخصيتها هي الأقل تطويرا وابرازا بين الشخصيات الثلاث، على رغم مشهد البكاء العظيم الذي أضيف إلى النص السينمائي.

وعلى رغم الأداء الممتاز الذي تقدمه الممثلات الثلاث والتصميم المحكم الانتاج، من الصعب التخلص من الاحساس بأن الفيلم الذي يبذل جهدا كبيرا ويحمل نفسه على محمل الجد، وكل شيء فيه ينم عن أنه «طعم» يقصد به اصطياد جائزة أوسكار والمادة التي يقدمها من نوع الطعم الذي يبتلعه المقترعون للأوسكار. إنه فيلم تاريخي وأدبي ونجومه ممثلون لديهم الأوسكار أصلا (ستريب) وآخرون رشحوا للجائزة من قبل (مور وكيدمان وهاريس وطوني كوليت وميراندا ريتشاردسون)

العدد 177 - السبت 01 مارس 2003م الموافق 27 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً