آخر فيلم للمخرج والمنتج الاسطوري سيسيل دي ميل، كان اعادة لفيلمه السابق الذي صور في العام 1923، وهو الملحمة الميلودرامية الانجيلية( The Ten Commandments-6591) ، فيلم من افلام الاثارة والغرابة (اكسترافاغانزا) رائع وفي بعض الأحيان جماهيري، وهو من أفلام الشاشة العريضة ويستخدم فيه الكثير من المؤثرات الخاصة. يروي الفيلم القصة المألوفة عن الهجرة اليهودية الجماعية التي لا يتم استعراضها هنا للنص الذي تحويه أو بسبب التمثيل الصامت الذي يسودها، ولكن بسبب التنوع الكبير والمفرط فيها. بعد سلسلة من الكوارث الواضحة التي يتم تقديمها بشكل جميل والتي أطلقها موسى (شارلتون هيوستون) على الفرعون رمسيس العاري الصدر (يول براينر) والبيت الملكي، يسمح لبني اسرائيل بمغادرة مصر في هجرة جماعية يتم تصوير جميع تفاصيلها.
كانت أصوات الصفارات التي تنطلق من القرون تعطي اشارة عندما يتم تحرير آلاف من الفلاحين العبيد من العبودية فينطلقون مهاجرين إلى موطنهم في الأرض الموعودة، (وحدث بعد ليلة الرعب الخانقة ان جاءت في يوم لم ير العالم مثله من قبل، إذ خرج الجميع من الشرق والغرب، من الشمال والجنوب، أتوا بكل ما يملكون، يقودون اسرهم وقطعانهم وجمالهم أمامهم بالعشرات، وبالمئات، وبالآلاف - سيول لا تنتهي من البشر والدواب والأحمال، وحتى الماشية التي دخلت في طريق أبوالهول، تحت القمة الحجرية لصور رمسيس الأربع الضخمة التي حفروها بعرقهم ودمائهم وقوتهم من الصخور الصلبة. نهضت أمة وولدت الحرية في العالم). عندما شهد موسى ذو اللحية الرمادية حشود اليهود تستعد لمغادرة مصر، هتف عند مشهد هذه الجموع الضخمة «يوجد الكثير، الكثير منكم». كان قائدهم الذي يرتدي رداء قرمزيا يأخذهم إلى البرية (وأخذ الناس الى الفرح والسرور، أخرجهم من مصر كصقر يحمل صغاره على جناحيه).
ولم يفشل المشهد المتوقع لانقسام البحر الأحمر في امتاع المشاهدين - فهو أحد اكثر المشاهد ذات المؤثرات الخاصة اعجازا في تاريخ الأفلام، واستهل بتصريح موسى وهو يطلب عمودا من نار ليؤخر الجيوش التي تلاحقهم: «لا تخافوا، قفوا ثابتين وانظروا إلى تخليص الرب لنا». عند حافة الماء على الرأس الصخري، يمسك موسى عصاه ويرفعها نحو السماء، والسحب السوداء تطوى من ورائه، ليقسم دوامة ماء البحر الاحمر الثائر والهائج، يلقي أوامره وذراعيه ممطوطتين: «رب الجنود سيقوم بالحرب بدلا منا، امسكوا يديه». ويعلق رجل أعمى «الله يفتح البحر بنفخة من فتحة أنفه!». بعد ان يتم قيادة العبريين في وسط جدران المياه، يلاحقهم المصريون فينهار الماء ويغطي الجيش عندما يأمره موسى الواقف على الجانب الآخر وهو يقول: «من يقاوم قوة الله؟»
العدد 177 - السبت 01 مارس 2003م الموافق 27 ذي الحجة 1423هـ