العدد 177 - السبت 01 مارس 2003م الموافق 27 ذي الحجة 1423هـ

الثورة الرقمية

يشكل النظام الرقمي الطريقة الحديثة لصنع الأفلام وثورة فنية وثقافية وفرت حرية أكبر في التصوير والإنتاج والتمثيل المبتكر، ناهيك عن الامكانات الرائعة للمؤثرات الخاصة. لم يخطئ في ذلك الكثير من السينمائيين الفرنسيين.

«اللاقط واللاقطة» Le Glaneur et la Claneuse لمخرجة الموجة الجديدة أغنيس فاردا (صاحبة فيلم Cleo de 5 a 7) و«عاشقون» Lovers أو «لحم آدمي كثير زائد عن اللزوم» Too Much Flesh، لباسكال أرنولد وجان - مارك بار («الأزرق الكبير» Le Grand Bleu، من إخراج لوك بيسون و«الأمل والمجد» Hope and Glory، لجون بورمان) و«عذراء القتلة» Vierge des tueurs للمخرج والمنتج باربيه شرودر «بارفلاي، قبلة الموت»Bartiy, Kiss ot Death أو «حجرة الساحرات» La Chambre des magiciennes، لكلود ميلر («السارقة الصغيرة» La Petite Voleuse)، الذي أخرج ضمن مجموعة «الكاميرات الصغيرة» لقناة Arte وغير ذلك بكثير...

كل هؤلاء السينمائيين الفرنسيين، الذين أثبتوا وجودهم أو الذين ينتظرهم مستقبل باهر، انطلقوا في المغامرة الرقمية التي سمحت لهم بإخراج سينما حرة ومربحة وابتكارية. لأنه بالجرأة وبـ DV (كاميرا فيديو من أخف الكاميرات)، وبقليل من النور أو من دون نور، يمكن اليوم صنع فيلم.

فلنأخذ مثالا أحد القادمين الجدد، رافائيل فريدمان، ثلاثة وعشرون عاما، الحاصل على إجازة في السينما والمتدرب في إدارة الأفلام والمساعد... أخرج أول فيلم طويل له بإيرادات فيلم قصير. تم تصوير فيلم «وداعا بابل» Adieu Babylone المبني على الارتجال، في المكسيك والبرازيل وحتى في الولايات المتحدة، وتم انتاجه بحرية تليق بأفلام الموجة الجديدة في بداياتها. في نهاية السباق لا يكون قد مضى سوى مئة ساعة تقريبا من التصوير الشاق، ويخرج الفيلم. وبالطريقة نفسها في La Vierge des tueurs، نجح باربيه شرودر في تصوير ميديلين Medellin، وهي مدينة خطرة جدا في كولومبيا، لأنه كان يصور بسرعة مع فريق سهل الحركة، فيلم يجمع ما بين الوثائقي والخيالي، الأمر الذي لم يكن متاحا باستعمال أية وسيلة أخرى.

الخيال في السلطة

بهذه الطريقة يستطيع الحالمون والمرتجلون النابغون اليوم أخذ كاميرا والانطلاق في مغامرة من دون أن تعوقهم فرق التصوير الثقيلة وموازنات أفلام الـ 35 مليمترا ذات الحجم الموحد الحالي الذي يستخدم الفيلم الخام Pellicule وهو عبارة عن مادة أخف وأكثر كلفة من النظام الرقمي وكاميراته الصغيرة.

مع ذلك، يمكن للسينما الفرنسية أيضا تصوير أفلام إبهارية ومكلفة ولكن مربحة وجيدة. إن نجاح «تحالف الذئاب» Pacte des loups لكريستوف جانز في مطلع 2001 خير برهان على ذلك. يضم هذا الفيلم 150 لقطة بالنظام الرقمي لإحياء شخصية الحيوان فقط التي صممت في ثلاثة أبعاد. لقد استغرق التصوير خمسين يوما من أجل الدقائق الأربع التي يظهر فيها الحيوان لأن التصميم الرقمي يستغرق أربع ساعات عمل.

هناك أفلام أخرى أنتجت في العام 2001 ولجأت إلى تلك التقنيات الحديثة، مثل «بلفيجور» Belphegor، لجان - بول سالوميه مع صوفي مارسو.

و«مصير اميلي بولان الخرافي» dصAmelie Poulain Le Fabuleux destin، لجان - بيير جونيه مع ماتيو كاسوفيتش، و«برج مونبارناس الجحيمي» La Tour Motparnasse infernale لشارل نامز و«السيدة الإنجليزية والدوق» LصAnglaise et le duc لإيريك روهمر أو أيضا «فيدوك» Vidocq لبيتوف، مع جيرار دوبارديو وجيوم كانيه وإيناس ساستر.

إن هذه الأفلام، التي تلجأ إلى المؤثرات الخاصة، مختلفة من الناحية البصرية وليس من السهل دائما على الممثلين أن يؤدوا أدوارهم فيها. فهؤلاء يخضعون لعدة ضغوط ولعل أغربها هو تأدية جملتهم الحوارية من دون أن يقف أمامهم من يمثل معهم في المشهد، أو التشاجر في الهواء أو التمثيل في ديكور غير مرئي بما أنه لم يتم صنعه بعد. فعلا، تتم إضافة المؤثرات الرقمية إلى تصميمات الفيلم في مرحلة ما بعد الإنتاج (الخطوة التالية للتصوير).

سيتم تنفيذ ذلك في فيلم إيريك روهمر المقبل. فالمخرج صور بالنظام الرقمي ديكورات من المستحيل وضعها بحجمها الطبيعي وذلك على هيئة لوحات مرسومة بشكل خادع تمثل ميدان الكونكورد أو شوارع باريس خلال ثورة 1789 ويتم بعد ذلك تطعيمها بشخصيات حكايته التي صورت قبل ذلك على خلفية أساسية خضراء.

مؤثرات خاصة جدا

تتم العملية نفسها على مستوى بعض المقاطع في «فيدوك» Vidocq، لبيتوف. تكفل هذا الأخير بصنع المؤثرات الخاصة للكثير من الأفلام ومن ضمنها تلك الموجودة في «جان دارك» Jeanne dصArc، من إخراج لوك بيسون، قبل إخراج أول فيلم طويل له. صور بيتوف تلك الرسوم المصممة بواسطة ثلاث كاميرات فيديو مصغرة منها كاميرا قلمية يتم تحريكها بأطراف الأصابع. كما استخدم المخرج شاشة تحكم من البلوريات السائلة كان يمسكها بيده لضبط المشاهد ما سمح له بالبقاء قريبا جدا من الممثلين أثناء تصوير اللقطات والربط بينها بإتقان.

ولكن يعتبر «فيدوك» Vidocq بصورة خاصة من أوائل الأفلام في العالم التي يتم تصويرها بكاميرا رقمية وهي في حالتها النموذجية. فبفضلها استطاع، وكذلك مدير التصوير، أن يلمس على الفور جودة الصورة النهائية، الأمر الذي لا يحدث كلية ولا اعتياديا. إن مرحلة ما بعد الإنتاج بالنسبة إلى Vidoc، أي بشكل أساسي المونتاج، سيتم تنفيذها بالنظام الرقمي ثم ينقل على شريط قياس 35 مليمترا.

عند الأوان، سيتيح النظام الرقمي الفرصة أكثر فأكثر لأفلام الخيال أو الحركة أو الأفلام التاريخية من أن تتجدد وتؤكد استمراريتها كما سيسمح بإنتاج بعض الأعمال المرتجلة والخصوصية. لقد أدرك عدد كبير من المخرجين الفرنسيين أهميتها الاقتصادية والفنية

العدد 177 - السبت 01 مارس 2003م الموافق 27 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً