العدد 2236 - الأحد 19 أكتوبر 2008م الموافق 18 شوال 1429هـ

رحلة غوص وصيد اللؤلؤ بدأت بخوف من الظلام لتنتهي بالمستورد الزهيد

المغني: المهنة اندثرت بسبب تدمير الهيرات //البحرين

كانت من تراثنا شهدها أجدادنا وربما حتى آباؤنا، فهي تبدأ برحلة غوص مجهولة إلى البحر تمتد إلى أشهر وأشهر غالبا ما تخبئ وراءها مستقبلا مظلما، فالبحر لا يعلم الصاحب من العدو، فالرحلة معه تكون مظلمة.

وعلى رغم أن هذه الرحلة كانت تخبئ وراءها الخوف والظلام إلا أنها كانت في الوقت ذاته محملة بالشوق والحنين الممتزج بالأمل والبحث عن الانتصار لإخراج ذرة البحر وهي اللؤلؤ المعروف ببريق بياضه والذي كان يعبر عن روعة انتصار البحار الغواص الذي غاص أعماق البحر للبحث عن الكنز المخزون هناك.

إن البحث عن اللؤلؤ كان عبارة عن مهنة يمتهنها الغواص في وقت كانت تشكل هذه المهنة جزءا كبيرة من حياة البحرينيين إذ إنها تعتبر جزءا من تراثهم الشعبي قديما وحاليا.

وعلى رغم أن الشعر والأدب البحريني تغنى باللؤلؤ وقصص المغامرات به، إلا أن هذا اللؤلؤ أصبح مجرد ذكر سجل في قلوب وعقول كبار السن إذ إن مهنة صيد اللؤلؤ اندثرت وماتت كما يموت الإنسان لتشيع هي الأخرى إلى قبرها وهو البحر الذي احتواها إلا أن تغني كبار السن بها الآن ما هو إلا لتذكير الجيل الحالي بالثروة الثقافية والتجارية والتاريخية التي كانت تشكل جزءا كبير في حياتهم، فهي رفعت رؤوس العديد من البحارة عندما كانوا يبحرون ويصطادون اللؤلؤ ليخرجوه ويتاجروا فيه بأغلى الأسعار.

البحارة حاليا لا يعلمون إلا القليل عن هذه الثروة التي ماتت خلال القرن الماضي، فرئيس نقابة الصيادين حسين المغني أكد أن مهنة صيد اللؤلؤ غير موجودة حاليا، مشيرا إلى أن «من يعملون في مهنة صيد اللؤلؤ حاليا لا يتعدى عددهم خمسة أشخاص».

وأضاف «إن هذه المجموعة تتمركز في محافظة المحرق، أما عن باقي المناطق فأنا لا أعلم عنها، وخصوصا أن الغالبية الآن تمارس مهنة صيد الأسماك وليس اللؤلؤ».

وأشار المغني إلى أن السبب الذي دعا إلى اندثار مهنة صيد اللؤلؤ في البحرين هو تدمير الهيرات، مبينا أن السفن الحديد دمرت الهيرات التي يُصطاد منها اللؤلؤ.

كما ذكر المغني أن مهنة صيد اللؤلؤ لم يكن لها مردود إيجابي على ممتهنيها خلال الآونة الأخيرة، وعن السبب الآخر الذي دعا الغواصين إلى أن يبتعدوا عن صيد كنز البحر أكد المغني أن الغالبية أصبحت تفضل أعمال البر بدلا من الغوص في أعماق البحر.

وأوضح المغني أن من يصطاد اللؤلؤ الآن هم مجرد هواة ما يعني أن صيد اللؤلؤ ليس عملهم الأساسي، منوها إلى أن من يصطاد الآن لا يحصل إلا على اللؤلؤ الصغير الذي يطلق عليه مسمى «سحتيت» أو اللؤلؤ الذي يطلق عليه «قماش» في الوقت الذي كان حجم اللؤلؤة الواحدة في السابق كبيرا وثقيلا، مشيرا إلى أن هواة هذا العمل يبيعون هذا اللؤلؤ على التجار إلا أن نسبة الربح قليلة جدا.

من جانبه علق البحار حسين محمد بالقول: «إن مهنة صيد اللؤلؤ أصبحت مجرد ذكرى، فلم يعد هناك لؤلؤ في بحارنا وكيف يكون موجودا إذا كانت الأسماك في الأساس غير موجودة (...) إن صيد اللؤلؤ يتطلب أن يكون البحر مهيأ وليس ملوثا ومكتظا بالنفايات، فكيف للؤلؤ المعروف بجماله أن يعيش في كومة من النفايات التي تكتظ بها البحار حاليا».

وأوضح محمد أن الدليل على أن مهنة صيد اللؤلؤ اندثرت هو عدم وجود غواصين يمارسون مهنة الصيد، مبينا أنه وإن وجدوا فإن نسبتهم قليلة جدا مقارنة بالماضي إذ إنه في الماضي كان أغلب رجال البحرين يمارسون مهنة الغوص والبحث عن اللؤلؤ الذي كان يعني ثروة بالنسبة إلى أهالي جزيرة البحرين.

وذكر محمد أن جزيرة البحرين كانت تسمى باسم جزيرة اللؤلؤ التجارية، إذ إنها كانت مركزا لإنتاج وتجارة اللؤلؤ حتى النصف الأول من القرن الماضي، مشيرا إلى أن عددا من الدول كانت ترسل عامليها لصيد اللؤلؤ واستخراجه من بحار البحرين.

إن صناعة المجوهرات والعقود الثمينة من اللؤلؤ كانت تحتل مرتبة الملوك، فكل من كان يملكه كان يعتبر من الطبقة الغنية إذ إنه كان يعتبر من مقتنيات أصحاب الثروات وأصحاب السلطان والملك.

يذكر أن ما ساهم بالإطاحة باللؤلؤ من عرش الملوك هو صناعة اللؤلؤ الياباني وزراعته بكميات كبيرة في مزارع خاصة ومن هذا المنطلق تقلصت قيمة اللؤلؤ ليصبح من المجوهرات المتوافرة للجميع وبأسعار زهيدة جدا.

ومع توفر اللؤلؤ المزروع صناعيا أصبح الأخير منافسا إلى اللؤلؤ الطبيعي إذ المزروع صناعيا كان يتميز بالرخص في الوقت الذي يباع فيه الطبيعي بمئات الدنانير في ذاك الوقت لذا فإن السعر الرخيص جعله متوافرا في جميع الأيدي ومعلقا على جيد كل فتاة.

ومع توقف استخراج اللؤلؤ من بحار البحرين والخليج العربي أصبح المحار الذي ينتج اللؤلؤ يتكاثر بصورة كبيرة جدا ما كان سببا في إحداث ضرر على الكائنات البحرية التي تتغذى على الثروات المتوافرة في البحر لذلك فإن نسبة كبيرة من الأسماك طردت بسبب تكاثر المحار

العدد 2236 - الأحد 19 أكتوبر 2008م الموافق 18 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً