تضع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قيودا صارمة على عمل الصحافيين ووسائل الإعلام الأميركية والأجنبية بما فيها العربية الذين سيقومون ببث تقارير عن سير الحرب التي تهدد الولايات المتحدة بشنها على العراق قريبا.
وتقول مصادر البنتاغون إن نحو 005 صحافي ومصور وفرق تلفزيونية من بينهم على الأقل نحو مئة منظمة أخبار غير أميركية تم تسجيلهم لتغطية الحرب الأميركية على العراق، إذ سيسمح لهم بمرافقة القوات الأميركية المهاجمة.
وطبقا لقيود البنتاغون فإنه لا يسمح ببث تقارير صحافية عن عمل حي ومستمر من دون موافقة الضابط الأميركي المسئول، وستكون هناك قيود صارمة بشأن أية تقارير عن عمليات مستقبلية أو عمليات مؤجلة أو ملغاة.
ويقول كبير المسئولين التنفيذيين للأخبار في شبكة سي إن إن، إيسون جوردان: «إنهم لا يريدون أن تكون هناك تغطية تلفزيونية حية لقافلة من الدبابات تتحرك على طريق البصرة ـ بغداد، مما سيبلغ العراقيين بمكان وجود هذه القوات».
ويرى خبراء أن المقصود من هذه القيود هو ممارسة التعتيم الكامل على سير المعارك و«جرائم الحرب» التي ترتكبها القوات الأميركية في العراق، بحيث سيكون الأمر مشابها لما حدث في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق في العام 1991 إذ كان المراسلون الصحافيون يبثون ما يقدم إليهم من معلومات من المسئولين العسكريين الأميركيين المعنيين بالإعلام في مقر قيادة القوات الأميركية في السعودية آنذاك.
وتشير القيود الجديدة إلى أن تواريخ ووقت ومكان العمل العسكري ونتائج المهمات لا يمكن وصفها إلا بعبارات عامة. كما أن هناك قواعد أخرى على الأرض ينبغي تحديدها.
ويسعى البنتاغون إلى إفقاد المنظمات والجماعات المناهضة للحرب على العراق في الولايات المتحدة والعالم ذخيرة لشحن الملايين من أنصارهم ضد الحرب للضغط على صانعي القرار في الدول المؤيدة للحرب.
ويقول مسئولون في البنتاغون ووسائل الأخبار إن الهدف من القيود منع تكرار نموذج فيتنام التي تسببت وسائل الإعلام الأميركية والأجنبية في بثها التقارير الإخبارية المتعلقة بالحرب التي شنتها الولايات المتحدة على فيتنام في فترة متقدمة من الحرب إلى تصعيد معارضة الشعب الأميركي لتلك الحرب. ويقول هؤلاء إنه لم يسمح في الحرب على العراق العام 1991 سوى بالسماح لعدد محدود جدا من الصحافيين بالوصول إلى خط الجبهة تحت رقابة البنتاغون.
ويقول مديرون تنفيذيون في وسائل الإعلام الأميركية إنهم يدركون أن الوصول إلى أخبار الحرب يكون له ثمن. وأعرب الصحافي البارز في شبكة التلفزيون الأميركية «سي بي إس» دان راذر عن قلقه من أن البنتاغون قد يجعل من الصعب بث تصورات معينة إذا تحدثت عن رواية مخالفة للرواية التي تريد البنتاغون بثها. وقال: «إن الكثير من الناس يقولون الأشياء الصحيحة، ولكن في ضباب الحرب فإن هذه الأشياء ستكون متغيرة». أما ديفيد هولبرستام الذي غطى حرب فيتنام بدءا من العام 2691 والحائز جائزة بوليتزر فيقول إن المسالة الحاسمة هي التحرك. ويضيف متسائلا: «فهل يمكنك الوصول إلى المكان الذي تريد؟». وكانت «البنتاغون» دربت 232 من الصحافيين على ظروف القتال في معسكرات منفصلة في قواعد عسكرية في الولايات المتحدة. ولن يسمح للصحافيين مع القوات الأميركية بحمل أسلحة نارية، كما أنهم خلافا لما كان عليه الحال في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام فإنهم لن يرتدوا ملابس عسكرية يوزعها الجيش الأميركي على رغم أن باستطاعتهم شراء الزي العسكري الخاص بهم وعليهم أن يشتروا الخوذ والجاكيتات الخاصة بهم وبالمدفعية المضادة ولكنهم سيعطون جهازا يطلق عليه إن بي سي لحمايتهم من الهجمات بالأسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية. كما أنهم سيشاركون الوحدات العسكرية الأميركية في وسائل النقل والأكل والسكن
العدد 173 - الثلثاء 25 فبراير 2003م الموافق 23 ذي الحجة 1423هـ