العدد 173 - الثلثاء 25 فبراير 2003م الموافق 23 ذي الحجة 1423هـ

ارتياح المعارضين للحرب ضد العراق سابق لأوانه

هستيريا عبرية:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

احتل الصحف العبرية موضوع الحرب الأميركية المحتملة على العراق والمرتقبة إسرائيليا بفارغ الصبر... أو الهستيريا التي تتحكم اليوم في الشارع الإسرائيلي حسبما وصفها شلومو غازيت في «يديعوت أحرونوت»، إذ أظهرت الصحف العبرية قلقا من مجريات جلسة مجلس الأمن كما من المظاهرات المليونية التي اجتاحت أكثر 600 مدينة حول العالم احتجاجا على الحرب الأميركية المحتملة على العراق، وعلى رغم عطلة الصحافة الإسرائيلية في السبت اليهودي، لم تستطع بعض الصحف الإسرائيلية الانتظار، بعدما تلقت الدبلوماسية الأميركية صفعة قوية وعلنية في مجلس الأمن الدولي إذ أجمع الأعضاء الخمسة عشر، باستثناء بريطانيا، على رفض الحرب الأميركية على العراق. وأبدوا رغبتهم في إعطاء المفتشين مهلة جديدة، في حين لم يلبِّ تقريرا رئيس لجنة الأمم المتحدة للمراقبة والتحقق والتفتيش للأسلحة العراقية «انموفيك» هانز بليكس والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، حاجة واشنطن وما يؤيد جنوحها إلى الحرب وتجاهل الإرادة الدولية الداعية إلى حل سلمي فنقلت «هآرتس»، تأكيدات مصادر مطلعة في القدس، ان الولايات المتحدة، مازالت مصممة على المضي في تحضيراتها للحرب ضد العراق.

ورأى عكيفا إلدار في «هآرتس»، ان مظاهر الارتياح التي بدت واضحة على وجوه المعارضين للحرب ضد العراق بعد تقرير هانز بليكس في مجلس الأمن جاءت سابقة لأوانها... إذ ان أصحاب القرار داخل الإدارة الأميركية الحالية الذين سيحددون في النهاية مصير الشرق الأوسط قرروا قبل سنوات تغيير وجه المنطقة...

وتحدث ألوف بن في «هآرتس»، عن الأجواء التي سادت «إسرائيل» في أعقاب تأجيل الحرب بضعة أسابيع، وسخر بن، من السيناريوات الوردية التي كانت قد نشرتها القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية عن المستقبل المنتظر لإسرائيل بعد الحرب على العراق، ويشير بن، إلى ان الإسرائيليين لا يولون اهتماما كبيرا بالعراقيل الدبلوماسية التي تواجه الولايات المتحدة في مجلس الأمن، في طريقها نحو الحرب ضد العراق. لافتا إلى ان التقدير السائد في «إسرائيل»، هو ان موعد الهجوم سيتقرر لاعتبارات لوجستية، عند اكتمال انتشار القوة الأميركية، والحرب ستبدأ في نهاية فبراير/ شباط أو بداية مارس/ آذار. كما لاحظ بن، ان القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل تتوق إلى الحرب في العراق، وتعلق عليها آمال النصر في معركة الاستنزاف المضنية مع الفلسطينيين. إذ انها ترى ان إبعاد ياسر عرفات، عن السلطة سيرمز إلى الاستسلام الفلسطيني. لافتا إلى ان كبار مسئولي الجيش الإسرائيلي وأبواق شارون، مثل مستشار الأمن القومي آفراييم هاليفي، أطلقوا في الأسابيع والأشهر الأخيرة سيناريوهات وردية للغاية عن المستقبل المتوقع لـ «إسرائيل» بعد الحرب في العراق. ووصفوا الأثر الزاحف الذي بموجبه يسقط في أعقاب صدام أيضا الخصوم الآخرون لإسرائيل في المنطقة مثل عرفات، وحسن نصر الله، وبشار الأسد، وآيات الله في إيران وربما أيضا معمر القذافي. ومعهم سيختفي أيضا «الإرهاب» وأسلحة الدمار الشامل. إلا ان بن، رأى ان المواجهة في مجلس الأمن أظهرت ان الولايات المتحدة تواجه صعوبة في فرض سطوتها على الأسرة الدولية، وان من السابق لأوانه الابتهاج بتحول الشرق الأوسط إلى بحيرة أميركية، تتمتع فيها «إسرائيل» بالمكانة المفضلة. إذ ان المواجهة بين الولايات المتحدة، وأوروبا تجري أساسا بشأن العراق، ولكنها تجري أيضا في الهامش بين «إسرائيل» والفلسطينيين. فشركاء الولايات المتحدة في الرباعية الدولية أجروا يوم الجمعة مظاهرة خاصة بهم، إذ انتزعوا من عرفات تصريحا علنيا بقبول «خريطة الطريق» من دون شروط، ونيته تعيين رئيس وزراء فلسطيني. معتبرا ان الإعلان عن تعيين رئيس وزراء فلسطيني، جاء ليثبت للأميركيين ان هناك جدوى سياسية وراء إصرار الأوروبيين، والروس، والأمم المتحدة، على مواصلة الحوار مع عرفات. ورأى بن، أخيرا ان إعلان عرفات، يشكل نصرا كبيرا لشارون، الذي طالب بتعيين رئيس وزراء ذي صلاحيات في السلطة، ونجح في تجنيد حتى الأوروبيين والأمم المتحدة، للضغط عليه كي يبتعد عن الطريق.

الضغط على ايران

وكان ألوف بن، قد أشار في مقال آخر، إلى ان المسئولين الإسرائيليين بدأوا يحذرون الولايات المتحدة من السماح لإيران، بالاستفادة من الحرب المرتقبة في العراق. وأضاف ان المسئولين الإسرائيليين شددوا خلال محادثاتهم مع الأميركيين على الحاجة إلى تكثيف الضغط على إيران، ومنعها من الحصول على أسلحة نووية وعلى صواريخ بالستية بعيدة المدى. ونقل قلق مصادر في جيش الدفاع الإسرائيلي، إزاء إمكان أن تستفيد إيران، من الزيارة التي قام بها مدير وكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي لطهران، لكي تضفي شرعية على برامجها النووية.

ورأى عكيفا إلدار في «هآرتس»، ان مظاهر الارتياح التي بدت واضحة على وجوه المعارضين للحرب ضد العراق، بعد تقرير هانز بليكس في مجلس الأمن جاءت سابقة لأوانها. كما رأى ان مظاهر الفرح والبهجة التي ظهرت على وجوه مؤيدي عملية السلام بعد إعلان ياسر عرفات، عن نيته تعيين رئيس للحكومة جاءت بشكل مبالغ فيه. إذ ان أصحاب القرار داخل الإدارة الأميركية الحالية، الذين سيحددون في النهاية مصير الشرق الأوسط، قرروا قبل سنوات تغيير وجه المنطقة. إذ ان صانعي القرار داخل الإدارة الأميركية لا يحتاجون إلى أدلة ملموسة لكي يثبتوا وجود أسلحة دمار شامل في العراق، أو ليؤكدوا على ان هناك علاقة بين صدام وزعيم «القاعدة» أسامة بن لادن. ورأى إلدار ان رؤية هؤلاء لم تولد في 11 سبتمبر/ أيلول، ولم تنتهِ في 14 فبراير من العام الحالي. مستدركا بأن الأمر لو عاد لهؤلاء (صقور الإدارة) لكان سُمح منذ زمن طويل لارييل شارون، بنفي القيادة الفلسطينية. ولفت إلدار، إلى ان راسمي السياسة الأميركية داخل الإدارة الحالية والذين يطلق عليهم اسم المحافظين الجدد لم يخفوا قط أفكارهم وخططهم. مذكرا بالرسالة التي وجهها هؤلاء إلى الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، في العام 1997، والتي تطالبه بشن حرب ضد العراق. كما ذكّر بالرسالة التي وجهها رئيس لجنة الاستشارات في البتناغون ريتشارد بيرل، في 20 سبتمبر من العام 2001، أي بعد مضي تسعة أيام على حوادث 11 سبتمبر، يحثه فيها على استبدال صدام حسين، بأعضاء من المعارضة العراقية. وخلص إلى القول ان رؤية هؤلاء لا تتضمن إجراء اتفاق مع العراق لنزع سلاحه باعتباره خيارا بديلا عن إزاحة صدام حسين. كما انه لا يوجد مكان في هذه الرؤية لاستئناف عملية أوسلو باعتبارها خيارا بديلا عن التخلص من عرفات.

التفتيش... مصيدة للرئيس

ورأت «هآرتس»، في مقالها الافتتاحي، ان عملية التفتيش الدولية في العراق، تبدو وكأنها باتت مصيدة للرئيس جورج بوش، وليس للرئيس العراقي صدام حسين. فالجدول الزمني العسكري لشن هجوم ضد العراق، بات مقيدا بالجدول الزمني للسياسات الدولية. ولاحظت الصحيفة العبرية، ان معظم الدول المعارضة لإزاحة صدام حسين، وللقضاء على المخاطر التي يفرضها، تكن عداء لـ «إسرائيل». وهذا الأمر بدا واضحا في الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، وفي التظاهرات المناوئة للحرب والتي نظمت في كل أنحاء العالم. ووصفت «هآرتس» هذه الظاهرة بالمشينة. إذ انها شكلت مؤشرا على ان الصراع ضد الحرب لم يستطع الابتعاد عن المصالح والاعتبارات التقليدية الضيقة على رغم بعض أهدافه النبيلة. ورأت «هآرتس»، أخيرا ان فترة الانتظار الإضافية التي من الواضح انها ستفرض على الولايات المتحدة، تلزم «إسرائيل» بممارسة ضبط النفس من خلال تجنب حث بوش على خوض الحرب، أو إثارة الذعر وسط مواطنيها.

اللقاء الفلسطيني سلاح بلير

وأثار دوغلاس ديفيس في «جيروزاليم بوست»، المخاوف من التحرك البريطاني باتجاه تحريك اللقاءات الفلسطينية الإسرائيلية، فالزيارة المرتقبة للوفد الفلسطيني إلى لندن، بحسب ديفيس، قد تشكل السلاح الرئيسي في معركة طوني بلير السياسية وخصوصا أن رئيس الوزراء البريطاني يناضل للحفاظ على بقاء حكمه المتداعي ولاستعادة صدقيته الخارجية التي فقدها بسبب دعمه لواشنطن في الأزمة العراقية... ولفت ديفيس، إلى ان بلير، مقتنع بأن إيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو المفتاح الرئيسي لتحقيق فوز في الحرب ضد «الإرهاب». وأكد ديفيس ان بلير، وعلى عكس عدد كبير من أعضاء حزبه، لا يكره «إسرائيل»، إلا انه أيضا ليس أفضل صديق للدولة العبرية في أوروبا. وخلص ديفيس، إلى ان بلير الآن في ورطة كبيرة، ورأى ان ما يجب أن يثير قلق «إسرائيل» هو أن يسعى بلير إلى التخلص من مشكلاته الداخلية والخارجية على حساب الدولة العبرية... من جهته، لفت عموس هاريل في «هآرتس»، إلى ان جيش الدفاع الإسرائيلي ما زال يقدر بأن الحرب ستبدأ بين 15 فبراير ومنتصف مارس. لكنه نقل عن أحد المسئولين البارزين في جيش الدفاع يعتقد بأن الأميركيين لن يعلنوا عن الحرب قبل أن تبدأ، وانهم قد يعملون على زيادة وتيرة حملاتهم الجوية وعملياتهم الخاصة التي بدأت بالفعل داخل العراق بشكل تدريجي.. ورأى زئيف شيف في «هآرتس»، ان الولايات المتحدة ستحقق من دون شك انتصارا كاسحا في الحرب ضد العراق ولكن المنطق يتطلب النظر في بعض العراقيل المحتمل وقوعها مثل إمكان أن ترد «إسرائيل» إذا ما تعرضت لهجوم عراقي... وأن يحتل الجيش التركي الجزء الشمالي من العراق لمنع قيام حكم ذاتي كردي... وأن تستفيد إيران من الحرب العراقية من خلال مضاعفة نفوذها وسط الشيعة في بغداد... وسخر شلومو غازيت في «يديعوت أحرونوت»، من التعبئة الإسرائيلية بشأن الحرب على العراق، وهو إذ يرى ان الدافع الرئيسي الذي كان للعراق في حرب العام 1991 إلى الهجوم على «إسرائيل» لم يعد قائما الآن، حين سعت بغداد إلى إخراج الدول العربية من التحالف مع الولايات المتحدة. وبناء عليه لا يمكن فهم الهستيريا التي تتحكم اليوم بالشارع الإسرائيلي... وقال غازيت، ان هذه الهستيريا تهبط علينا من أعلى، من قادة الدولة الذين يحاولون إقناعنا بكل قوتهم بأنهم استعدوا هذه المرة للحرب بالشكل المناسب. وتوقع غازيت، ساخرا أيضا، أن تقع إصابات أثناء الإخلاء الجماعي الذي سيبدأ مع اندلاع الحرب أكثر من إصابات صواريخ أرض أرض التي وقعت العام 1991.

لكن من جهة أخرى، وفيما «هستيريا» الحرب على العراق تشغل الصحف العبرية، تطرق (مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر) زبغنيو بريجينسكي و(مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأب) برنت سكوكروفت في مقال نشرته «وول ستريت جورنال»، إلى رؤية الرئيس الأميركي جورج بوش، بشأن قيام دولة فلسطينية مستقلة، وإلى «خريطة الطريق» التي تعمل على صوغها اللجنة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا، لتطبيق هذه الرؤية. ورأى الكاتبان، ان الشعب الفلسطيني يستحق كما قال بوش، قيادة ومؤسسات غير مرتبطة أو ملطخة بالـ «إرهاب» والفساد. إلا انهما استدركا قائلين، ان استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين و«إسرائيل» يجب ألا تكون مشروطة باستبدال شخص معين، في إشارة إلى عرفات، إذ ان هذا الشرط سيواجه مقاومة من جانب شرائح كبيرة من السكان الفلسطينيين. واعتبر الكاتبان، ان عملية السلام التي تحمل وعودا موثوقة بقيام دولة فلسطينية فعلية، هي التي ستساعد بشكل رئيسي في الحث على التغيير داخل المجتمع الفلسطيني، وفي دفع الفلسطينيين إلى المطالبة بوقف كل أشكال العنف والعمليات الانتحارية. ودعا الكاتبان، الولايات المتحدة إلى عرض تفاصيل رؤية بوش لحل قائم على أساس الدولتين، التي يجب أن تسفر عن:

1ـ دولتين مستقلتين حدودهما مقاربة لحدود ما قبل يونيو/ حزيران من العام 1967، مع تعديلات جغرافية ناتجة عن التفاوض وليس عن الضم من جانب واحد.

2ـ ترتيبات بخصوص القدس تتضمن سيادتين منفصلتين مع المحافظة قدر الإمكان على المدينة غير مقسمة ماديا.

3ـ الإغاثة والعدالة للاجئين الفلسطينيين بطرق لا تهدد ميزان إسرائيل الديمغرافي (مثلا «حق العودة» إلى دولة فلسطين الجديدة، وعودة محدودة إلى «إسرائيل» تحت تسمية لمّ شمل العائلات، وتمويل دولي سخي للإعادة والتوطين والتعويض).

4ـ نظام حماية للمواقع التي تعتبر مقدسة لدى اليهود والمسيحيين والمسلمين.

5ـ اتفاق على ترتيبات للأمن الداخلي. ودعا الكاتبان الرئيس بوش إلى عدم التباطؤ في عرض تفاصيل رؤيته، وخصوصا أن الدول العربية، وقسما كبيرا من العالم الإسلامي، وكذلك معظم البلدان الأوروبية ترى صلة مباشرة بين قدرتها على تأييد أهداف الولايات المتحدة في العراق وجديتها في العمل من أجل تسوية عادلة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي

العدد 173 - الثلثاء 25 فبراير 2003م الموافق 23 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً