العدد 172 - الإثنين 24 فبراير 2003م الموافق 22 ذي الحجة 1423هـ

الكتاب الثقافي لجامعة البحرين... جهد توثيقي تعيبه الانتقائية

الكتاب السنوي لموسم الجامعة الثقافي يستحق التنويه للتذكير بأهمية هذا الجهد الذي يتطلب مزيدا من التطوير والعناية الجادة. هذا الإصدار الذي بدا واضحا عليه الإرباك في التوثيق التاريخي لفعاليات الجامعة الثقافية، إذ دمغ على الغلاف الرقم (2) للإشارة إلى الكتاب السنوي الثاني في حين جاءت المقدمة التي كتبها رئيس الجامعة السابق ماجد النعيمي لتقول إنه الكتاب السنوي الثالث. كما ضمت إلى الكتاب فعاليات جرت قبل الموسم الثقافي المخصص لهذا الكتاب وهو موسم العام 2001/2002 م. وتضاف إلى ذلك قلة العناية في تأريخ بعض الأنشطة المسجلة، والأهم من ذلك كله عدم استيفاء الكتاب لتغطية الفعاليات الثقافية كافة التي شهدتها الجامعة خلال الموسم المخصص، إذ يزخر الجدول المرفق في خاتمة الكتاب بحوالي 90 فعالية مقامة بين محاضرة وندوة وورش عمل ومعارض تناوبت على تنظيمها مع اللجنة الثقافية التي يرأسها فواز طوقان، باقي الجمعيات والدوائر الإعلامية والأكاديمية والطلابية في الجامعة، فما هو مسجل في الكتاب السنوي لا يتجاوز 12 فعالية من هذه التسعين، علما بأن عددا من هذه الاثنتي عشرة ليست داخلة أصلا ضمن شرعية الانتساب إلى التسعين هذه كونها نظمت قبل تاريخ الموسم المعني به الكتاب.

قد تبدو هذه الملاحقة الهامشية للكتاب فارغة من المعنى ومهووسة بمتابعة الأخطاء، وربما توحي بشيء من السلبية وسوء الظن أيضا. إلا أن الرغبة في تجويد مثل هذا الإصدار المهم هو وحده الذي يدفع مثل هذه الملاحظات التي قد تبدو شكلية للوهلة الأولى ولكنها ترمز إلى ما هو أبعد. فمن غير الطبيعي أن يقفز مشرفو الكتاب السنوي على الكثير من الفعاليات ذات الطابع المعرفي والثقافي التي أقيمت في الجامعة، وأن يكتفى بالإشارة إليها بالعنوان والتاريخ، وذلك تبنيا لاتجاه معين يحكم اللجنة الثقافية ويملي عليها الميل إلى فعاليات بعينها وتحت تأثير مجاملة أو محاباة الجهة المنظمة لهذه الفعالية أو تلك! فهناك فعاليات تبذل من قبل جهات طلابية تستحق التغطية، فضلا عن أن كتابا سنويا يتولى التوثيق للنشاط الثقافي في الجامعة حري به أن يوسع مداه ليكون صورة حقيقية لما يجري من فعل ثقافي في جامعة البحرين. وقبل الانتهاء من هذه (السلبية) في قراءة الكتاب بودي أن اطرح تساؤلين، الأول أؤكد براءته ولا أنفي من الثاني ما يختلجه من مشاكسة. التساؤل الأول بشأن السطر التعريفي للكتاب الوارد في أعلى الصفحة الثانية غير المرقمة من الكتاب والذي ذكر بأنه - أي الكتاب الثقافي السنوي - يعنى بتوثيق المحاضرات والندوات التي (تتحدث عن مملكة البحرين) في حين أن لا شيء مما هو وارد في الكتاب يتحدث عن المملكة ؟! أما التساؤل الثاني فيخص واقع الإصدارات التي اجتاحت جامعة البحرين وبدأت تثير شيئا من الفوضى (... مجلة العلوم التربوية، العلوم الإنسانية، ثقافات، أوان...)، اتساءل أهي صحوة ثقافية تحكي عن رغبة في تحريك الركود الثقافي الذي يجثم على المشهد البحريني عموما، أم أنها نتاج علاقات وتوازنات لا تتجاوز أسوار الجامعة ؟!

الفعالية الأولى المنقولة هي ندوة «الصحافة الثقافية في المطبوعات العربية... الإنجاز والطموح» التي نظمت نهاية أكتوبر/تشرين الاول 2000م وشارك فيها كل من أحمد فرحات وعبده وازن. أوضح فرحات في ورقته حقيقة أن الصحافة بما فيها الصحافة الثقافية كانت ابتدأت على يد الأدباء والشعراء في العالم العربي وخارجه، وأشار إلى أن الريادة في تأسيس صفحة ثقافية مستقلة كانت لصحيفة «النهار» اللبنانية في شخص الشاعر أنسي الحاج الذي أصدر أول ملحق أدبي أسبوعي صحافي. ورقة وازن ميزت بين الصحافي الثقافي والسياسي، وبينت الفرق بين ما يسمى النقد الصحافي والنقد الأكاديمي الذي لا تتحمله الصحافة الثقافية اليومية، كما أشار وازن إلى أزمة عدم التخصص في الصحافة الثقافية العربية ومشكلة التطفل الحاصل فيها.

البروفيسور الألماني إيكهارد شولتز خص محاضرته التي عقدت في نوفمبر/تشرين الثاني2000 بموضوع المستشرقين والعرب، وابتدأ بالوقوف أمام سؤال: ما الاستشراق؟ واستعرض خلال ذلك خواص الاستشراق الألماني وبعض محطاته التاريخية والنظرة الجديدة التي بدأ يمارسها. وأعاد الكتاب السنوي نشر بحث لسعيد الغيلاني عن منطقة صحار ودورها الحضاري في العصر الإسلامي، وهو بحث قدم في ندوة المراكز الحضارية في الخليج العربي والتي عقدت في أكتوبر 2000م.

الناقد السوري صبحي حديدي تناول في محاضرته واقع الشعر العربي ضمن عنوان (حداثات الشعر العربي المعاصر: انساق اختلاف أم ملات ائتلاف) وانعقدت المحاضرة في مارس/ آذار 2002 م. أسس حديدي نقاشه للحداثات الشعرية على أساس تقسيم ثلاثي، أوله ما أسماه بالبرهة السيابية نسبة إلى شاكر السياب، والبرهة السبعينية، وبرهة الثمانينات والتسعينات التي هيمنت فيها قصيدة النثر. وفي الفترة نفسها كانت للمؤرخ العراقي عبدالعزيز الدوري محاضرة بعنوان (المدينة الإسلامية/نشأتها وتطورها) تحدث فيها عن تاريخ المدينة الإسلامية من خلال أبعادها العمرانية والفنية والحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وكل ما يرتبط بالحياة الحضارية.

في نهاية مايو/ايار 2001م عقدت ندوة عن (الدوريات الثقافية العربية بين البزوغ والأفول) شارك فيها كل من عزالدين إسماعيل وإبراهيم غلوم. استعرض إسماعيل تاريخ الصحافة الثقافية التي لا تتجاوز 300 عام، وتطرق إلى واقع ومفهوم المجلة الثقافية ودورها المناط بها مستعرضا أمثلة من الواقع الغربي والعربي وبعض تجاربه مع المجلات الأدبية والثقافية. غلوم نظر إلى مشكلة المجلات العربية بوصفها تعبيرا عن أزمة الثقافة العربية من ناحية وأنها تعكس من ناحية أخرى إشكالية علاقة المثقف بالسلطة.

الباحث الغالي احرشاو اختار لمحاضرته عنوان (الصورة المعرفية وإشكالية السيكولوجيا في الوطن العربي) متهما البحث السيكولوجي العربي بالشيخوخة والإفلاس كون مصادره المرجعية لم تعد مستساغة، وشرع بعد ذلك في الحديث عمّا يسمى بالسيكولوجيا المعاصرة والسيكولوجيا المعرفية التي انطلقت في ستينات القرن الماضي وغيرت جذريا طريقة تصور النفس البشرية وأساليب دراستها.

وكعادتها نظمت دائرة الأنشطة الثقافية (جمعية كلية الآداب) فعالية محاكمة الشعراء وعقدت في نوفمبر 2001 محاكمة أدبية للشاعر المتنبي وتكونت هيئة المحكمة من فواز طوقان وعبدالقادر فيدوح وأحمد أبورعد، في حين مثل عبدالكريم الهيتي دور الإدعاء العام وعبدالحميد المحادين دور الدفاع.

وفي محاضرة عميقة عقدت في نوفمبر 2000م قدم الناقد كمال أبوديب بحثا عن (انهيار الخطاب الشمولي وبروز خطاب المهمشين)، استعرض فيه وقائع من المشروع الحداثي وبعض تجليات ما بعد الحداثة في الإنتاج العربي الأدبي والواقع العام، وخلص إلى القول بانهيار خطابات العقائديات الشمولية وبروز خطاب الأقليات.

وأثناء زيارته المثيرة الأخيرة للبحرين قدم محمد اركون محاضرة في جامعة البحرين عن موضوعة الإسلام والغرب من خلال مفهوم فضاء البحر المتوسط الذي أسس مخيلا جماعيا معينا للعلاقة بين الإسلام وأوروبا، منتهيا إلى إعادة طرح رؤيته المعروفة بخصوص تفكيك الخطابات الدينية التي تحتاج إلى حفريات تعيد اكتشافها مجددا.

الباحث التربوي محمد رضا جواد قدم في ديسمبر/ كانون الأول 2000م محاضرة تحت عنوان (تربية العامة... تربية الخاصة... الأزمة الصامتة في الثقافة العربية الإسلامية)، مستثمرا نصوصا دينية وتراثية للحديث عن النظرية العامة في السببية التراكمية التي تقول إن أية أزمة اجتماعية هي حصيلة عوامل تاريخية واقتصادية ونفسية وليست ابنة ساعتها، وما لم تفحص تلك العوامل صحيحا فإن الأزمات تزداد تعقيدا أكثر فأكثر.

وآخر تغطيات الكتاب تناولت محاضرة الناقدة نبيلة إبراهيم التي تحدثت عن (الظاهرة النسائية) من خلال الأدب الشعبي. وتطرقت إلى الموروث الشعبي وخصائص التعبير الشعبي لتشير إلى أزلية الظاهرة النسائية وشيوعها في كل المجتمعات البشرية. ثم استعرضت أصداء القهر الاجتماعي للمرأة في الأدب الشعبي العربي، ووقفت في الخاتمة عند الحركة النسائية الجديدة التي افرزت مظاهر كثيرة منها ما يسمى بالنقد النسائي.

الكتاب الثقافي الثاني

مجموعة من الكتاب والمساهمين

موسم جامعة البحرين الثقافي

للعام 2001/2002م





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً