العدد 171 - الأحد 23 فبراير 2003م الموافق 21 ذي الحجة 1423هـ

سدنة التواصل الحضاري والتاريخي

حسام ابو اصبع comments [at] alwasatnews.com

ثلاث تجارب محلية في غاية الاهمية، تبدو شاخصة على الدوام، لكنها لم تحظ بعد بالاحتفاء والقراءة التي تستحق... وهي جهود معروفة ومألوفة بالنسبة إلى القارئ والمتتبع المهتم سواء بسواء. لكن هذه المعرفة كانت ولاتزال ترواح في حدودها الدنيا، على رغم الفرادة التي تقدمها باستمرار، والاقتراحات الكثيرة التي تجترحها. فتجد عندهم دائما الجديد، وفي جعبتهم يخبئون نفائس يدهشون بها قراءهم بين الفينة الأخرى.

وأعني بهذه التجارب كل من: عيسى أمين، محمد الخزاعي، مهدي عبدالله... فجهودهم ضافية، وهي ماثلة للعيان، واسهاماتهم تلتقي في نقطة معينة وتفترق، ثم تعود لتلتقي على صعيد الانشغال، وعلى مستوى إخراج نفائس مدفونة، أو غير متداولة إلا في حدود ضيقة، وفق اشتراطات تقتضي الالمام والاتقان لمنجز الآخر معرفة ولغة.

ويصعب علينا في هذه الومضات الخاطفة، الاشارة او حتى الالماح إلى كل ما قدموه للمتلقي المهتم بالتاريخ والآداب... فجهودهم تحتاج إلى تفصيل لا يسعه المقام الذي نصدر عنه، انها تتباين لجهه غزارة الانتاج وتنوعه، فأمين كرّس جزءا ليس هينا من بحثه وترجمته لسبر الوجود البرتغالي في المنطقة من خلال مذكرات اندراردي، أو عبر اسفار تيخسيرا، أو في مذكرات بربروسا ولينخوتن، انتقل بعدها إلى معالجة مرحلة زمنية متقدمة عن تلك من خلال مذكرات واوراق لويس بيلي الخاصة، وصولا إلى ما سجله بول هاريسون من مشاهدات اثناء خدمته الطبية مطلع القرن الماضي.

اما الخزاعي فهو صاحب همّ مزدوج يتواصل تارة مع عوالم الآداب والفنون «المسرح»، ويبتعد قليلا عنهما طارقا بوابة التاريخ. وقدم من ضمن ما قدمه تنويعات على اهتماماته المشار اليها، فهو يرصد ارهاصات المسرح العربي في بواكير تشكله، ويقدم إلى قراء العربية رائعة اورويل الشهيرة، وقبلها ترجم كاتبا لافتا هو دليل انجلاء كلارك عن جزائر البحرين، ثم عاوده الحنين مجددا ليترجم اقدم واهم اطروحة علمية عن حضارة دلون، وقسماتها الرئيسة.

ومهدي عبدالله - وإن كان مقلا عن سابقيه - فيحسب له ايضا سعيه في هذا الاطار فنكهة الماضي التي هي نتف من تاريخ البحرين، تلتئم في سياق مذكرات بلجريف من ناحية الفترة الزمنية، ناهيك عن التقاطع المكاني، وبالاضافة إلى كونه كاتب قصة قصيرة وله تجربة وحيدة في هذا السياق - وهي اقل اهمية قياسا بما ترجم - فقد صدرت له مجموعة قصصية عبارة عن مختارات ترجمها لأسماء ذات مقام رفيع في هذا الفن الكتابي مثل: توماس مان، فرجينيا وولف، سوموست موم، جيمس جويس، جرهام جرين، أوسكار وايلد وغيرهم.

إن هذه الجهود تستحق العناية والاهتمام، كونها لاتزال بهمّها المعرفي، وهي في سعي لم ينقطع في محاولة تقديم جرعات تأتلف مع بعضها بعضا، وتحاول جمع اشتات الخريطة التاريخية بتعرجاتها، وانحناءاتها المختلفة والمتبانية... انها جهود تستحق ان يحتفى بها، وخصوصا انهم ينطلقون من منطلق يتمسك بأهم اداة من ادوات التواصل الحضاري، ويثرون المكتبة التاريخية بإتاحة هذه الكنوز بيسر لمن شاء ان يعرف او حتى ان يستزيد

العدد 171 - الأحد 23 فبراير 2003م الموافق 21 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً