العدد 171 - الأحد 23 فبراير 2003م الموافق 21 ذي الحجة 1423هـ

عندما يشكو المواطن هموم قريته «المنكوبة»!

للأسف الشديد بلدياتنا لا ترفع شعار عدم انتهاك مساحات الحزام الأخضر إلا في وجه الفقراء... وهذه مشكلة كبرى، فالحزام الأخضر أصبح مليئا بالثقوب بسبب ذلك التقطيع الذي يمارسه كل من يمتلك فيتامين «واو» أو له علاقة حميمة بمتنفذ أو قريب من حنان قلب أي وزير. المساحات الخضراء في المملكة بدأت تتحول إلى أبنية وشقق وعقارات وشاليهات حمراء لا يمكن الوصول إليها لأنها ملك خاص. كل ذلك يحدث ولم نسمع عن ضجة تفتعل أو غيرة تحدث. لقد أقيمت الدنيا ولم تقعد على وزير العمل لتصريح الكل يعلم أنه لا يمكن أن ينفذ لعدم استقلالية الوزارة ولكثرة مراكز الضغط. بعض رجال الأعمال ابتلعوا السوق و احتكروا كل شيء، عملوا على ترسيخ ثقافة «أجنبة» الوظائف، استأثروا بالمناقصات، انتهكوا حقوق العمال والعامل البحريني ولم نسمع أحدا انتقدهم.

إذن، لماذا نعاتب العاطل الفقير وهو يطالب بقرص ورغيف؟ لقد قادوا حربا صحافية ضد قرار يعلمون أنه لن يتحقق. هل لنا أن نحاسب بعض الناس لتخريبهم البحر وقفزهم على رسومات البلدية أو تجاوزاتهم للقوانين؟

أكثر مؤسساتنا الخدمية مسئولة عن العبث الحاصل للبيئة وللبحر وللطرقات ولجماليات الطبيعة في البحرين، وكم نتمنى أن تكون هناك محاسبة لكل هذه التجاوزات وأن تكون هناك فزعة «لأجل الوطن». وأمام أي خطر يتهدد هذا الوطن نطرح هذه الأسئلة على وزارة البلديات والزراعة. فاستكمالا لتخريب الزراعة والسواحل نبدأ أسئلتنا:

- إن كلفة تنظيف محافظات الشمالية والوسطى والجنوبية تبلغ مليونا وربع المليون دينار سنويا، وستتولى مهمة التنظيف شركة ماليزية بحرينية وقد تمت المناقصة عبر عقد خصخصة النظافة. السؤال:

- هل تعلم وزارة البلديات عن وضع ومستوى النظافة في هذه المناطق؟ هل هناك دراسة تقييمية خصوصا ونحن نلحظ مدى القمامة المتراكمة في أوساط القرى، والتي عرضت بعض صورها في الصحافة وعلى السواحل كما في القرى الشمالية وأيضا في ساحل خليج توبلي؟

ما مدى نسبة بحرنة العمال في هذا القطاع؟ ولماذا لا توضع شروط من قبيل بحرنة سائقي السيارات؟ فإننا إذا اشترطنا نسبة كبيرة عند خصخصة أي مشروع فإننا نعمل بذلك على حل جزء من البطالة بدلا من زيادتها.

- جمع ونقل والتخلص من القمامة، كنس الشوارع والأحياء والتخلص من الأمطار في الشوارع الرئيسية والأماكن العامة ... يجب أن نضعها على ميزان التقييم والمتابعة وكذلك عند رفع السيارات الخربة والأثاث التالف لنضعها على المحك، وقد نستطيع أن نؤمن نظافة حقيقية.

- ماذا فعلت الوزارة مع شكاية 18 جزافا وخضارا مازالوا يعانون في مركز المحرق ويشكون من مزاحمة الآسيويين؟ فبعض التجار يقوم بنشر عماله في كل مكان، ما يسبب إضرارا بهؤلاء المواطنين الفقراء، فهم يدفعون رسوم البلدية وكذلك ضريبة انتشار العمالة السائبة وضغط البرادات والمجمعات التجارية التي سحبت البساط من تحت أرجلهم، فالكثير من هؤلاء أصبحت سلعهم تالفة بسبب المنافسة غير الشريفة.

- ماذا فعلت الوزارة تجاه شكاوى أهالي البرهامة والذين هم في طريقهم إلى رفع دعوى قضائية ضد بلدية المنامة بسبب توسط حظائر الأغنام وغير المرخصة منطقتهم السكنية؟ وللأسف الشديد، على رغم المذكرات الاحتجاجية التي رفعها الأهالي وإذا بهم يفاجأون بإعطاء رخص جديدة في المنطقة ذاتها، 'فكأنك يا بوزيد ما غزيت'.

وزارة البلديات والزراعة يجب أن تقوي نفسها بالمجلس البلدي، فهو الواجهة الشرعية للشعب، وما لم تستقوِ بها فتخرجه من عزلة أهل الكهف ليعطى صلاحيات وعلى ألا يعامل كضرة وخصم فإن مسار التنمية البلدية في المملكة لن يصل إلى طموحها ولكي تؤدي الدور المؤمل منها، فالناس تتساءل ما الدافع من تهميشه؟ وأيضا من نوم بعض أعضائه؟ فأول مسألة مهمة هو رصد مبلغ مناسب لموازنة هذه المجالس، فالموازنة المقترحة من أعضاء المجلس هي 35 مليون دينار، في حين قرر اعطاؤهم 24 مليونا مقسمة على مشروعات 5 بلديات متخمة بمشكلات كبرى. فالـ 24 لا يمكن أن تحقق الطموح، فالأهالي تضغط لإصلاح بنيتهم التحتية والموازنة متواضعة والمجالس الخمسة واقعة بين فكي كماشة والناس مازالت تسأل عن دورهم بعد انقضاء 6 أشهر من انتخابهم.

بلدية العاصمة يوجد فيها 14 حديقة تحتاج إلى صيانة، فهل يمكن إصلاحها؟ و3 حدائق للإنشاء، المقدر أن كلفة الجميع بـ 200 ألف دينار، علما بأن بعض الحدائق تحتاج إلى إنشاء جديد، فلا يصح أن يطلق عليها حديقة فهذه إهانة لهذا اللفظ الجمالي، فالأحرى تسميتها «مقبرة» و«كومة تراب»؟!. من ينظر إلى حديقة البلاد وأم الحصم الكبيرة يراهما عبارة عن أتربة، فقد تكلفت هاتان الحديقتان 62 ألف دينار. كم إذن سيبقى من الموازنة المقترحة، وخصوصا أن هدف المملكة من هذه الإصلاحات الجمالية هو خلق منافذ جمالية تنفسية للمجتمع، إذ اكتشفت الدولة فعلا ان الناس أهملت كثيرا في هذا الجانب بل اقتطع منها ما عندها من جمال نخيل وبساتين وبحار، وقد جاء الوقت للأخذ بخاطر الناس وخصوصا بعد الانتباه إلى أن حتى الحدائق المحسوبة على الناس تحولت إلى مقاهٍ ومطاعم، فالمساحة الخضراء أيضا أصبح الناس لا يستفيدون منها وأصبحت محتكرة للمشروعات الخاصة.

لقد خفضت الموازنة إلى ما يقرب من 41 في المئة من الأصل المقترح، إذن ما الحل؟

فالجذب السياحي لا يمكن تحققه بلا مساحات خضراء وحدائق جمالية، ويجب إشراك المجلس البلدي في المشروعات الكبرى أيضا بدلا من أن تصبح محتكرة على مدير إدارة الخدمات المشتركة للبلدية والجهاز التنفيذي. فالمجلس البلدي يجب إخراجه من التهميش ومن أزمة التداخل الإداري والتنفيذي، فهو أصبح محل تجاذب من هنا ومن هناك، فالمجلس البلدي يمتلك كفاءات عالية بإمكانها أن تؤدي دورا كبيرا في ذلك حتى يباشر في صوغ القرار البلدي، وأن يكون رقابيا لأي تجاوز، إذ هناك تسريبات من أن بعض عمالقة التجار قد يعفى البعض منهم من رسوم البلدية وذلك طبعا سيكون على حساب إضعاف أو عرقلة مشروعات المواطنين التي تحتاج مزيدا من مال الرسوم. إذن الموازنة التي رصدت متواضعة وليست بمستوى الطموح الذي عرضه الوزير من إنشاء حدائق وزرع زهور وسياحة عائلية وغيرها.

إن الموازنة ضعيفة أمام الضغوط التغييرية، مهرجان صيف البحرين رصدت له 4 ملايين دينار لفعالياته ووعد منظموه وهم مسئولو مجلس التنمية الاقتصادية بأن يعلنوا أرباحه وخسائره، وإلى الآن المسألة غامضة وهناك مقولات إن المهرجان ليس بالمستوى المطلوب ومازال هناك هروب من إعطاء صورة حقيقية «دراسة تقييم»، فإذا كان المهرجان استحق 4 ملايين، فالقطاعات الأخرى من بلدية وإسكان وغيرها تحتاج إلى ملايين الدنانير وهي أحق

العدد 171 - الأحد 23 فبراير 2003م الموافق 21 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً