العدد 171 - الأحد 23 فبراير 2003م الموافق 21 ذي الحجة 1423هـ

هل تستطيع المدن اختراع نفسها ثقافيا؟

هل تستطيع المدن أن تعيد اختراع نفسها ثقافيا من خلال مباني عرض الفنون؟ في بريطانيا، لم تتخذ هيئة المحلفين قرارها بعد، وفي سنغافورة ليست هناك هيئة محلفين أصلا. ويعد تحول «لي كون يو» الاجتماعي الاقتصادي القديم الذي دام ثلاثة عقود أمرا مذهلا، ولكن هذه الجزيرة - التي يحتشد فيها أكثر من 3,5 ملايين شخص - تمتلك ثقافة فنية غير مهمة.

ولكن سنغافورة تريد أن تعيد كتابة ذلك النص المختزل بشكل موحش، من خلال «اسبلانيد» وهو مركز فنون استعراضية جديد، يشكل مسرحا على الشاطئ، تم افتتاحه في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وسيفعل ذلك بطريقة منظمة لهذه المملكة المحتفظة بنقائها الأصلي، بحيث يجعلها ذات وزن مرض لمشهد الفنون الذي يكبر على الدوام من قبل «تشو وات بين» من وزارة المعلومات والاتصال والفنون الذي يعترف قائلا «نحن بحاجة لأن تكون لنا ثقافتنا الفريدة، ولكننا لم نترجمها بعد إلى عالم الفنون».

وقد افتتح هذا المعرض المجهز بشكل رائع، في مستودع تم تجديد أبوابه بعرض للرسام والنحات الأميركي المتطرف فرانك ستيلا، ويقول الرئيس التنفيذي لمركز ايسبلانيد «بنسون بواه» علينا أن نخلق المكان وأن نخلق الفرص لقد شعرت بأن هذا المركز يمكن أن يصنع فرقا أساسيا لسنغافورة ويمكن أن يكون مولدا ثقافيا لتطورنا الفني، الثقافة هي كائن حي وكذلك اسبلانيد».

يقع المركز بين ساحل المارينا ومنحدر نادي سنغافورة للكريكيت وهو يمثل شيئا وصل للتو، ومادة من مكان وزمان غير مألوفين لمعظم السنغافوريين حيث لا تشير القبتان غير المتناسقتين اللتين تغطيان المجمع إلى نماذج الشرق الأقصى، وتأتي الصلة الوحيدة المعقولة بالمكان من سلالم الألمنيوم العالية ذات الزوايا التي تشكل واقيا من الشمس على القبب الزجاجية التي تعطي السمة الأكثر سينمائية لاسبلانيد.

وقد كان اسبلانيد مصمما ومخططا بشكل جيد من قبل المهندسين البريطانيين جيمس سترلينغ ومايكل يولفورد اللذان صمما مركز اللوري في سالفورد كويز ومبنى السفارة البريطانية في برلين اللذين فازا عنهما بجائزتين. وقد ترك تنفيذ تصميمهم الهندسي في سنغافورة لشركة ذ للهندسة، الذي قدم مبنى يمثل نقطة تحول، ويحمل قوة نظرية واضحة قد تضعف في بعض الأماكن بسبب خطأ أو خطأين غير واضحين.

وسينجح اسبلانيد كعلامة تجارية، على رغم حذر بنسون بواه بخصوص «فرص السوق»، وهذا بالضبط ما يجب أن يستثمره اسبلانيد. إن مهمته تحوي هدفا يمكن أن يكتب بشكل مدمر من قبل الروائي المستقبلي بالارد - وهي الرغبة في تسلية أولئك الذين يريدون أن يستهلكوا منتجا فنيا أو الذين يحملون خبرة بأسلوب الحياة.

ويسهم أسلوب عمارة المبنى في هذا الأمر فهو يتكون من صندوقين داخل صدفتين لماعتين وهو مزيج من نموذج جريء وتفصيل تركيبي مبهج على الغالب الأمر الذي يعطي اسبلانيد بنية جذابة للغاية. ومن ساحات الطابق الأول والثاني، يبدو هيكل القبة جميلا بأكمله. أما الجزء الأقل جمالا فيوجد في الروابط بين الأغطية ذات الزوايا وأساس المبنى، أما الوجوه الحجرية فتحمل شكل شركات.

ولكن هذه الأغطية تبقى نجاحا هندسيا مثيرا، وقد جاءت فكرة الصدفات المتكونة من طبقات من الزجاج، ومن الفولاذ والألمنيوم عن طريق الحظ للمهندس فيكاس غور، الذي يقول «في أحد الأيام في المطبخ لاحظت خروجا عن القياس في المنخل، اذا لويته تصبح إحدى عيون الشبكة ضيقة وتشبه المعين، تصبح العيون محطمة وهكذا الأمر مع القبب نحن نشوه نصف الكرة إلى أشكال مطولة. ورأينا أن هذا العالم سيكون ثريا جدا نظريا وغنيا جدا للعموم». وعند ما عرض المهندس نموذج بيرسبيكس لاسبلانيد - وهو الأمر الذي شكل خطأ أخرق - يقول غور «فقد نظروا له على انه مبنى زجاجي وقالوا ليس هناك شيء أسيوي في التصميم». هذه الاستجابة لم تكن قضية مهمة، وقد أراد نائب رئيس الوزراء السنغافوري ورجل التجديد المدني، أونغ تينغ تشيونغ، اسبلانيد بأي ثمن واستساغ قوة شكله.

وإذا نجح اسبلانيد في تحريك المشهد الثقافي في سنغافورة، فقد تتغير النظرة للجزيرة - ليس فقط من قبل المسافرين والمغتربين، ولكن أيضا من قبل الناس المحليين. سنغافورة التي تثير اهتزازاتها في بعض الأحيان مناظر مطهرة وأخيرا قبب للملذات مهلكة سوف تصبح بعدها أغنى من مجرد كونها غنية.

ويبقى اسبلانيد في الوقت الحالي رسما زخرفيا هندسيا مشيدا بشكل جميل، أما بنسون بواه وتشو وات بن فيمكنهما فقط أن يأملا في أن يصبح هذا المبنى هو الجزء الأول من ثقافة مسيطرة ورواية فنية.

خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً