طرح الأمم المتحدة لأهدافها التنموية للألفية يثير تساؤل أين موقع البحرين من تلك الأهداف؟ ولماذا على سبيل المثال تجاهلها منتدى دافوس 2003 من دون اتخاذ قرار لصالح تفعيل تلك الأهداف الانمائية للألفية المتفق عليها في سبتمبر/أيلول 2000، لتحقيق طائفة من الغايات والأهداف المحددة من أجل مكافحة الفقر والجوع والمرض والأمية والتدهور البيئي والتمييز ضد المرأة.
إعلان مؤتمر قمة الألفية يشكل نطاقا عريضا من الالتزامات في مجالات حقوق الانسان، والحكم الرشيد، والديمقراطية، وعوضا عن ذلك ركز المنتدى على مشكلات البلدان الصناعية المشاركة تأكيدا لهويته بأنه ناد للأغنياء،أهم المشكلات الاقتصادية التي تواجهها هذه الاقتصادات الغنية تقلبات أسعار النفط وعدم استقرار العملة والعمل على تقوية اليورو لمنافسة الدولار باعتباره عملة صعبة يعتمد عليها العالم في المبادلات التجارية.
وفي المؤتمر الدولي لتمويل التنمية (مونتيري، المكسيك 2000)، تعهد زعماء البلدان المتقدمة والنامية على السواء بالوفاء بالتزاماتهم بتقدم الموارد والاعمال بسخاء لانجاح اهداف الألفية التنموية، إلا ان العالم لم يشهد أي جهد دولي لمساعدة البلدان الفقيرة خصوصا بعد حوادث 11 سبتمبر الأميركية، ولا ننسى أن الرئيس جورج بوش قسم العالم أما مع أميركا أو ضدها، لذلك فان أي دولة نامية تقف على الحياد ستحرم من المعونات التي تقدمها البلدان النامية. هذا الوضع الجديد نتج عنة ومن ضمن أمور أخرى افشال خطط ابرام صفقة عالمية لتواكب الاصلاح السياسي والاقتصادي المطرد الذي تضطلع به البلدان النامية، وهذا يعني أيضا توقف دعم البلدان المتقدمة للبلدان النامية اقتصاديا وفنيا، بما في ذلك تقوية التجارة، والاعفاء الضريبي، والاعفاء من الديون، وتشجيع حركة الاستثمارات الأجنبية.
وإذا كانت الأهداف الانمائية للألفية توفر تعاونا دوليا في إطار منظومة الأمم المتحدة لتحقيق غايات مشتركة فان مسألة الشفافية في عمل الأمم المتحدة، وتفكك الأسرة الدولية، وتزايد نسبة الفساد الاداري والمحسوبية في إعمالها، وعدم كفاءة العاملين بها نتيجة للتعيينات السياسية التي تديرها الدول الكبرى، مؤشرات وبوادر لانهيار النظام العالمي الجديد، بدأت تظهر على الأسرة الدولية، وهي علامات لا تبشر بخير لمستقبل الانسانية ورقي الحضارة الانسانية. إلا إذا نجحت مجموعة الأمم المتحدة الانمائية في كفالة أن تظل الاهداف الانمائية للألفية محورا لهذه الجهود.
الواقع الذي لا يمكن انكاره هو ان الأمم المتحدة تحتل في كل بلد نام مكانا فريدا يمكنها من إحداث التغيير إذا توافرت العزيمة الدولية لإحداث ذلك التغيير، ويمكن على ذلك الاساس ربط جميع البلدان به بهيكل للتعاون الدولي في مجالات المعارف والموارد والمساعدة على تنسيق الجهود الاوسع نطاقا على الصعيد القطري. العالم حتى الآن لم يحرز تقدما نحو بلوغ الأهداف الانمائية للألفية، وذا كان هناك بالفعل تقدم فانه متفاوت وبطيء جدا. ولن تحقق غالبية كبيرة من الدول الأهداف الانمائية للألفية إلا إذا حصلت على دعم كبير من دول منتدى دافوس الغنية ومن نادي باريس ومجموعة OECD المانحة، التي يجب ان تقدم خبرات فنية وموارد مالية لانقاد ثلاثة ارباع العالم من الجوع والحروب الاقليمية. منتدى دافوس الذي يروج لمحاربة ما يعرف بالارهاب والحملة الأميركية على العراق لم يواجه التحديات التنموية العالمية، أو معالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يواجهها المجتمع العالمي، إذا لابد من تعبئة الدعم المالي، وتوافر الادارة السياسية، واعادة اشراك الحكومات، واعادة توجيه الاوليات والسياسات الانمائية، وبناء القدرات والوصول إلى الشركاء في المجتمع المدني والقطاع الخاص.
ونحن مع الأسف الشديد نرى موقفا لا مبالي من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان،ومدير برنامج الأمم المتحدة الانمائي مارك مالوك براون، المتهمة منظمته بالفساد والمحسوبية خصوصا في مجال تعيينات للممثلين المقيمين للبرنامج في البلدان النامية، وهم لا يتمتعون لا بالكفاءة أو المؤهل اللازم لادارة البرنامج. براون الأميركي الجنسية بصفته رئيسا لمجموعة الأمم المتحدة الانمائية كان عليه تولي مهمة تنسيق الحملة المتعلقة بالأهداف الانمائية للألفية وأنشطة رصدها على الصعيد القطري، والقيام بزيارات ميدانية. وتكمن مهمته التي حددها قرار الأمم المتحدة الخاص بالألفية في تحقيق الآتي:
1- تقديم المساعدة العملية دعما للأوليات القطرية: وذلك بأن تساعد الأمم المتحدة في ادماج الأهداف الانمائية للألفية في جميع جوانب أعمالها على الصعيد القطري استجابة للاولويات التي يحددها كل بلد. وبناء عليه يعمل موظفو الأمم المتحدة والأفرقة القطرية عن كثب مع دائرة آخذة في التوسع باطراد من الشركاء يقدمون الدعم إلى الدول النامية باسداء المشورة العملية والمساعدة في تصميم السياسات والبرامج وبناء القدرات وتجربة الابتكارات، في الوقت الذي تقوم فيه البلدان بتخطيط مسارها نحو بلوغ تلك الأهداف.
2- الرصد على الصعيد القطري: وهذا يتطلب أن تعمل وكالات الأمم المتحدة ولجنة المساعدة الانمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، وفي حالات كثيرة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، على دعم التقارير المتعلقة بالأهداف الانمائية للألفية المقدمة من كل نام. وتسلط هذه التقارير، وهي في عدد متزايد من الحالات نتيجة التعاون بين حكومة البلد والقطاع الخاص والمجتمع المدني، الأضواء على المجالات التي تسير فيها البلدان في الطريق الصحيح نحو بلوغ هذه الأهداف والمجالات التي توجد حاجة إلى جهود ماسة فيها، وكيفية إنفاق النقدية.
3- الرصد على الصعيد العالمي: بعد انجاز التقارير تقدم التقارير القطرية التقارير العالمية المقدمة من الأمين العام عن تنفيذ الاعلان بشأن الألفية إلى الجمعية العامة. لكي تشمل هذه التقارير العالمية، فضلا عن الاهداف الانمائية للألفية احصاءات موجزة لجميع الأهداف مجمعة على الصعيد العالمي أو الاقليمي. وبالاعتماد على مدخلات من أسرة الأمم المتحدة بكاملها من الوكالات والصناديق والبرامج واللجان الاقليمية ومن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي وتتولى إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم لمتحدة مهام التنسيق فيما يتعلق بتحليل البيانات، وتتوافر لديها قاعدة بيانات شاملة بالاحصاءات على الصعيد العالمي.
4- كبير الباحثين: يعد مشروع بحوث الأمم المتحدة بشأن أهداف الألفية الذي سيولد بحوثا وأفكارا جديدة عن طريق حشد شبكات من الباحثين من البلدان النامية والمتقدمة النمو والعمل مع خبراء من داخل منظومة الأمم المتحدة. وسيساعد هذه الجهد العالمي الذي يرأسه حاليا المستشار الخاص للأمين العام بشأن الأهداف الانمائية للالفية جيفري سخس في التعرف على ما توجد حاجة إليه من السياسات والقدرات الموسعة والاستثمارات والتمويل المطلوب للبلدان من أجل بلوغ جميع الأهداف.
5-الجهات القائمة بالدعوة: يجب أن يكون الهدف الأول لمنظومة الأمم المتحدة وشركاؤها على الصعيد الدولي وفي المجتمع المدني، هو القيام بدور رائد في مجموعة من حملات التوعية بالألفية داخل البلدان، استنادا إلى استراتيجيات واحتياجات وطنية. وفي البلدان المتقدمة النمو، سينصب تركيز الحملات اساسا على إثارة حماس الرأي العام باعتباره وسيلة لدعم المساعدة الانمائية والتجارة والاعفاء من الديون والتكنولوجيا وغيرها من أشكال الدعم اللازمة لبلوغ الأهداف الانمائية للألفية. وفي العالم النامي، يتمثل الهدف في بناء تحالفات من أجل العمل ومساعدة الحكومات على تحديد الأولويات في جملة أمور منها الموازنات واستخدام الموارد بمزيد من الفعالية.
الأهداف الإنمائية
الأهداف الانمائية للألفية المقرر تحقيقها بحلول العام 2015 وردت في قرار الجمعية العام للأمم المتحدة (200) الخاص بالألفية، وهي الآتي:
1- تخفيض معدل وفيات الأمهات بمقدار ثلاثة أرباع: في العالم النامي، تبلغ نسبة التعرض لخطر الموت أثناء الولادة 1:048 ولكن جميع البلدان تقريبا لديها الآن برامج أمومة مأمونة، وتتأهب لاحراز تقدم.
2- تخفيض الفقر المدقع والجوع إلى النصف: مازال 1,2 بليون شخص يعيشون على أقل من دولار يوميا. ولكن 43 بلدا يعيش فيها ما يربو على 60 في المئة من سكان العالم قد بلغت فعلا هدف تخفيض نسبة الذين يعانون من الجوع إلى النصف بحلول العام 2015، أو هي في الطريق إلى ذلك.
3- وقف انتشار الأمراض، ولا سيما فيروس نقص المناعة البشرية/ متلازمة نقص المناعة المكتسب (الايدز) والملاريا والأمراض القاتلة أدت إلى الغاء المكاسب الانمائية لجيل كامل. وأوضحت بلدان من قبيل أوغندا والبرازيل وتايلند والسنغال أن بمقدورنا وقف انتشار فيروس نقص المناعة البشرية.
4- بلوغ هدف تعميم التعليم الابتدائي: لا ينتظم 113 مليونا من الاطفال في المدارس، ولكن هذا الهدف في المتناول، فعلى سبيل المثال، سينتظم 95 في المئة من أطفال الهند في المدارس بحلول العام 2005.
5- كفالة الاستدامة البيئية: مازال أكثر من بليون شخص غير قادرين على الحصول على مياه الشرب النقية، بيد أنه خلال التسعينات تمكن قرابة مليون شخص من الحصول على المياه النقية، وتوافرت المرافق الصحية لعدد مماثل.
6- تمكين المرأة وتعزيز المساواة بين الرجل والمرأة: إن ثلثي الأميين في العالم من النساء و80 في المئة من اللاجئين من النساء والاطفال. ومنذ انعقاد مؤتمر قمة الائتمانات الصغيرة في العام 1997، أحرز تقدما في الوصول إلى النساء الفقيرات وتمكينهن، وبلغ عددهن 19 مليونا تقريبا في العام 2000 فحسب.
7- إقامة شراكات عالمية لأغراض التنمية مع وضع أرقام مستهدفة للمعونة والتجارة والاعفاء من الديون: ينفق عدد كبير جدا من البلدان النامية على خدمة الديون أكثر مما ينفق على الخدمات الاجتماعية. ومع هذا، فإن الالتزامات بتقديم معونات جديدة في النصف الأول من العام 2002 فحسب ستصل إلى مبلغ إضافي قدره 12 مليونا من الدولارات سنويا بحلول العام 2006.
8- تخفيض وفيات الأطفال من دون سن الخامسة بواقع الثلثين: يموت 11 مليونا من الأطفال الصغار سنويا، ولكن هذا العدد انخفض عن عددهم في العام 1980 وهو 15 مليونا من الاطفال صادرة عن ادارة شئون الاعلام في الأمم المتحدة - أكتوبر/تشرين الاول 2002.
السؤال، هو ماذا أعدّ مكتب برنامج الأمم المتحدة المعتمد لدى دولة البحرين، لتنفيذ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بالأهداف التنموية للألفية. من جهتنا لم نسمع عن برنامج تنموي أعده المكتب للألفية، غير نجاح المكتب في اصدار تقرير رفع بموجبه البحرين في مجال التنمية البشرية إلى المرتبة الأولى، ولكن هل هذا التقرير الذي نشكر المكتب على إعداده، حقق ولو هدف واحد فقط من أهداف الألفية للتنمية في البحرين؟ سؤال يحتاج إلى اجابة. وإذا كان هناك بالطبع انجازات غير منظورة للمكتب في هذا المجال سيرحب الجمهور البحريني بها بعد أن يتطلع عليها عبر وسائل الاعلام المحلية أو العالمية، أو حتى عبر منشورات الأمم المتحدة
العدد 170 - السبت 22 فبراير 2003م الموافق 20 ذي الحجة 1423هـ