العدد 170 - السبت 22 فبراير 2003م الموافق 20 ذي الحجة 1423هـ

وزارة الإعلام وقانون الصحافة الذي ينتظر التعديل

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

خلال الأيام الماضية وزعت وزارة الاعلام أخبارا عن قيامها (مشكورة) بمصادرة «برامج حاسب آلي وأفلام أقراص ممغنطة كانت معروضة للبيع والتداول بصفة غير مشروعة». ومثل هذا الخبر يخدم سمعة البحرين لدى منظمة التجارة الدولية التي تحاسب الدول الأعضاء عن حقوق الملكية الفكرية ورعاية ضوابط التجارة الدولية.

إلا أن وزارة الاعلام - ربما عن غير قصد - خلطت هذا الاجراء الجيد مع أمور أخرى مختلف عليها بين أبناء الوطن الواحد، وهو الأمر المتعلق بقانون الصحافة والنشر الذي أمر سمو رئيس الوزراء بتشكيل لجنة لمراجعة وتعديل القانون الذي اعتبره عدد منا قانونا «مجمدا» بصورة عملية (حتى لو لم يصدر ذلك في الصحيفة الرسمية).

وهكذا اجتمعت اللجنة عدة مرات، وكان آخرها في رمضان في منزل الوزير محمد المطوع... وكان المفترض أن تجتمع اللجنة بعد فترة قصيرة وجيزة ولكن الفترات الوجيزة (أسبوعين إلى شهر واحد) انتهت ولم نسمع أي شيء عن تعديل القانون.

وعندما تحرك بعض أعضاء مجلس الشورى بمشروع لتعديل القانون غير الديمقراطي فرحنا بذلك، ولكن تم سحب المشروع لأن اللجنة «ستجتمع»... وحتى تجتمع اللجنة فإن المفترض من وزارة الاعلام عدم تطبيق القانون الذي أثار ضجة كبرى وتدخلت القيادة السياسية لحل الموضوع.

إن الإشارة المتكررة إلى ضبط مخالفات وانتهاكات «لقانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر» لا يمكن فهمها إلا محاولة لتعويد الصحافة والناس على سماع هذه العبارة التي من المفترض (على الأقل من الجانب الأخلاقي) عدم ذكرها. فقانون الصحافة لا يرقى إلى مرحلة انفتاحية نعيشها حاليا، وهذا القانون لا يسمح بتطوير مهنة الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية في البحرين، وهذا يعني أن الدول المجاورة التي ليست لها عوائق قانونية مماثلة لقانون الصحافة والنشر، ستكون هي المستفيدة لأن المستثمرين وشركات الصحافة والاعلام لن ترغب في المجيء إلى بلد تلاحقها فيه وزارة الاعلام لتعاقبها.

إن قانون الصحافة الذي تحاول وزارة الاعلام تطبيقه يبتعد كثيرا عن المبادئ التي أقرها الدستور والميثاق الذي صوت عليه الشعب لأنه تحدث عن حقوق الناس وكفالتها وضمان حرية التعبير. قانون الصحافة والنشر يفرض الرقابة المسبقة على الكتب ما يعني تراجعا واضحا عن كل المبادئ الديمقراطية وعما ورد في الميثاق والدستور.

كما أن قانون الصحافة المذكور وسع من المحظورات بدلا من تقليلها. فالمفترض أن المحظورات تقل في عهد الاصلاح وليس العكس. فالقانون الذي صدر في عهد «أمن الدولة» كان أقل قساوة من هذه الناحية.

ثم هناك المصيبة الكبرى، ان القانون ينص على عقوبات السجن المشددة بل انه يمد جسرا لقانون العقوبات ويصف «جرائم» التعبير عن الرأي بالصفات نفسها التي يتحدث عنها قانون العقوبات عن جرائم القتل والسرقة. وتسليط قانون العقوبات على الصحافيين يعني قتل الصحافة وخنقها لأن الصحافي سيكون خائفا باستمرار من تسليط النيابة العامة عليه. فالمفترض إذا كان هناك خلاف بين الصحيفة وشخص ما أن يذهب ذلك الشخص إلى المحامي والمحامي يحرك الدعوى أو يشتكي على الصحيفة إذا لم يستطع الطرفان حل الخلاف. أما في حال القانون المذكور فان النيابة العامة (الدولة) توظف امكاناتها وطاقاتها لملاحقة الصحافة حتى لو لم يكن هناك مشتك. وهذا يعني أن الصحافي قد يجد يوما ما أن النيابة العامة تلاحقه لتطالب بسجنه خمس سنوات لأنها فسرت القانون بطريقة ما أوحت إليها أن الصحافي خالف بنوده. والنيابة العامة لديها امكانات وموظفون وبالتالي فانها إذا سلطت على الصحافة بصورة تلقائية (بحكم القانون) فإن ذلك يعني أنها سيف مرفوع على رؤوس الصحافيين يمكن إنزاله متى ما كانت هناك حاجة للتضييق على الصحافة.

المادة 80 من قانون الصحافة تعطي حق تحريك الدعاوى للنيابة العامة من تلقاء ذاتها دونما حاجة إلى وجود شكوى من متضرر. واللجنة الصحافية التي أمر سمو رئيس الوزراء بتشكيلها احتجت على هذه المادة (وعلى مواد أخرى كثيرة) لأنها تحكم الخناق وتتساهل في الضمانات الواجب توافرها لحرية التعبير والرأي.

هذا الحديث وصل رسميا إلى القيادة السياسية وإلى المعنيين وتدخل سمو رئيس الوزراء وأمر بإجراء التعديلات على القانون وهدأت الخواطر واستبشرنا خيرا. غير أن التعديلات لم تتم ولم تتحرك عملية طرح التغييرات منذ آخر لقاء في رمضان، وكان الصبر خيارنا لاعتقادنا بأن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت. ولكن هذا الوقت «الضائع» يجب ألاّ يستغله أي طرف لتطبيق القانون وتعويد الناس والصحافة على سماع «ضبط مخالفات لقانون الصحافة والنشر»... فبحسب هذا القانون فان أشياء كثيرة تعد مخالفة، ولذلك فهو لا يصلح لمرحلة ما بعد «أمن الدولة»

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 170 - السبت 22 فبراير 2003م الموافق 20 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً