العدد 168 - الخميس 20 فبراير 2003م الموافق 18 ذي الحجة 1423هـ

«الطلاق» أصبح جزءا من ثقافتنا الاستهلاكية

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com
سيد ضياء الموسوي

ليس هناك مجال للشك في أن اللجوء الى الطلاق قد يكون حلا ناجعا لعلاقة اسرية فاشلة ولكن ذلك لا يعني أن  

أصبح جزء من الشباب والشابات وعلى طريقة الوجبات السريعة - يتعاطون مع الطلاق كما يتعاطون في رفضهم أكل «سندويتشه بالهامبورك» يبلعها سريعا أو يلقيها بجانب حائط.

أصبحنا نتعاطى مع قضية الطلاق بطريقة استهلاكية كما نتعاطى مع «الموبايل» كل يوم نستبدله بآخر وبعد غد نشتري نوعية أخرى!

حقيقة أصبح الطلاق والتهديد «بانتهاء العلاقة» من الأمور العادية بعد أن كانت في العرف الاجتماعي العام لا يمكن التلفظ بها فضلا عن تفعيلها الا في الصورة النادرة. ان الاسراع بالتلويح اللفظي بالطلاق أمام تفجر أية مشكلة قد يسهم في استحسان الطلاق ومن ثم ممارسته. تصلني الكثير من «الايميلات» من زوجات طلقن أو زوجات طلبن الخلع لأسباب أقل ما يقال فيها أنها تافهة. مثال على ذلك:

- فلانة طلقها، لأنها لا تعطيه الحق المطلق في التصرف براتبه.

- طلقها على رغم أنه يحبها، غير أنه وجد إمرأة أكثر حنانا عليه في العمل... هكذا وبكل بساطة اعطته كلمات جميلة فأخذت قلبه!

- طلبت الخلع - على رغم وجود الأولاد لأنها شاركت في بناء البيت في المنطقة الجديدة على أن تكون محل ارتياح نفسي لها بيد أن الوضع فاجأها بتعاسة المنطقة فطلبت الخلع فتم لها ما أرادت على رغم بكاء الأطفال.

للأسف الشديد الكثير من شباب اليوم يحمل أمية في الحياة الزوجية لا يعرف كيف يدير هذه المؤسسة؟ ولا يعرف كيف يعالج الأخطاء؟ البعض يرى من المشكلة العادية (جحيما لا يطاق) وأنه ظُلِمَ واكتشف خطيئة العمر و«اللعنة التي صبت عليه من هذه الزوجة» ولو فتشت بعد سيل هذه اللعنات ستكتشف أن الكثير منها مجرد أخطاء بسيطة تتكرر في أكثر من أسرة ولكن الخطأ والتهويل يقع بسبب النظرة الحالمة وغير الواقعية للحياة سواء من طرف الزوج أو الزوجة أو كليهما.

يجب أن نُفهم شبابنا وشاباتنا أنه لا توجد أسرة مثالية نموذجية 100 في المئة، لا يوجد زوجان لا يتخاصمان، لا يوجد زوج بلا أخطاء أو زوجة تحمل صفات الأنبياء. قدرة الزوجين في تحويلهما الكوارث الى حوادث لا العكس، وهذه قاعدة يجب أن نضعها أمام أعيننا في بداية تشكل أية أزمة هي التي تغلبهما على المشكلات.

أسباب الطلاق

- سوء الاختيار: وهذه مشكلة كبرى، فثقافة «حب من أول نظرة» «الحب الأعمى» هو الذي يوقع الكثير من أبناء المجتمع في مصيدة الزواج الخاطئ... يجب قبل الاقدام على الزواج معرفة كل صغيرة وكبيرة عن هذه المرأة أو عن هذا الرجل، حتى القضايا المزاجية والسيكولوجية «النفسية» وهي مسائل قد نراها عادية، كالبخل، فبعض الأزواج لو أمكنه بيع حصته في الشمس لباعها. متناسيا المفهوم الكبير القائل: «قمة الجنون أن يعيش المرء بخيلا كي يموت غنيا».

الانسان شخصان ظاهر وباطن... والكثير من الزوجات يكتشفن الحقيقة بعد الزواج فذاك الحمل الوديع في الجامعة يتحول الى وحش كاسر.

وبعض الأزواج يبدأها علاقة حب غير شرعية ويسقط ضحية مقولة قيلت لغيره مرارا «أحبك» فيكتشف بعد الزواج أن المغرمة به كانت لها أكثر من 4 أو خمس علاقات وأنه ذهب ضحية كلمة عاطفية، إذن السؤال مهم... السيارة الجديدة نقوم بفحصها فكيف بالقديمة، وهذه مشكلة كبرى بعضنا يدقق في كل شيء ويجتهد في معرفة كل صغيرة وكبيرة عند شراء لعبة صغيرة لكنه عندما يخطط لبناء اسرة فإنه يستخدم ثقافة «اليانصيب» إما صابت وإما خابت والضحية بعد ذلك هم الأبناء.

فالتسرع في الارتباط قبل المعرفة المسبقة خطأ عادة ما يقود الى كارثة اسرية كبرى. اخذته سريعا ونسيت أنه يشرب الخمر أو يتعاطى المخدرات أو لم تعلم أنه مذواق في الزواج والفضائح تأتي بعد الزواج. ومن الأسباب أيضا صغر سن الزوجين فهو من الأسباب المباشرة في انهيار بعض الأسر وذلك لعدم معرفة التعاطي الحكيم والواقعي مع المشكلات وخصوصا الطارئ منها وعدم معرفة علاجها. فالأسرة بمثابة مؤسسة اجتماعية كبرى تحتاج إلى ادارة قوية وشخصية فاعلة وقادرة على عملية ضبط التوازن وليس الانهيار أمام أي مشكلة طارئة. إن هناك بعض المتزوجين - ونتيجة لصغر السن - لا يعلم كيف يتعاطى مع زوجته وبأي اسلوب وما هي الأدبيات الأخلاقية والذوقية في التعاطي خصوصا اذا كان في بداية المراهقة.

- الثقافة الخاطئة تجاه الزوجة: للأسف الشديد مجتمعنا العربي أو الشرقي بشكل عام ومنه البحريني يغرس في ذهنية ونفسية الطفل أن دور المرأة هو الأمومة أو الزوجية، فيشعر الطفل أو بالأحرى يربى على عدم التكافؤ الانساني بينه وبين (البنت)، فلذلك يوصي بعض علماء الاجتماع بوصية هي في غاية الأهمية قائلة: «علينا منذ الطفولة ألا نربي البنت على أنها زوجة وأم فقط، بل نربيها على انها انسانة أولا وامرأة لها دورها الفاعل في المجتمع ثانيا، هذا بالاضافة الى دورها السامي ان كانت زوجة أو أما».

وهناك أسباب كثيرة سنتطرق إليها لاحقا

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 168 - الخميس 20 فبراير 2003م الموافق 18 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً