العدد 168 - الخميس 20 فبراير 2003م الموافق 18 ذي الحجة 1423هـ

الكلام من ذهب

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

وصلت المساومات الاوروبية - الاوروبية الى مرحلة معقدة الجانب البريطاني يدفع، مدعوما من الولايات المتحدة، في اتجاه بلورة صيغة قرار دولي جديد يخفض من سقف القرار 1441 ويحدد مجموعة شروط تجعل من النظام العراقي يعيش في عزلة خانقة لا تسمح له بالحراك. فالقصد من القرار الثاني ليس تسهيل مهمة فرق التفتيش بل تعقيد مهماتها إلى درجة تجعل الاصطدام بين نظام بغداد ومهمات المفتشين مسألة واقعة، الأمر الذي يعطي المبررات القانونية والغطاء الشرعي للحرب. فالقرار البريطاني - الاميركي يهدف إلى اعادة فتح باب الحرب بعد ان نجحت الضغوط الدولية والشعبية في اغلاقه.

الجانب الفرنسي - الالماني، المدعوم من روسيا والصين، يدفع في اتجاه منع صدور قرار دولي جديد. والهدف منه تأجيل الحرب (لامنعها) اعتمادا على القرار 1441 الذي يمكن على اساسه تمديد وتوسيع وتحديد مهمات فرق التفتيش واعطاء مهلة جديدة لتنفس نظام بغداد من خلال تحويل الحشود العسكرية إلى قوات دولية تذهب سلما إلى العراق لا حربا.

الجانب الاميركي يصر على اصدار قرار دولي جديد. كذلك بريطانيا تشجع اوروبا على الموافقة على هذا الاتجاه. فرنسا حتى الآن ترفض الدخول في تسوية دولية جديدة تنتج مجموعة خطوات عملية تنتهي في مطافها الاخير إلى النقطة التي تريدها واشنطن: الحرب.

باريس هددت باستخدام حق النقض (الفيتو). وموسكو رفعت من درجة اعتراضها على الخطوة الدولية الجديدة لكنها لم تهدد باستخدام (الفيتو). بكين كسرت في حدود نسبية صمتها ويرجح ان تميل إلى الامتناع عن التصويت.

برلين خارج اللعبة الدولية حين تصل المساومة إلى اعلى درجاتها وهي اتفاق الدول الخمس الكبرى على خطوات تحدد مسار الاتجاه العام لمجلس الامن والامم المتحدة.

الغائب الاكبر في فضاءات التسويات والمساومات هو الجانب العربي. فالدول العربية خارج اللعبة على رغم انها معنية اكثر من غيرها في المسارات التي ستعتمدها الامم المتحدة في الايام والاسابيع المقبلة. فاذا وقعت الحرب ستدفع العواصم العربية الثمن ان وافقت على المشاركة أم لم توافق. واذا تأجلت ستكون العواصم العربية في حال قلق الامر الذي ينعكس على توترها الامني الداخلي. واذا ألغيت ستشهد المنطقة المزيد من الضغوط من القوتين الدوليتين المتعاطفة مع الدول العربية أو المتحمسة لخوض الحرب.

الغائب الاكبر مطلوب منه دوليا الحضور إلى المشهد السياسي حتى لو تصرف وكأنه غير معني بمصيره وغير مكترث بمستقبله. فالحياد والخروج من اللعبة او الامتناع عن دخولها كلها تصرفات غير مقبولة دوليا. وبغض النظر عن ما ستئول اليه المساومات الاوروبية والاميركية فإن النتيجة النهائية ستكون في حساباتها الأخيرة عربية.

السكوت حكمة احيانا الا ان الدول العربية في وضعها الراهن وضمن الظروف الدولية التي تمر بها ليست حكيمة في سكوتها... فالكلام الآن من ذهب والسكوت من فضة... اذا اعيد ترتيب الكلام وفق لغة المصالح وتوازنها.

ماذا تستطيع ان تقوله الدول العربية في القمة المقبلة؟

المصلحة العربية المشتركة هي منع وقوع الحرب. فالحرب ليست من اجل اسقاط النظام العراقي. فهذه المسألة ليست هدفا بذاته. المهم في المعركة اسقاط دولة العراق. واسقاط دولة عربية تترتب عليه مجموعة توازنات جديدة تفرض على الادارة الاميركية اعادة قراءة سياساتها وعلاقاتها التي حددت مضمون استراتيجيتها واهدافها خلال نصف قرن.

المصلحة العربية المشتركة هي منع ارييل شارون من استغلال التوتر الدولي (والحرب اذا وقعت) للقيام بحربه الخاصة ضد الشعب الفلسطيني في الداخل وربما ضد الدول العربية المجاورة وتحديدا سورية ولبنان.

والمصلحة العربية المشتركة هي قراءة التحولات الجديدة التي بدأ يشهدها العالم والمراهنة على احتمالات الانتقال من نظام القطب الواحد الى عالم متعدد الاقطاب.

فالولايات المتحدة ليست وحدها في هذا العالم، كذلك الدول العربية ليست معزولة. وخروج الدول العربية من دائرة الصمت يعيد لها اعتبارها الدولي ويضعها مجددا في المكان الذي تستحقه

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 168 - الخميس 20 فبراير 2003م الموافق 18 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً