العدد 164 - الأحد 16 فبراير 2003م الموافق 14 ذي الحجة 1423هـ

الأقلف والأسرة وثالثهما المجاملة

الوسط - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

تبدو أسرة الأدباء والكتاب على قلة إمكاناتها على جميع الأصعدة، قادرة على إحداث حراكها الخاص، وعلى تدشين مشروعها الذي تتفرد به حقيقة، وعلى اجتراح أسئلتها خلاف المؤسسات والجهات الشبيهة الأخرى، التي يتركز نشاطها أكثر ما يتركز على استقطاب تجارب خارجية، وعلى ترسيخ تفاعلات ترتهن بما ينتج في ما وراء البحار، وليست هذه نقيصة أو ما يمكن حمله بمجمله على محمل السلب، بقدر ما العملية تتعلق بالإشارة إلى جهود الأسرة، وحرصها المتواتر على إعطاء الأولوية للنتاجات الصادرة بأقلام محلية، مع الانفتاح على الآخر كلما حصلت سانحة.

إن هذا الجهد الذي يقوم به نفر قليل من أعضاء الأسرة يستحق الثناء العميق والشكر الكبير، وما حرصهم الدؤوب على ملاحقة ومتابعة إصدارات الأدباء في البحرين كافة، إلا انطلاقا من وازع داخلي يحركهم في سبيل الإحاطة (قراءة ونقاشا) بما تحويه رفوف المكتبة المحلية من جديد هو في تنام مستمر، كما أن الأمر يتخطى هذه الحدود لتتحول كل قراءة إلى احتفاء خاص بالكاتب والكتاب، وهو الدور الذي لا تضطلع به سوى الأسرة، ويكون اللقاء في حضرة هذا الكاتب أو ذاك ممن بذل في سبيل الكتابة والإبداع سنوات عمره، وحرق من أجلها شمعة سنينه، حميما، بمثابة المنديل الذي يمسح قدرا ضيئلا من عرق السهر، ووجع الكتابة.

وإذا تميزت الأهداف والمرامي، وذهبت لتعلي من شأن ما هو محلي، أو تضعه في الموضع الذي يستحق، فمن باب أولى أن تكون هكذا احتفالات واحتفاءات على قدر من الشجاعة الأدبية بحيث تكون محصلتها نهاية المطاف مادة يمكن الاستناد عليها في توصيف ونقد هذا الديوان أو تلك المجموعة القصصية أو الرواية إلى غير ذلك... لتحفظ وتكون موضع اعتداد من لدن القارئ أو المتابع.

فروائي بحجم عبدالله خليفة ظل يكتب ويكتب طيلة ثلاثة عقود أو يزيد، وهذا مثال، تستحق أعماله أو عمله الأخير «الأقلف» - آخر فعاليات الأسرة - أن يحتفى بها، وأن تفرد لها القراءات المستندة على آليات واضحة، وضبط منهجي، أو لنقل رؤية، تعمل على النص لتوضح للمتلقي / المتلقين أسرار الإلتماع في هذا العمل، أو إبراز مختلف التقنيات المستخدمة لإيصال الرسالة الأساسية، أو حتى جماليات الرواية بما هي لغة، أو بقراءة المساحات الفاصلة بين القصة المثبتة في مذكرات شريفة الأمريكانية، وإعادة الكاتب لهذه القصة، وتحميلها حمولات دلالية أخرى، والخيارات في هذا السياق مفتوحة وشاسعة، أما مجرد الاكتفاء باستعراض ما أتت به الرواية من، دون قراءة الترميز الذي تحمله، و من دون فحص الفضاء والزمن المشتعل في الرواية، أو من دون مقاربة الدلالات الاجتماعية والسياسية المختلفة، فهذا لا ينطوي إلا على أحاديث مجاملات... سرعان ما تتبخر وتذروها الرياح





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً