استحوذ على تعليقات الصحف الإسرائيلية، سلسلة اللقاءات السرية التي جرت في الأسابيع الأخيرة وضمت رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون، ومدير مكتبه دوف فايسغلاس، ومسئولين كبار في السلطة الفلسطينية بينهم رئيس المجلس الاشتراعي أحمد قريع (أبوعلاء) ووزير الداخلية هاني الحسن، ووزير المال سلام فياض.
ولم يخف شارون، فور تكليفه تشكيل الحكومة، انه كشف عن استئناف الاتصالات مع الفلسطينيين والتي ستتواصل إنما كان بهدف تشجيع حزب «العمل» على الانضمام إلى حكومته الجديدة... كاشفا في الوقت عينه، عن ان أهداف حكومته الجديدة ستكون إنهاء الانتفاضة عبر مواصلة الحرب على الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية وإبعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.. والهدف الأخير، أكدته «يديعوت أحرونوت» حين كشفت ان شارون حصل من الرئيس الأميركي جورج بوش، على ضوء اخضر لتنفيذه إذا لم يقبل رئيس السلطة بتعيين رئيس للوزراء يتمتع بصلاحيات واسعة... لكن ما أثار الصحف العبرية بمختلف اتجاهاتها هو اللقاءات مع الفلسطينيين وعلى رغم إجماع المحللين على ان مصير هذه اللقاءات هو الفشل، تماما كسابقاتها، وأكدت غالبيتها ان الهدف من هذه المفاوضات ليس تجديد المفاوضات مع الفلسطينيين، استغرب البعض أن ينكث شارون بعهوده الانتخابية، حين التزم خلال الانتخابات عدم إجراء مفاوضات في ظلا إطلاق النار، كما جاء في افتتاحية جيروزاليم بوست... لكن هارتس، التي استغربت أيضا الحدث، لأن الحكومة الإسرائيلية فرضت مقاطعة حاسمة على عرفات، الذي ينتظر ترحيله، ومنعت أي اتصال به، لفتت إلى ان أبو علاء، وهاني الحسن، هما الأقرب إلى عرفات والأكثر ولاء له، وهما لا يخطوان أي خطوة دون موافقته، فما القصد إذا من هذه المحادثات؟ ورجحت أن يكون الهدف من هذه الخطوة تخفيف الضغط العربي والأوروبي على الرئيس الأميركي جورج بوش المنشغل حاليا بالتحضير للحرب على العراق، لتطبيق «خريطة الطريق» على «إسرائيل» من جهة، ودفع حزب العمل إلى الانضمام للحكومة من جهة أخرى.
وأشارت هارتس، في افتتاحيتها، إلى التقارير التي برزت خلال نهاية الأسبوع، والتي أفادت عن اتصالات سرية جرت أخيرا بين مسئولين فلسطينيين وإسرائيليين مثل اللقاء الذي جمع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون، وأبو علاء، واللقاء الذي جمع مدير مكتب شارون دوف فسيغلاس، مع وزير الداخلية الفلسطيني هاني الحسن، وغيرها من اللقاءات ذات الطابع السياسي التي أجراها رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي آفراييم هاليفي، والجنرال عموس جلعاد، في الأراضي الفلسطينية. ولاحظت الصحيفة الإسرائيلية انه لم يحصل أي ردا فعل فلسطيني على هذه التسريبات، وان وسائل الإعلام الفلسطينية أفادت فقط عن هذه اللقاءات تماما كما الصحافة الإسرائيلية. فرأت هارتس، انه في ضوء المواقف المعروفة لشارون، من جهة وعدم قدرة القيادة الفلسطينية أو عدم اهتمامها بمواجهة الهجمات «الإرهابية» المستمرة، من جهة أخرى، فإن الهدف من هذه المبادرة يبدو غير واضح. معربة عن استغرابها الشديد خاصة وان الحكومة الإسرائيلية فرضت مقاطعة حاسمة على عرفات، الذي ينتظر ترحيله، ومنعت أي اتصال به. لافتة إلى ان أبوعلاء، والحسن هما الأقرب إلى عرفات والأكثر ولاء له، وهما لا يخطوان أي خطوة من دون موافقته، فما القصد إذا من هذه المحادثات؟ وأشارت إلى ان هناك من يعتقد ان مبادرة شارون هذه، تخدم أهداف داخلية، وتحديدا المفاوضات الجارية لقيام حكومة ائتلافية إسرائيلية. فشارون، وتلبية لأسباب داخلية وخارجية يريد أن يظهر انه معتدل وانه مستعد للحوار مع الفلسطينيين، لدفع حزب العمل إلى الانضمام إلى الحكومة. أما بالنسبة إلى عرفات، فقد رأت هارتس، انه قلق إزاء المقاطعة الأميركية ـ الإسرائيلية المفروضة عليه. وهو يريد استعادة موقعه السابق، ولذلك فإنه سارع بعد ظهور نتائج الانتخابات الإسرائيلية إلى الإعلان عن استعداده لقاء شارون، للبحث في إعادة إحياء عملية السلام. وقام أيضا ببعث رسالة تعزية إلى إسرائيل بسبب وفاة رائد الفضاء الإسرائيلي إيلان رامون، في خطوة رأت هارتس، انها محاولة من عرفات لاستعادة موقعه. كما وافق الآن على أن يجري مسؤولين فلسطينيين محادثات مع الإسرائيليين. ورحبت الصحيفة الإسرائيلية بأي نتائج إيجابية قد تخرج عن هذه المحادثات، بصرف النظر عن المصالح والأهداف الشخصية لكلا من الطرفين. إلاا انها توقعت فشل هذه المبادرة وخصوصا في ضوء الظروف الحالية تماما كما فشلت مبادرات أخرى سبقتها خلال السنتين الماضيتين. لافتة إلى انه منذ تقرير ميتشل، وخطة تينيت، تم إطلاق عدة مبادرات مثل «غزة أولا» و«الخليل أولا» و«بيت لحم أولا» إلاا ان شيئا لم يحصل.
وخلصت إلى انه من الواضح ان الطرفين بحاجة إلى مبادرة وإطار أوسع وأكثر أهمية لجلب الهدوء إلى المنطقة. وعلى رغم ان عكيفا إلدار في هآرتس، استغرب أيضا اللقاءات التي جمعت بين من وصفهم بجماعة شارون، وجماعة عرفات، اعتبر ان الهدف من هذه الخطوة ليس تجديد المفاوضات وإنما تخفيف الضغط العربي والأوروبي على بوش لتطبيق «خريطة الطريق» على «إسرائيل» من جهة، ودفع حزب العمل إلى الانضمام للحكومة من جهة أخرى. ولاحظ إلدار، في ضوء الهجوم المرتقب ضدا العراق، ان جيوش العلاقات العامة الإسرائيلية بدأت العمل لمنع أي ربط بين الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي والحرب العراقية.
إذ ان آخر ما يريده شارون، هو ان يآذاكار الفرنسيون العالم بأن إسرائيل رفضت التوقيع على معاهدة الحدا من انتشار السلاح النووي، وانها رفضت الانصياع إلى مجموعة كبيرة من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن. كما ان آخر شيء يريده شارون هو أن تسأل نيويورك تايمز «لماذا قام الرئيس جورج بوش الأب قبل 12 عاما بتحرير الكويت بالقوة من الاحتلال العراقي، في الوقت الذي يقوم فيه ابنه اليوم بتأمين الدعم والمال لإسرائيل لتعزيز احتلالها للمناطق الفلسطينية؟».
وإذ ذكار إلدار، ان المسئولين الإسرائيليين أعلنوا فجأة ان عرفات هو الثاني على لائحة جورج بوش، بعد صدام حسين.. رأى ان ما يثير الاستغراب والريبة هو التسريبات حول لقاءات جمعت بين جماعة شارون، وجماعة عرفات. فاعتبر ان الهدف من هذه الخطوة ليس تجديد المفاوضات وإنما تخفيف الضغط العربي والأوروبي على بوش لتطبيق «خريطة الطريق» على إ«سرائيل» من جهة، ودفع حزب العمل إلى الانضمام للحكومة من جهة أخرى.
من جانبها، جيروزاليم بوست، لفتت في مقالها الافتتاحي، إلى ان الرئيس الأميركي جورج بوش، كان قد وصف موقف الدول الأوروبية التي تسعى إلى ترك الرئيس العراقي صدام حسين، ينجو من قرارات مجلس الأمن، انه مثل إعادة مشاهدة فيلم ممل وسيء.
وبدا لها ان «إسرائيل» اليوم تعيد مشاهدة فيلم سيء وممل. موضحة انه في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل على وشك سحق ما أسمته «الإرهاب» الفلسطيني، فإنها استسلمت مجددا للضغوط ووافقت على إجراء محادثات مع الفلسطينيين. لافتة إلى ان شارون، التزم خلال الانتخابات عدم إجراء مفاوضات في ظلا إطلاق النار، وأعيد انتخابه على هذا الأساس، وبالتالي فإنه لا يستطيع أن ينكث بوعوده والتزاماته. وأشارت جيروزاليم بوست، إلى ان مدير مكتب شارون، دوف فسيغلاس، قال ان الجانب الإسرائيلي عرض على الفلسطينيين الانسحاب من بعض المدن الفلسطينية مقابل التزام فلسطيني بوقف «الإرهاب». ولكن الصحيفة العبرية تساءلت، كم مرة قدمت «إسرائيل» مبادرات دبلوماسية إلى الفلسطينيين، وكوفئت بجولات أخرى من «الإرهاب»؟ ورأت ان إجراء المحادثات في ظلا إطلاق النار هو خطأ فادح. فالفلسطينيون لن يوقفوا حربهم ضدانا إلاا عندما يقتنعون بأن العنف لا يخدم قضيتهم. وخلصت إلى ان الفلسطينيين لن يصلوا إلى هذا الاقتناع إلاا بعد أن تمنع عنهم كل المحادثات الدبلوماسية في ظلا غياب وقف نهائي لـ «الإرهاب».
وكانت «يديعوت أحرونوت» قد أكدت ان شارون اتفق مع الرئيس الاميركي جورج بوش على إبعاد عرفات بعد إطاحة الرئيس العراقي صدام حسين. وأوضحت انه اتفق على انه يمكن «إسرائيل» إبعاد عرفات والمقربين منه من المناطق (المحتلة) في حال رفضه تعيين رئيس للوزراء يتمتع بصلاحيات تسمح له بإدارة سلطة الحكم الذاتي.
ونسبت إلى مسئول إسرائيلي كبير طلب عدم ذكر اسمه انه سنلقي به خارجا مع ضوء أخضر أميركي.. وفي نظر البيت الأبيض عرفات ليس مختلفا عن صدام حسين.
فالاثنان كريهان على حد سواء. كما لفت عمير دففورت في معاريف، إلى موضوع مناقض تماما لما أثارته الصحف العبرية من مخاوف على خلفية الاتصالات الفلسطينية الإسرائيلية برعاية شارون، فقال ان إسرائيل تنتظر، بعد الانتهاء من الحرب على صدام حسين، ان يأتي دور ياسر عرفات. مشيرا إلى ان ثمة كلام في إسرائيل على مرحلة ما بعد الحرب.
فقد نظمت سلسلة لقاءات سياسية ونشاطات دعائية هدفها تحقيق هدف أساسي هو جعل رئيس السلطة الفلسطينية الهدف المقبل للحملة بعد صدام حسين. فالحرب على العراق، من وجهة نظر «إسرائيل»، قد تؤدي إلى ضغط دولي كبير من شأنه إخضاع ياسر عرفات. وتأمل إسرائيل بعد النجاح الاميركي في العراق، أن يمارس جورج بوش أسلوبه لتغيير الزعامة الفلسطينية، علما انه سبق أن طرح ذلك في خطاب له قبل نصف سنة. وأوضح دففورت، ان الإسرائيليين يبنون آمالهم على يأس الأوروبيين من الرئيس الفلسطيني ونفور بعض الدول العربية منه مثل مصر والأردن، ويأملون في أن يجرؤ الزعماء الفلسطينيون، تحت تأثير إبعاد صدام، على دعوة عرفات علنا إلى التقاعد. والتقدير هو ان الشروط الجديدة التي ستنشأ بعد الحرب على العراق، مع الوضع الصعب في المناطق والخوف من ازدياد قوة حركة «حماس» كل ذلك سيؤدي عاجلا أم آجلا إلى إجبار عرفات على الاستقالة الطوعية أو القسرية... لكن دففورت، لاحظ ان عرفات يرى الوضع بصورة مختلفة. فمن ناحيته ان الهجوم الأميركي على العراق هو مناسبة للخروج بقوة أكبر. وفي تقديره ان الضغط الدولي بعد الحرب سيكون على رئيس الحكومة آرييل شارون وليس عليه
العدد 163 - السبت 15 فبراير 2003م الموافق 13 ذي الحجة 1423هـ