العدد 163 - السبت 15 فبراير 2003م الموافق 13 ذي الحجة 1423هـ

أساليب التوفيق في نظام الغرفتين في المؤسسات التشريعية

يتوقف إدخال تغيير على عدد الغرف على تعديل دستور البلاد في كل الحالات. وبصرف النظر عن التعقيدات الخاصة بكل حالة والتي قد تختلف من بلد إلى آخر، تنشأ عادة مقاومة شديدة ضد تغيير الوضع السائد، لأن السياسيين غالبا ما يرفضون التخلي عن نصيبهم من السلطة. وتدوم حتما النقاشات لفترات طويلة عندما تطرح المقترحات لتعديل تركيبة أو هيكلة المؤسسات التشريعية، وحتى في هذه الأحوال يبقى مصير هذه العملية غير مضمون.

وعلى كل حال توجد بعض الأمثلة لتغيير هيكلة الهيئة التشريعية في عدد من الدول. حولت أيسلندا هيئتها التشريعية التي كانت تحتوي على غرفتين الى نظام الغرفة الواحدة في سنة 1991. وفي سنة 1953، تحولت الدنمارك الى نظام الغرفة الغرفتين بناء على المقتضيات الناتجة عن سلسلة من التعديلات الدستورية. وفي العام 1950، وبعد 96 سنة من النظام الثنائى، قررت نيوزيلندا التحول الى نظام الغرفة الواحدة بعدما أجمع الرأي العام على أن الغرفة العليا المعينة من طرف المؤسسة الملكية أصبحت من دون جدوى سياسيا وتشريعيا. وتعطي دولة بيرو مثالا عن مختلف الصعوبات التي قد تعتري المرور من نظام تشريعي الى نظام تشريعي آخر. وعلى إثر استفتاء سنة 1993، تبنت بيرو دستورا جديدا أدى الى إزالة مجلس الشيوخ، ولكن لم يتم التصديق على الدستور الجديد إلا بغالبية 52 في المئة من الأصوات وكان الكثير من المواطنين غير مقتنعين باعتماد نظام الغرفة الواحدة لسببين. أولا، تعود الرأي العام ولزمن طويل على نظام الغرفتين. وثانيا، كان جزء كبير من المواطنين يخشون من أن تشكل مساندة الرئيس فوجي موري لنظام الغرفة الواحدة فقط محاولة لتمركز السلطة السياسية داخل غرفة واحدة. وكان الناخبون القرويون أشد تخوفا من نظام الغرفة الواحدة، لأن مجلس الشيوخ كان تاريخيا يخدم مصالحهم بطريقة أفضل وبعد نقاش مرير، تم التصديق على الدستور الجديد بغالبية ضئيلة، وهي نتيجة يعود الفضل فيها أساسا الى الناخبين من المراكز الحضرية الكبرى للبلاد. ويدل تحول السويد الى نظام الغرفة الواحدة على الطبيعة القوية لجمود المؤسسات. في سنة 1867، مرت السويد من نظام تشريعي يضم أربع غرف الى صيغة تضم غرفتين على أساس النموذجين الأميريكي والنرويجي. وكانت الغرفتان تختلفان فيما بينهما بالنظر الى طبيعة الدوائر التي يمثلها أعضاء كل واحدة منهما والطريقة التي على أساسها يتم انتخابهم وكذا مدة انتدابهم. ومع ذلك كانت الغرفتان تمارسان سلطات تشريعية متساوية على غرار مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين. وعندما نشأت الصراعات بين الغرفتين، أخذت كل غرفة تسير في اتجاه إيديولوجي مختلف، فأصبحت غالبية محافظة تسيطر على الغرفة العليا من جهة، وغالية ليبرالية تهيمن على الغرفة السفلية. وأدى هذا الانقسام الإيديولوجي الى مأزق على مستوى التشريع ومن ثم الى الجمود السياسي. وانطلقت محاولات إصلاح المؤسسة التشريعية منذ 1945، إلا أن هذه العميلة تطلبت أكثر من 20 سنة. ولم تقرر الهيئة التشريعية السويدية إلا في سنة 1967، أي بعد أكثر من قرن من نظام الغرفتين، بأن تصبح غرفة واحدة.

دراسة من أعداد معهد الوطني الديمقراطي (NDI

العدد 163 - السبت 15 فبراير 2003م الموافق 13 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً