العدد 161 - الخميس 13 فبراير 2003م الموافق 11 ذي الحجة 1423هـ

بين الملاجئ (على) الأرض ومغارة علي بابا

افتح يا سمسم

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

عنوان المقال لا يقبل أي تأويل، فتصريحات مصدر مسئول في إدارة الدفاع المدني لـ «الوسط» وبعض الصحف المحلية، والمتعلقة بتحويل عدد من (المدارس) إلى (ملاجئ)، يكشف عن (نوم في العسل)، كما يكشف عن الخلل الذي ينتاب مشروعات البنى التحتية، والملاجئ ليست بمنأى عن ذلك، لأن الإنسان يظل هو عماد أية بنية تحتية، إذ هو صانعها ومنجزها، فما لم يأمن على حياته في أوقات الكوارث والحروب، فلتتداعى - وذلك ما سيحدث - جميع البنى التحتية والفوقية معا!.

من المفترض أن تكون دول مجلس التعاون الخليجي من أولى الدول في العالم من حيث المبادرة إلى إقامة ملاجئ لمواطنيها، بوصفه إجراء احترازيا ضد الكوارث والحروب، وخصوصا أن هذه المنطقة من العالم مستهدفة في السابق من قبل عدد من القوى، فيما هي اليوم مستهدفة من قبل قوة متفردة بمصير ومستقبل العالم الذي يبدو أنه بلا مستقبل في ظل هيجان وسُعار وانفلات أخلاقي على مستوى السياسة والقانون، بعد أن تحولت (النعمة) التي حبى الله بها المنطقة إلى (نقمة) ظاهرة وباطنة. فالألغام والتبريرات المصطنعة وافتعال التهديدات وافرة وفرة المخزون النفطي الذي لم تعد المنطقة تتمتع به!.

في ظل هكذا واقع ومعطيات وتهديدات... يصبح إدخال بناء الملاجئ على رأس أولويات مشروعات دول المنطقة التي لم تبادر أي منها إلى إنجازها بما فيها دولة الكويت التي تعرضت لغزو كاد أن يمسحها من على الخريطة، وحتى بعد مرحلة التحرير أصبح الملجأ العملاق والحصين لها وجود عدد من القوات الأميركية على أراضيها بعدّتها وعتادها، وهو ملجأ لا يمكن التعويل عليه كثيرا في ظل غليان شعبي، بل ودولي أصبح مستنفرا لكي يقلب الطاولة على الهيجان والسُعار والانفلات الأخلاقي الأميركي السافر.

المضحك المبكي في الأمر، أن سفارة إحدى الدول الأوروبية في المملكة بادرت من جهتها إلى شراء عدد مضاعف من الأقنعة لمواطنيها الذين لا يتجاوز عددهم 7000 مواطن، أي (14000 قناع) واقٍ من الغازات السامة، فيما المملكة مازالت تفاوض أو بصدد اتمام المراحل النهائية للموافقة على مواصفات معينة لنوعية من الأقنعة، ويظل في علم الغيب ما إذا كانت الحكومة ستشتري حياة الناس أم ستدفعهم لشراء حياتهم! ولن نفاجأ بعد ذلك بظهور مافيات للكوارث والأزمات، في ظل بزوغ قيامة إن لم تكن قيامات مبكّرة في منطقة منذورة للتكالب عليها من كل حدب وصوب.

هل نتجنى على أحد في هذا الصدد؟

لا ننكر أن هناك مشروعات مبتكرة وتحمل روح الجرأة وتعود بالكثير من النفع على المواطنين، ولكنها تظل مشروعات «في مهبّ الريح» ما لم تدعّم بالمصدّات والموانع التي تضمن استمراريتها وتحول دون أي تهديد يمكن أن تتعرض له.

نحن بحاجة وفي الدرجة الأولى إلى ما يضمن شعور المواطن بأنه الرقم (الصعب) والمراهن عليه في أي تحول وثورة تنموية واقتصادية وإبداعية، وفي ظل (نوم في العسل) لا أعتقد أن المواطن يلازمه مثل ذلك الشعور حين تتحول بعض (المدارس) التي تكاد لا تقي طلابها وهم تحت سقف، شر سقوط السقف عليهم دونما قذيفة أو صاروخ يقطع آلاف الأميال، وهو صاروخ بالمناسبة متخلف وغبي ضمن وجهة نظر ومواصفات غربية متطورة، وتكاد تصل نسبة الخطأ في تهديفه بين 2 و3 كليومترات!... أقول حين تتحول بعض المدارس إلى ملاجئ (مفتوحة) و(على) الأرض بدلا من أن تكون (تحت) الأرض، ليتكرس الشعور لدى المواطن بأنه رقم (سهل) في معادلة تختلط فيها حسابات المحلي بالإقليمي بالدولي!.

أميركا لا تمارس نوعا من النزهة المُفرغة من أهدافها، وعلينا ألا ننجرّ إلى نزهة فارغة في ظل لامبالاة وكأننا معزولون عما يحدث في منطقة هي بمثابة البارود، ما يجعل نعمتها نقمة في ظل انفلات شرارة منبعثة من عود ثقاب يحرّكه كاوبوي في أية حانة أو معسكر (لا فرق)، ليحيلها إلى ركام ولن تجد من الاخوة الشعراء من يقف على أطلالها!.

ليست الملاجئ والأقنعة الواقية من الغازات السامة، الثغرتين الرئيسيتين فيما سنشهده من عصف مقبل، فالقضية مرتبطة بالإجراءات الاحترازية والوقائية التي لا يمكن لأية دولة في العالم أن تتجاهلها في ظل مهبّ من التهديدات والمخاطر والاستهداف، فكيف يكون الحال والأمر متعلق بمنطقة هي بمثابة (مغارة) علي بابا في مسلسل تمّت أمركته يدْعى «افتح يا سمسم»!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 161 - الخميس 13 فبراير 2003م الموافق 11 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً