المساواة بين المواطنين من أدق الملفات في البلد، وربما في أي بلد. ولنتذكر أن قضية المساواة بين السود والبيض كانت الفيصل في إحداث تطور حقيقي في أميركا، وفي جنوب إفريقيا، عندما اعترفت الدولتان بحقوق متساوية لمواطنيهما السود والبيض والملونين، وذلك لا يعني أن الممارسات التمييزية انتهت كليا.
وملف المساواة الآن الأكثر حساسية بين العرب واليهود في «إسرائيل»، وبين الهوتو والتوتسي في رواندا وبروندي، وبين العلويين والسنة في سورية، وبين الشيعة والسنة في العراق، وبين العرب والفرس في إيران، وبين المسلمين والمسيحيين في لبنان... وعادة ما تستغل النظم القائمة التمييز لتحقيق مكاسب سياسية، ومن الخطأ الاعتقاد أنها تدافع عن هذه الفئة أو تلك.
إضافة إلى المساواة، فإن حرية الكلام، تعد من أهم أسس الحياة الديمقراطية. والبرلمان - الفيصل في أي حكم ديمقراطي - هو مجلس كلام في الأساس، وليس مؤسسة تنفيذية، لكنه يعطي أعضاءه أهم المزايا: حرية الكلام بالتساوي.
وعلى رغم اتفاق جميع الشرائع السماوية وغير السماوية، على أولوية ركيزة المساواة في مجتمع إنساني، فإن تطبيقه على أرض الواقع مازال صعبا.
وفي البحرين، دعا كثيرون إلى محاربة التمييز، وإلى إصدار قانون يجرم الطائفية، والتصريحات الرسمية تدعم هذا التوجه، والسلطة التنفيذية التي تطبق بعض إداراتها التمييز، ربما لن تسعى إلى استصدار قانون يضرها، وعلى البرلمان أن يتحرك ليضع هذا القانون. وينبغي الالتفات هنا أن النضال باسم المساواة أكثر قبولا من النضال باسم محاربة الطائفية.
ملف المساواة يفتح أفق الاصلاح على مصراعيه. وهو يتعاطى مع البطالة، المرتبطة بممارسات تمييزية تتم في المؤسسات العسكرية، وكذا في وزارات أخرى مثل المالية والاحصاء والتربية وجامعة البحرين...
معالجة التمييز بين المواطنين يعني أهمية وجود جهاز للرقابة الإدارية، وتفعيل دور المحكمة الإدارية، ووضع آليات (الاختبارات والمقابلات) لاختيار الأكفأ لشغل الوظائف والترقي. وعلى الدولة أن تبدأ بوضع معايير لاختيار القيادات في المؤسسات التنفيذية، التي يلحظ تمييز فاضح فيها. فالدولة هي القدوة
العدد 159 - الثلثاء 11 فبراير 2003م الموافق 09 ذي الحجة 1423هـ