العدد 158 - الإثنين 10 فبراير 2003م الموافق 08 ذي الحجة 1423هـ

أهميةتأمين مستقبل الرفاهية الاجتماعية

حسين العلوي comments [at] alwasatnews.com

يهتم هذا الموضوع بالمسيرة (التظاهرية) أو «التجمع الطارئ» الذي نظمه العاطلون عن العمل حديثا أمام مبنى وزارة العمل والشئون الاجتماعية... وتوقف بعد أن استمر أسبوعا كاملا، وهو عبارة عن دعوة مفتوحة وموجهة إلى كل مواطن مخلص وشريف، طالما شعرنا للتو من ان هناك من هو مازال قابعا على تجاهل أو إهمال قضايانا الوطنية والمصيرية بالصورة الفاضحة، بل وهناك أيضا من قام بالتخلي فعلا عن تبنيها عن طريق الهروب والتملص بطريقة ما أو بأخرى كما لو انها لا تعنيه ولا تخصه لا من قريب ولا من بعيد.

أما الرؤى والتصورات الساذجة والردود الجاهزة والمعلبة والمعتادة لهذا البعض الآخر أو ذاك، فهذه في مجموعها مردود عليها. ومن الأهمية بالتالي ان نشير بداية - بشكل عابر وسريع - إلى بعض المفاصل المهمة والمتداخلة مع بعضها كالآتي: في اننا هنا سواء في هذا التجمع المعني أو ذاك التجمع الشعبي والعام لسنا بمثابة الناطق الرسمي (الحكومي) أو النائب الذي يرمز إلى تنظيم سياسي معين أو أية جهة من الجهات، وإنما بصفة المواطن الذي له حق وحرية التعبير والتجمع، والمطالبة والدفاع عن حقوقه، والإفصاح عن معاناته بحرية تامة من دون تدخل من أحد أو طرف ما.

الشيء الآخر الذي نود ان نلفت النظر إليه هو ان هناك ثمة علامة بينة وجلية فيما بين النائب أو المسئول أو ممثل الحزب (مثلا) وبين الذي يطالب بحقوقه، لذلك وجب على الجميع عدم الخلط سواء عن جهل أو عن تعمد وسبق إصرار، في هذا أو ذاك، ومن ثم توجد هناك ضرورة للكف والتوقف عن الهتافات إذا الشعارات والعبارات الاستفزازية والشائكة التي لا تنتمي بصلة ما (لقضيتنا الملحة) قضية الساعة الآن، وذلك في حال ما إذا اردنا كسب أخوة لنا قد يشاركوننا هنا في هذا التجمع المشروع، الصريح والعلني والمعبر. هذا مع علمنا المسبق من ان كلامنا هذا قد ينفر له بعض الأخوة من هنا وهناك بشكل أو بآخر، ولاسيما انه لا يصب في صالح المتصيدين في المياه العكرة في الدرجة الأولى. على اننا كذلك لسنا أوصياء على أحد في معنى لسنا مخولين ولا نقبل ان نكون كذلك بدافع الوجاهة أو الاستغلال أبدا، وانما رأينا ان الواجب يتحتم علينا التذكير، وذلك بأهمية أخذ الحيطة والحذر وعدم الانفعال السريع وهذا ربما بسبب حرصنا الشديد على استمرار هذه المسيرة المعنية والخيرة بالصورة الحضارية (بما يليق ويرتقي مع التوجهات الديمقراطية) التي قد تخدم معها قضيتنا العادلة ويعزز ذلك قبل كل شيء من صدقيتنا تجاه بعضنا بعضا.

وبالحق ان عملية الممارسة ليست عملية سهلة أبدا كما يتصورها البعض، مثلما هي ليست صعبة أيضا، غير انها تحتاج بالضرورة، بين الحين والفينة، إلى من يسد رمقها من الوعي، فبتفاعل كل من الممارسة والوعي فقط تنتج لنا المعرفة أو «التجربة السياسية» وذلك بما ان الحديث يأتي في هذا الميدان في حين انه لا يمكن طبعا ان تتراكم لدينا هذه الخبرة فضلا عن كسبها وصقلها إلا من خلال ذلك التفاعل. لذلك كان من الضروري ان يتفهم الآخرون والمعنيون أهمية ذلك وان يتدارك الاخوة ما نرمي إليه من مغزى ملح وحقيقي، وإلا ما هي الفائدة من اجتماعنا هذا أساسا. ثم هذه دعوة ورسالة كان من الحري علينا توجيهها إلى الجميع وعلى جميع الأطراف والاطراف المختلفة الأخرى بالتالي احترام الرأي والرأي الآخر وكل من الطرف الآخر والتعاون والمضي في حسن السير والسلوك والتمسك بالنهج السلمي، (في هذا الصدد نشد على أيدي الرجال الأفاضل والمتطوعين والعناصر كافة والأفراد المساهمة والمتميزة بما فيهم الصحافيون ورجال الأمن الذين أحسنوا دورهم على الوجه الأكمل).

إنما نحن هنا في هذا المقام والتجمع المعني لكي نعبر عن معاناة المواطن البسيط والعادي والكادح من الناس والمواطنين لاخواننا وأخواتنا أصحاب المشكلة بالذات على اختلاف مستوياتهم وأطيافهم وفئاتهم، وذلك بغض النظر عن أي شيء آخر سوى رفع هذه المعاناة والضائقة التي يعيشها المواطن في مختلف مراحل عمره، في حين تأتي هذه المبادرة الإنسانية والوطنية أما مساهمة منكم أو حرصا منا على المصلحة العامة، تأمين مصير الأجيال اللاحقة ومستقبل الوطن. إنما نحن هنا جميعا في الواقع لانشارك إلا لأنفسنا وما ندافع إلا عن وطنيتنا.

وعليه نحن نجتمع هنا لكي نحصل على ما هو ملكا لنا منذ الولادة. فمن حقنا أن نتمتع بالأهلية الكاملة، بما يرتقي وينسجم بالهوية الوطنية، من حقنا أن تكون لنا عائلة وأسرة وسكن وغيرها من الحاجيات الضرورية، البسيطة والمألوفة. أجل، نحن الآن بل مازلنا حتى اليوم، مع الأسف الشديد، مجردين من كل هذه الحقوق الثابتة أو تلك، حياتنا كلها شظفه، بدعوى اننا لا نمتلك باب الدخل الأولي والأساسي، وهذا يعني - العمل.

ماذا عن البطالة؟.

أما ظاهرة البطالة الطاغية هي من دون شك تفسد مصير أعداد هائلة لا يستهان بها من الناس، فهي اما ان تعتصر عائلاتهم وأسرهم، في حين هي تعمل على مذلتهم واضطهادهم إلى ان تقضي في نهاية الأمر على الإنسان تماما. الا اننا في الوقت ذاته لا يجب علينا ان نتقوس ونتآكل تحت تأثير وضغط العالم المتقلب والمخادع، وانما يجب علينا الحذر والتيقظ التام، الصمود أمام هذه العاصفة الهوجاء «الزوبعة الفاقة والمتملقة». لذلك كان يجب علينا ان نجتمع، نتحد ونترابط، فبهذا فقط، يوما بعد يوم لابد ان نصبح بالضرورة أكثر فأكثر لكي نقهر الطائفية، والطبقية وغيرها من التخوم المعينة.

غير انه ينبغي لنا أيضا مراقبة أنفسنا والإشراف على ذواتنا، (اخماد العنف والعدوان بحد ذاته، الذي قد يفجر قلوبنا جراء العوز والضيق)، أي المشاركة بالصورة الحضارية. فالأهم هنا قبل كل شيء، هو المثابرة، المواظبة الدؤوبة والإصرار على إنجاز مطالبنا الشرعية. إذ هكذا بالضبط يمكننا المضي في السعي جميعا بإذن الله من دون يأس أو كلل أو انقطاع - امتلاك الشجاعة نحو الحياة والأمل على رغم كل ما نواجهه، إلى ان نظفر على البيروقراطية وكل ما يلحق بها من عناصر ونكسب أفضل الأعمال وأنسبها في مملكتنا الحبيبة، بالأحرى إلى ان ينزل المسئولون عند المطالب والرغبات الشعبية (البسيطة والممكنة والمعقولة) وإيجاد حلول جذرية مناسبة. وفي الختام والخروج من هذا الحديث، نأمل في أن نكون وفقنا معكم جميعا

العدد 158 - الإثنين 10 فبراير 2003م الموافق 08 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً