العدد 158 - الإثنين 10 فبراير 2003م الموافق 08 ذي الحجة 1423هـ

ظاهرة المعارض التشكيلية في المجمعات التجارية السعودية

القطيف - حسن المصطفى 

تحديث: 12 مايو 2017

تثير ظاهرة الaمعارض التشكيلية المقامة في المجمعات التجارية جدلا واسعا بين التشكيليين السعوديين، بين مؤيد ومعارض، وبين متحمس للفكرة، وآخر يقف منها موقفا راديكاليا.

في المنطقة الشرقية مثلا، ثمة حركة تشكيلية مستمرة طوال العام، وثمة فنانون تشكيليون لهم حضورهم على مستوى المملكة، رجالا ونساء، ولهم مشاركاتهم في المعارض الخليجية والعربية، وهم في حركة دؤوبة - بغض النظر عن بعض الملاحظات النقدية من هنا وهناك - وعمل نشط، ما يجعل الساحة غنية بالمعارض الشخصية والجماعية على مدار العام.

هذا العدد الكبير من الفنانين والأعمال المشاركة، يواجهه عدد محدود جدا من صالات العرض، بل يمكن القول: يواجهه فقدان صالات عرض متخصصة ومهيأة لاستيعاب هذه الحركة التشكيلية، وهو أحد الأسباب التي جعلت الكثير من الفنانين يتجهون إلى المجمعات التجارية لعرض أعمالهم.

المؤيدون لهكذا معارض، تقام في بهو المجمعات التجارية، يبررون عملهم بشح القاعات وصغرها وعدم قدرتها على الاستيعاب من جهة، وكون هذه القاعات تخضع - في بعضها - لشللية ضيقة تحتكرها لنفسها دون أن تعطي مجالا إلى الآخر للمشاركة، وإذا شارك فلن يكون إلا بمثابة ظل لهذه الشلة. سبب آخر هو الخلافات بين التشكيليين أنفسهم، ما جعلهم ينقسمون على بعضهم بعضا، ويدخلون في دوامة من المنافسة، والمنافسة المضادة، بغية تحقيق شهرة أوسع، وحضور أكبر، وتسجيل رقم مشاركات أعلى، وهو مأزق حقيقي جعل التجربة التشكيلية عند البعض تفقد جديتها ومقوماتها الإبداعية وتصب جل اهتمامها على مجرد إقامة المعارض، وما يصاحبها من برستيج اجتماعي وفني.

قسم من المؤيدين للظاهرة، يرون فيها تحررا من قيود والتزام الإجراءات الروتينية الرسمية، وتخفيفا للأعباء المادية، كون أصحاب المجمعات التجارية يتكفلون بجزء من كلفة المعرض، وكون المكان يقدم لهم مجانا من دون مقابل، لأن صاحب المجمع ينظر إلى مثل هذه المعارض بوصفها عملا دعائيا ونشاطا اجتماعيا ربما يزيد من عدد رواد مجمعه ومتسوقيه. أضف إلى ذلك، أنه يعد المؤيدون أن ثمة تعميما للثقافة التشكيلية وثمة ردم للهوة بين الناس العاديين والتشكيليين تحققها مثل هذه المعارض. كون الناس على تماس مباشر بالأعمال التشكيلية، وسيشاهدونها أمامهم، ويقفون متأملين لها، جاذبين بذلك شريحة كبيرة من الجمهور نساء ورجالا، صغارا وكبارا، مهتمين وغير مهتمين، ومن شرائح وطبقات مختلفة، كاسرين الحاجز بين الناس والعمل التشكيلي. على العكس فيما لو أقيم المعرض في صالة خاصة، فسيكون زواره من المهتمين فقط، وبأعداد محدودة، وسيبقى الفن التشكيلي فن نخبة، بعيدا كل البعد عن عامة الناس.

المعارضون على الجانب الآخر، يعدون أن مثل هذه المعارض تفقد الفن والعمل التشكيلي جدته ومكانته، وتجعله عملا غير ذي قيمة، كأي قطعة ملابس أو آنية زهر، أو سلعة معروضة للبيع يمر عليها الناس ويشاهدونها من دون أدنى اهتمام، رافضين أن يكون للعرض في المجمعات التجارية أي دور في تعميم الثقافة التشكيلية، كون الجمهور يمر على الأعمال من دون أدنى عناية، وبشكل سريع جدا، قضاء لوقت فراغه، ومن باب الفضول لا أكثر.

والمجمعات التجارية وما بها من ضجيج وحركة مكتظة بالناس، لا تسمح بجو مناسب للتأمل والاستبصار في العمل، لأنها غير مهيأة أصلا لعرض هكذا أعمال. ويضيف آخرون، ما قد تتعرض له الأعمال من تخريب نتيجة الزحام وعدم العناية من قبل الجمهور.

هذا السجال بين الفريقين، يراه المراقب - في كثير من تفاصيله - سجال تسجيل نقاط ذاتية، بسبب المنافسة الحاصلة بين التشكيليين، فيما يبقى الخاسر الأكبر هو العمل الفني





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً