العدد 156 - السبت 08 فبراير 2003م الموافق 06 ذي الحجة 1423هـ

كلام في الممنوع

ملتقى المسرح الخليجي... قراءات في الواقع والآفاق

سعد الجزاف comments [at] alwasatnews.com

القرار الوزاري رقم 4 لسنة 1991 في شأن اللائحة النموذجية للنظام الأساسي للجمعيات والأندية الثقافية الخاضعة لإشراف وزارة الإعلام. هذا القرار الخاص بهذه اللائحة، يجب ان يتوقف العمل به حالا... ويحال إلى المجلس التشريعي للاطلاع عليه، والذي بدوره سيحوله من دون تردد، إلى المحكمة الدستورية للنظر فيه في أول جلسة لها عند تشكيلها... لأنه - أي القرار رقم 4 - يأتي معاكسا تماما للمشروع الإصلاحي الكبير الذي دشّنه ملك البلاد المفدى، فضلا عن انه يخالف مخالفة دستورية واضحة في معظم بنوده... إذ كيف يمكننا أن نقنع أنفسنا، وبالتالي نقنع العالم بأننا نعيش في كنف دولة المؤسسات والقانون والتشريعات، واستقلال القضاء، والمشاركة في صنع القرار ونقف مبهورين، حائرين، لا حول لنا ولا قوة، أمام قرار وزاري يتحدى كل هذه الانجازات ولا يعترف بها. بل انه (أي القرار) مطلق، كالسيف المسلط على رقاب الجمعيات الأهلية والفنية، التي من المفترض انها تتمتع بصفتها الاعتبارية الخاصة.

أية صفة اعتبارية هذه؟ وأية خصوصية تتمتع بها هذه الجمعيات وهي لا تستطيع النظر حتى خلف أسوارها، بفعل هذه اللائحة؟!.

بل كيف نقنع أنفسنا باعتبارنا جمعيات مدنية، سياسية، فنية، وثقافية بالمشاركة في صنع القرار... ونحن ممنوعون، ولا يجوز لنا الاشتغال بالسياسة؟!.

كا تقول المادة الخامسة من اللائحة النموذجية المرفقة بهذا القرار (بل تضيف هذه المادة) وتشكك في ان الجمعيات ربما تعمل في الخفاء للمساس بسلامة الدولة... أو بشكل الحكومة، ونظامها الاجتماعي وان على الجمعيات التحلي بالأخلاق والآداب في التعامل.

فقط نموذج من مادة واحدة وفي الصفحة الأولى من هذه اللائحة أما إذا تصفحنا واطلعنا على باقي المواد، وخصوصا ما يتعلق (بالملحق) المرفق باللاحئة، والصلاحيات الواسعة الممنوحة لوزير الإعلام المكونة من 26 مادة... أقول إذا استعرضنا هذه المواد، فإن دستورنا وميثاقنا الوطني سيتلاشيان أمام هذه اللائحة، حتى لا يكون له وجود. بل حتى القضاء يقف حائرا أمام هذه اللائحة ولايجد إلا السمع والطاعة. إنه قرار جاء متناغما ومتماثلا من بطن قانون أمن الدولة، وقانون أمن الدولة كما يعرف الجميع جاء على انقاض المجلس الوطني العام 1975، وأعطيت له - أي قانون أمن الدولة - الصلاحيات التي كان يتمتع بها المجلس المنحل جميعها.

وإن من أولى أولويات المشروع الإصلاحي الذي قاده جلالة الملك المفدى هو إلغاء قانون أمن الدولة وعودة الحياة البرلمانية، وان من الطبيعي ان يتبعه إلغاء اللوائح والأنظمة جميعها، والقوانين المنبثقة من هذا القانون التي لا تتماشى مع دستور المملكة، وميثاقها الوطني. يجب على وزارة الإعلام أن تعلم أن قراراتها ليست القدر المحتوم المرسوم على جبين الإنسان، والذي لا يضرمنه حتى يذعن لشروطها وبرامجها التي وضعتها، وإلا سيكون مصيره التدمير والفناء، كما حصل لمؤسسة فنية في مدينة المحرق بفعل هذه اللائحة.

أصبحت الحاجة ماسة إلى إجراء تغيير كبير في السياسة الإعلامية... وان وزير الإعلام يدرك جيدا أن الكثير من دول العالم، وخصوصا تلك البلدان التي تتمتع بالديمقراطيات العريقة قد استغنت عن وزارة الإعلام... والبعض الآخر قلص من صلاحيات تدخلها... وخصوصا ما يتعلق باشرافها على الجمعيات الفنية والثقافية الفكرية، وجعلها - أي الإعلام - تقوم بأقل الأدوار في هذا المجال.

إن صاحب الجلالة الملك المفدى، وصاحب السمو رئيس الوزراء الموقر وصاحب السمو ولي العهد الأمين، متمسكون بالشفافية، ومتمسكون بتوسيع هامش الديمقراطية، ومتمسكون بالاحتكام إلى الدستور وإلى ميثاق العمل الوطني، في كل قانون، أو لائحة، أو قرار يصدر من قبل الجهات الرسمية، الخاصة وخصوصا ما يتعلق بحقوق المواطن، الإنسانية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية والاقتصادية... إلخ. وتحديدا تلك المرتبطة في شأن اللائحة النموذجية للنظام الأساسي للجمعيات والأندية الثقافية، المرتبطة بقانون أمن الدولة.

فلا نعتقد بأنه من الحكمة التمسك والإصرار على فرض هذا لاقرار الذي لا يتماشى مع الإصلاحات والتحولات الديمقراطية التي نفتخر بها جميعا.

لقد تخلصنا من قانون أمن الدولة، ونحن بحاجة إلى أن نتخلص من عقلية قانون أمن الدولة، وليكن هاجسنا جميعا هو الحفاظ على المكتسبات الكبيرة التي دشنها صاحب الجلالة... والتي فتحت آفاقا كبيرة للتطور... ووضعت مملكة البحرين تحت الأضواء، إذ تضاهي بتجربتها الديمقراطية، البلدان العربية والعالمية

العدد 156 - السبت 08 فبراير 2003م الموافق 06 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً