كان ذلك في بداية الثمانينات، عندما بدأ كاتب هذه السطور الاهتمام والكتابة عن السينما... في البدء كان مجرد اهتمام جارف بالسينما وبكل ما يكتب عنها في الصحافة المحلية والعربية... وكان أيضا بمثابة البذرة التي بدأت بمشروع ارشيفي ضخم، ليس للسينما فحسب، وإنما لكل مجالات الفن والأدب... ثم بدأ البحث والقراءة في الكتب والمراجع السينمائية، والتعرف قدر الإمكان على المدارس والأساليب والتيارات السينمائية المهمة في تاريخ هذا الفن الذي يدعى بـ (الفن السابع).
من حسن حظ كاتب هذه السطور... بأنه وُجِدَ في وسط ثقافي زاخر... كان عونا له على البدء والسير في هذا المجال درجة بعد الأخرى. كان الشاعر قاسم حداد، أول المهتمين بما كتب. وعلى رغم من أن قاسم كان شديد الحذر في تحاشي المجاملات وتقبل ما كتبه، إلا أن ذلك كان درسا مهما بالنسبة له... درسا لولاه لما تواصل مع ما هو فيه الآن. وكان لأمين صالح، الصديق والكاتب والناقد السينمائي، دور مهم أيضا في تشكيل رؤية واضحة وعميقة لما كتب فيما بعد. كان أمين صبورا ومتفهما بشكل خيالي، لذلك الاندفاع والحماس من قبل كاتب السطور لنشر ما كتبه، فكم من المشروعات التي نسفت وألغيت، أو أعيد صوغها، لكي تظهر بالشكل الذي ظهرت عليه.
إذن... يمكن القول إن كاتب هذه السطور، كان محظوظا جدا... لوجوده في مثل هكذا وسط... وسط حريص أكثر من غيره على القلم، وأهمية الكتابة... قاسم وأمين إذن... هما اللذان شكلا توجه ورؤية فنية لكاتب هذه السطور... ونجحا في كبت جموح الكتابة اللامسئولة عنده... وكان هذا بالطبع شرف كبير له.
ربما يتساءل القارئ عن مناسبة هذا القول... ففي هذا العدد من سينما... سيلاحظ سيطرة المقال المحلي على السينما، ثلاثة مقالات عن السينما. وهو بالطبع أمر ليس بالبسيط... إنه يسعد أي شخص يهتم بهذا المجال.
للسينما جمهورها الكبير في البحرين... ولها عشاقها المهتمون بها... والسينما أيضا لها من يكتب عنها من البحرينيين... على رغم من قلتهم. فكتاب السينما عندنا يعدون على أصابع اليد الواحدة... بالطبع هناك الكثيرون القادرون على الكتابة عن السينما والأفلام... ولكن أين هم الآن على الساحة الفنية... أين هم من هذا الكم الهائل من الأفلام التي تعرض على شاشات السينما في البحرين، علاوة على المعروض في سوق الفيديو والدي في دي.
قصدنا مما سبق.. القول إن عشاق السينما ومحبيها كثر... وليعتبرها القارئ دعوة لكل محبي وعشاق هذا الفن الخلاق للمشاركة في مجال الكتابة هذا. وأحب في هذا المكان، أن أنوه بوجود وجه جديد في مجال الكتابة عن السينما.. في مقال أترك تقييمه للقارئ والمهتم.. فدورنا الأساسي هو إتاحة الفرصة لبروز هذه المواهب والاهتمام بها
العدد 156 - السبت 08 فبراير 2003م الموافق 06 ذي الحجة 1423هـ