العدد 155 - الجمعة 07 فبراير 2003م الموافق 05 ذي الحجة 1423هـ

أزمــة رغيــف

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

ان مشكلة البطالة تحتاج الى جرأة رسمية وليس لمساحيق توضع على واجهات الصحافة. والمجتمع البحريني أصيب بتخمة الوعود فبدلا من ان يستيقظ صباحا على قراءة اخبار لمشروعات تستوعب أعداد العاطلين أصبح يفاجأ يوميا بسرقات ما انزل الله بها من سلطان. مصارف تسرق في وضح النهار وإيقاف سرقة واحدة تكفي لحل مشكلة الآلاف من العاطلين عن العمل.

إن أزمة البنك السعودي البحريني كانت 17 مليون دينار تم التعتيم عليها واغفالها في الصحافة والاعتماد على الرهان القديم الجديد: ان ذاكرة الرأي البحريني سريعة النسيان.

ولم تكن هي أول قارورة مالية تنكسر فقبلها ألف قارورة وقارورة، هناك تستر، هناك أعمدة تضلل الرأي العام كما وأن هناك برلمانا خافت الصوت وبلا أسنان.

الأزمة المالية الأخيرة في وزارة الإسكان التي فاحت رائحتها كلها تضغط على ضمير المواطن البحريني... مجتمع نصفه يعيش الفقر وطبقة وسطى متآكلة بدأت في التلاشي ورقابة لا تستطيع إلا أن تنام وفي ظل كل فضيحة مالية لا نسمع أي محاكمة ويكفي السارق تقديم استقالةٍ وينتهي الأمر ويا حليمة لا رحنا ولا جينا، تهانينا.

إن من حق هؤلاء العاطلين ان يُعطَوا ولو قليلا من فتات تلك الأموال التي تسرق وتم نشر بعضها على صفحات الصحف والتي فهم الجميع بعض مفرداتها المبطنة على لسان تصريحات الوزير الجريء في البوح ولو بالإشارة إلى أن هناك أزمة سرقة.

بعض المتنفذين يملأ كرشه بالأموال العامة ثم يختمها باستقالة ولا تعجب إذا ما كرّم في يوم من الأيام.

ان هناك أزمة رقابة مالية وإدارية في مؤسساتنا الخاصة والعامة فاحت حتى وصلت الى ضمير البرلمان البحريني، فالبرلمان البحرين أيضاَ ابتلي بأزمة محسوبية في توزيع مناصبه الإدارية كما جاء على لسان نائبين من نوابه بل نائب الرئيس الأول عبدالهادي مرهون كشف هذه الفضيحة في الصحف وطالب بتوضيح الأمر فليس من الإنصاف أن يوظف في البرلمان أناس وصل بعضهم الى سن التقاعد في حين يبقى الشباب الجامعيون في بيوتهم عاطلين. وهنا يسأل المرء لماذا لم تنشر اسماء الوظائف الشاغرة على صفحات الصحافة؟.

لقد أفجع الرأي العام البحريني فيصل العيناتي مراقب العلاقات العامة في هيئة التأمينات الاجتماعية عندما أفصح عن بعض الفضائح في ندوته التي تم نشر بعضها في «الوسط» في العدد «147».

يقول العيناتي: «قرار إخراج الأجانب من التأمينات أضرنا، فقد أثر بشكل سلبي، فالأجنبي لا يفيد الدولة فهو يستفيد من الخدمات الصحية والحدائق وغيرها ولا يقدم شيئا، لهذا قرر الاستشاريون ان يتم إشراك الأجانب في نظام التأمينات ليستفاد من استثمار إيداعاتهم لدينا فترة عملهم وهناك أكثر من 100 ألف عامل أجنبي ومدخراتهم تبلغ الملايين».

وهناك مشكلة كبرى أيضا يلتجئ إليها بعض المسئولين إذ يقومون بإلزام بعض المواطنين بتقاعد قسري لا ليحل محلهم مواطنون وإنما أجانب، ويبقى سؤال يقدم لوزارة التربية والتعليم عن تلك الرسائل المحملة بوثائق «المدرسين الجدد» - الذين يزمع استجلابهم من الخارج - التي بدأت تنتشر رائحتها هي الأخرى.

ما الفائدة بعد أن ملأتم الكوب بالمدرسين جئتم لتقولوا سنوقف جلب الأجانب؟ قبل وبعد كل شيء يجب ان تعرّفوا المواطن بعدد المدرسين الذين تم جلبهم والمدرسات أيضا، أما عن مشروع حل قضية المدرسات العاطلات فما المانع من إبقاء شهاداتهن مع تدريسهن لتخصصات أخرى، درسوهن ولكن لا يحق لكم إلغاء شهاداتهن وهذا يخالف حتى مواثيق الأمم المتحدة في التعليم فأرجو ألا توقعوا أنفسكم في إشكالية تعليمية ومخطئ من يقبل إلغاء شهادته وما سمعنا بذلك في أي مكان، فالأسلوب الأصح إبقاء الشهادة مع قبول «تفضل» الخطة الجديدة.

هذا عن التربية... إذن المشكلات كثيرة ولكن لوعدنا لندوة العيناتي لأختصر لنا الطريق وأجد ضرورة الوقوف أمام جزء مما طرحه العيناتي في ندوته، ويثمن لفيصل موقفه الجريء والوطني.

يقول فيصل «نسبة العمالة الأجنبية في القطاع الخاص تبلغ 65 في المئة والوطنية 35 في المئة!!! ويقول أيضاَ متسائلا: «ما الذي يضمن إدخال البحرينيين مكان من تقاعدوا مبكرا بل الذي سيحصل هو العكس كما حصل - والكلام لفيصل - في شركة (...) (شفافية) إذ فصلت الكثير من البحرينيين وصارت ضجة كبيرة وبعد مرور 6 أشهر تقريبا وظفت هذه الشركة 150 عاملا اجنبيا تقريبا» سؤالنا هل هذه سياسة لبحرنة الوظائف أم اجنبتها؟ هل هذا انصاف؟ يسرح العشرات من المواطنين ليحل ملحهم العشرات من الأجانب.

- لماذا تم توظيف 150 عاملا أجنبيا؟

لقد جاءوا على أنقاض أرزاق عشرات المواطنين المفصولين.

- أين هي وزارة العمل من كل ذلك؟ لماذا لا يكشف عن اسم الشركة؟ لماذا لا يتم محاسبتها؟ أين الرقباء في وزارة العمل؟ ألم نقل سابقا «الأجنبي يفرخ أجانب».

إنها مفارقة كبرى تدل على ان هناك طبقية آخذة في الاتساع إذ يقول فيصل: «لا يوجد حد أدنى للرواتب فهناك من المؤمن عليهم من العمال البحرينيين من لا تتعدى رواتبهم 60 دينارا إلى 70 دينارا والمفارقة في وجود أشخاص يصل راتب أحدهم إلى 56 ألف دينار شهريا.

ليس راتبه ألفا أو ألفين أو ثلاثة أو عشرة بل 56 ألف دينار.

الناس في البحرين لا تريد لا ألفا ولا ألفين وإنما تبحث عن مالٍ يحفظ كرامتها فما هذه التنمية التي تعجز عن استيعاب 15 في المئة من العاطلين؟ فإذا كان يفترض ألا يقل راتب العائلة المكونة من خمسة أشخاص عن 300 دينار ليحفظ جزءا من الكرامة فما حال الإنسان الذي لا يمتلك دينارا واحدا ومتزوج، بل بعضهم أطباء وأصحاب شهادات عليا؟

أليس مخجلا لوزاراتنا ولجامعاتنا ان ترى على صفحات الصحف دكاترة عاطلين (حسين العلوي مثلا) وهي تغص بالأجانب؟

ما هي ردة فعلهم وهم يشاهدون صورته وهو يرفع شهادة؟ هل يحتاج هؤلاء الى محسوبية حتى يروا نور العمل؟ كل الوزارات بلا استثناء أمام المساءلة ولكن نتمنى أن يكون هناك من يسمع ألم هؤلاء ويتلمس حزنهم وكفانا خططا لا نراها إلا في الصحافة

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 155 - الجمعة 07 فبراير 2003م الموافق 05 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً