لا أظن أن مجلس الشورى سيرفض مشروعات الاقتراض الثلاثة، لأسباب مختلفة، بعضها قد يكون وجيها، وبعضها يتعلق بطبيعة تركيبة المجلس، وشعور بعض أعضائه أنهم موظفون لدى الحكومة. وفي الأصل ليس المطلوب من المؤسسة التشريعية رفض المشروعات. وعلى العكس، فإن المطلوب دائما هو التعاون مع السلطة التنفيذية، وإبداء الرأي الموضوعي بما يفيد التنمية في البلد.
والإشكال الذي أثير بشأن بت مجلس النواب في مشروعين بالإيجاب (قرض 15 مليون دينار كويتي لتوسعة محطة الحد للكهرباء، ورفع سقف الاقتراض بواسطة إصدار السندات إلى 900 مليون دينار بحريني)، لا يتعلق بمبدأ الموافقة، وإنما بالآلية التي اتبعها المجلس في اتخاذ قرارات بذلك، إذ لم يلتق النواب بخبراء محايدين، ولم يتم التعرف على جدوى مشروع محطة الحد، ولا أهم المشكلات التي واجهت مرحلته الأولى، وما سيتم تشييده في المرحلة الثانية.
وحتى فيما يخص القرض الذي تم رفضه (500 مليون دولار) والموجه إلى مشروعات عدة من بينها توسعة ألبا وانشاء الفورمولا واحد، والذي تتحمل الحكومة الجزء الأكبر من الخطأ في رفضه، لكن ذلك جعل البنوك الدولية الممولة لمشروع الفورمولا تطلب إيضاحات بأن لا يتعطل المشروع. ولما كان من واجب مجلس النواب تفادي أي ارباك، والعمل على تصحيح خطأ الحكومة، فكان يمكن له أن يقول للحكومة: لن أصوت الآن، وسأنتظر التفاصيل، وسأعقد جلسة استثنائية للبت في القرض، وهذا ربما يكون دور مكتب النواب والرئاسة. المأمول أن يستفيد مجلس الشورى من الاسبوعين المقبلين لتوفير معلومات كافية عن المشروعات التي تريد الحكومة الاقتراض من أجلها، خصوصا أن المجلس لن يجتمع الاثنين المقبل 9 فبراير/ شباط الجاري، أي ستكون أمامه بضعة أيام إضافية للتدقيق في مشروعات يثير حولها البعض أسئلة.
إلى ذلك، سيحمل المجلسان أكبر مما يحتملان لو كلفا في هذه المرحلة بالحديث مع الحكومة عن الأولويات، وإن كانت بالفعل هذه المشروعات لا غيرها هي المطلوب تنفيذها. ويكفي الناس ـ في المرحلة الحالية ولحين وقوف البرلمان على رجليه ـ التدقيق قبل التصويت، للتأكد من أن مشروعات الاقتراض الحالية مبرراتها مقنعة، بعيدا عن ما يسمى خططا استراتيجية.
بالنسبة للنواب، فقد يكون المحك في مراقبة أداء السلطة، إذ يتطاير الكلام عن فساد فاحش تم في بناء المرحلة الأولى لمحطة الحد، مثلا، ويكفي الناس تقليل الفساد، وتقليل نسبة العمولات
العدد 155 - الجمعة 07 فبراير 2003م الموافق 05 ذي الحجة 1423هـ